"صدام الهندي" يفاجئ العراقيين.. الخزعلي وDNA "الإلهاء"
وكأن العراق عالج مشاغله وملفاته الشائكة من الفساد إلى الإرهاب حتى لم يتبق أمامه سوى مناقشة أنساب القبائل ونبش جينات الأحياء والأموات.
موضوع هامشي حاول رئيس مليشيات العصائب الطائفية في العراق، قيس الخزعلي، طرحه في يوم العيد، ليغمس كعك العراقيين في متاهة هو أبعد ما يكون عنها.
أراد الخزعلي إثارة نعرة الأنساب، عبر التشكيك في النسب العربي لقبيلة "الندا" التي ينتمي إليها الرئيس الراحل صدام حسين، ليلقي بذلك قنبلة يدرك جيدا تأثيرها في مجتمع متنوع.
"خطبة بتراء" كما اتفق على تسميتها رواد مواقع التواصل ممن سخروا أولا من التطرق لموضوع مماثل في خطبة عيد الفطر، ومن محاولات الإلهاء التي ينتهجها قائد مليشيات غارقة في الابتزاز والنهب والفساد بأنواعه.
وفي خطبة بمناسبة عيد الفطر، فاجأ الخزعلي، العراقيين بالقول إن تحليل الحمض النووي لرئيس النظام العراقي السابق صدام حسين "أثبت أنه من الهند".
ولم يستوعب أحد من الموجودين العبرة من إقحام موضوع النسب في خطبة العيد، لكن الخزعلي أضاف أن "صدام حسين كان ينشر أقواله عن أن الشعب العراقي أصله من الهند لكن تبين بعد تحليل الحمض النووي أنه هو من الهند".
ومع أن الأنساب علم قائم الذات ويعتمد على دراسات علمية، إلا أن الخزعلي لم يذكر كيف استدل على أصول رئيس النظام السابق، وكيف تعرف على سلالته من خلال فحص الجينات الذي يجري في العادة بمختبرات خاصة.
تغييب بديهي بالنسبة لقائد مليشيا قد لا يفقه معنى الجمل التي أطلقها ولا بعدها العلمي ولا حتى أساسها، مجرد كلمات قد تكون مقتبسة أو متناقلة بشكل غير مسنود أو من دراسات غير موثوقة.
إلهاء
لم تنطل خطبة الأنساب على العراقيين، بل أثارت جدلا واسعا عبر وسائل التواصل الاجتماعي، حيث هاجم كثيرون ما وصفوه بأقوال تسعى لإلهاء الجمهور بعيدا عن الأحداث المهمة، فيما تناقل آخرون تصريحات لنسابين في أصول القبائل العراقية تحدثوا عن أصول العراقيين العربية.
وحتى في حال لم يكن بعض العراقيين عربيا، فإن لا أحد يدرك حتى الآن الغاية من إقحام أنساب قبيلة الندا أو غيرها في خطبة العيد، ثم ماذا إن كانت جذور صدام حسين هندية؟ مالذي سيتغير في تاريخ العراق أو مستقبله؟ هل سيحرص المؤرخون على نبش مجلدات التاريخ وإضافة المعلومة لتغيير مجرى الأحداث؟.
العراق بلد التنوع منذ تاريخه القديم، فلقد حكمه البويهية وهم فرس، والسلاجقة وهم ترك، والجلائرية وهم مغول، وولاة بغداد من المماليك العثمانية، ولطالما كانت بلاد الرافدين تفتخر بهذا التنوع العرقي والطائفي والديني.
مراقبون أكدوا أن ما حصل لم يكن أكثر من عملية إسقاط ركيكة تنشد ذر الرماد على العيون، أو تستبق أحداثا معينة قد تضع المليشيا وزعيمها أمام مقصلة محاسبة، أو محاولة منها لإثارة النعرات العرقية أو التمهيد لشيء ما.
إجماع حشر أقوال الخزعلي في زاوية ضيقة وعكس ضده الهجوم حيث اعتبر رواد مواقع التواصل أنه كان الأجدر به بدل مناقشة أصول صدام وعشيرته، معالجة معضلة الفساد ونهب البلاد، وهي الاتهامات التي تلاحقه هو والمليشيا التي يقودها.
فساد
وقبل سنوات، اندلعت حرب اتهامات بين مليشيا العصائب وتيار الحكمة في العراق، وتبادل الجانبان رسائل نارية تراشقا فيها وفضحا من خلالها دفاتر بعضهما البعض.
وحينها، كتب القيادي في تيار الحكمة أحمد الساعدي، رسالة حادة إلى الخزعلي اعتبر نشطاء أن مضمونها كان من بين ما لم يستطع أحد البوح به خوفا من سطوة المليشيا.
وفضحت الرسالة فساد المليشيا، وقال فيها الساعدي للخزعلي: "من كان بيته من زجاج فلا يرمي الناس بالحجارة".
وأضاف أن "قياداتكم المليشياوية الفاقدة لأي كياسة ودراية، وبأسلوب العصابات، تكيل الشتائم والاتهامات لمشروعنا الوطني"، متهمًا العصائب بأنهم "جماعة لا تفقه بالسياسة، وكل ما لديهم هو القدرة على إرهاب وابتزاز الناس العزل والأبرياء".
وتابع: "إن كنت حريصًا يا شيخ العصائب على هذا الوطن، فالأولى بك أن تحاسب أتباعك الذين يشتبه في أنهم نهبوا مصفى بيجي ومعداته التي تقدر بالمليارات، حاسبهم إن كنت صادقًا على ما يراج حول سرقتهم لبيوت المسيحيين واستيلائهم عليها في الكرادة وزيونة، وقائمة الموبقات تطول والله المستعان".
aXA6IDE4LjE5MS4yMzcuMjI4IA==
جزيرة ام اند امز