الصدر عالق بين "القضية" و"الثأر".. رياح تطرف متعارضة بالعراق
بين "إمامة القضية" و"شيصبانية الثأر" يقف الزعيم الشيعي مقتدى الصدر عالقا بين عالمين من المذهب نفسه، ويسير العراق على جمر التطرف.
رجل واحد تتجاذبه حركتان متعارضتان، إحداهما قديمة وتظهر بين حين وآخر "أهل القضية"، والثانية جديدة تطلق على نفسها "دولة الثأر الحسيني"، ما ينذر بموجة تطرف وانقسام كبيرة بين الشيعة في العراق.
وقبل يومين، ظهرت على سطح الجدل في العراق حركة جديدة غير معروفة مسبقا تطلق على نفسها اسم "دولة الثأر الحسيني"، وظهر قادتها ملثمين في مقطع فيديو انتشر على مقاطع التواصل الاجتماعي.
هذه المجموعة توعدت في المقطع المصور حركة تثير الجدل في العراق بشكل مكثف منذ أكثر من شهر، هي حركة "أصحاب القضية".
الأكثر من ذلك أن "دولة الثأر الحسيني تهجّمت على زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، واصفة إياه بـ"الشيصباني"، وهو مصطلح شيعي يشير إلى رجل له أتباع يوصفون بالكثرة والنشاط، لكن يكون له أثر ضار حتى إنه يقتل وجهاء الشيعة ومبرزيهم.
والصدر ليس الأطروحة الرئيسية في حديث "دولة الثأر الحسيني" فقط، إذ روج "أصحاب القضية" بكثافة متزايدة خلال الأسابيع الماضية إلى أن زعيم التيار الصدري هو المهدي المنتظر، الشخصية المنقذة في الفكر الشيعي.
ما دفع محكمة تحقيق الكرخ منتصف شهر أبريل/نيسان الماضي إلى توقيف 65 متهماً من أفراد تلك المجموعة، متهمة إياها بالترويج لأفكار تثير الفتن وتخل بالأمن المجتمعي.
وعلى إثر ذلك، أعلن زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر، في نفس الوقت، "تجميد التيار الصدري" صاحب الشعبية الواسعة في العراق لمدة عام كامل.
وقال الصدر في تغريدة على "تويتر" إنه لن يستمر في قيادة هذا التيار وفيه من سماهم "أهل القضية" وبعض الفاسدين، على حد قوله.
وسبق هذا القرار إلغاء الصدر "الاعتكاف" الذي يقوم به أنصاره ابتداء من اليوم الـ24 من شهر رمضان ولغاية الـ27 منه في مسجد الكوفة في مدينة النجف جنوب بغداد، بسبب ما سماه "تصرفات بعض الفاسدين ممن يسمون بأهل القضية".
كما جاء قرار إلغاء الاعتكاف بعد أن ظهر على مواقع التواصل الاجتماعي مقطع فيديو لشخص يدعو فيه الذين "سيعتكفون" في مسجد الكوفة إلى مبايعة زعيم التيار الصدري مقتدى الصدر على أنه الإمام المهدي، وعلى ضرورة نصرته.
من هم "أصحاب القضية"؟
"أصحاب القضية" حركة دينية تأسست بين عامي 2007 و2008 خلال فترة العنف الطائفي في العراق، وتضم عددا من أتباع التيار الصدري.
الأساس الفكري لتأسيس هذه الحركة هو أن "الصدر هو الإمام الثاني عشر للشيعة الاثنى عشرية والمعروف بالمهدي المنتظر"، ويستند إلى بعض الروايات الشيعية القديمة التي تدفع "بإمكان حلول روح شخص في جسد شخص آخر"، وهو ما يطلقون عليه "الحلول في القضية".
وتفصيلا، يعتقد أفراد هذه المجموعة أن روح الإمام الثاني عشر لدى الشيعة والذي عاش قبل حوالي اثني عشر قرنا ويٌعتقد لا يزال حيا، وسيظهر في آخر الزمان ليحقق العدل في الأرض، حلت في جسد مقتدى الصدر.
وتلقى هذه الأفكار رواجا كبيرا بين أوساط بعض المتدينين من المسلمين الشيعة بسبب اعتمادها على بعض الروايات والنظريات الشيعية الخاصة "بالمهدي المنتظر"، ومن ثم تطبيقها على الواقع.
لكن الصدر يرفض هذه الأفكار بشدة، ويدعو إلى نبذها ويصف أصحابها بـ"الفاسدين"، بل يطالب التصدي لمجموعة "أصحاب القضية" وإحراق صورها أيضاً.
شقاق؟
الصدر وقبل ظهور "دولة الثأر الحسيني" تحدث عن تحول الصراع مع "الفاسدين" إلى "حرب عقائدية"، ليشعل ظهور "دولة الثأر الحسيني" فرضية الصراع العقائدي والانشاق الشيعي-الشيعي، وفق مراقبين.
إذ كتب المحلل العراقي رعد هاشم، على "تويتر"، إن "عبارة السيد الصدر بتحول الحرب مع الفاسدين إلى حرب عقائدية، يشكّل متغيّرا خطيرا يستحق الوقوف عنده بعض الشيء".
وتابع "البعض يراه (الانشقاق الشيعي-الشيعي الذي كانوا يحذرون منه) آخذ بالانحدار والتصاعد".
في المقابل، يغذي ظهور مثل هذه الحركات المتعارضة على خلفية صراع سياسي بين التيار الصدري والإطار التنسيقي خلال العامين الماضيين هذه الفرضية، وتحول الأزمة السياسية إلى كرة لهب داخل الشيعة في العراق.
aXA6IDMuMTUuMTQzLjE4IA== جزيرة ام اند امز