"إرهاب الأسواق" بالعراق.. داعش ينشد شهادة وجود بـ"صدى الدم"
خلايا نشطة لا يزال داعش يحتفظ بها في محافظات عراقية تعود لتكتيك "صدى الدم" في محاولة لإعلن الوجود عبر صدمة إحداث أكبر عدد من القتلى.
استراتيجية قديمة تتجدد لتنظيم يحاول يائسا الحفاظ على فلوله المتمركزة ببعض المحافظات شمال العراق وغربه، تتحدى يقظة الجيش وتستثمر بعض الثغرات الأمنية التي غالبا ما تشوب الحروب ضد الإرهاب.
ولتدارك وهنها عقب الضربات العسكرية المتلاحقة، تسعى فلول التنظيم إلى محاولة الضرب خلال المناسبات الدينية التي غالبا ما تتخللها تجمعات عائلية وحركة تنقل حثيثة بين المدن.
وفي أحدث محاولات التنظيم الفاشلة، أعلن جهاز الأمن الوطني بالعراق إحباط مخطط إرهابي لاستهداف أسواق محافظة كركوك الواقعة شمالي البلاد.
وفي بيان نشرته وكالة الأنباء العراقية "واع"، قال الجهاز إن وحداته تمكنت، في إطار عملية نوعية وجهد ميداني واستخباري بمحافظة كركوك بالتنسيق مع قيادة المقر المتقدم للعمليات المشتركة وقيادة شرطة المحافظة، من الإطاحة باثنين من عناصر داعش الإرهابية أحدهما عنصر بارز يكنى بـ"أبو دجانة".
وأوضح البيان أن عملية الاعتقال جرت وفقاً لمذكرات قضائية بعد أقل من ساعات على استهدافهما نقطة للشرطة المحلية في المحافظة".
وأثناء التحقيقات، جاء في اعترافات الإرهابيين أنهما "كانا يرومان استهداف المواطنين والأجهزة الأمنية في مناطق متفرقة من المحافظة خلال الأيام المقبلة بهدف زعزعة الأمن والتسبب بحالة من الرعب والفوضى عبر سلسلة تفجيرات في الأسواق العامة المكتظة بالمواطنين".
"إرهاب الأسواق"
كتنظيم إرهابي، يعتمد داعش منذ ظهوره على نوع من الاستعراض الإعلامي المروع المتركز أساسا على بث مقاطع فيديو توثق مجازره وتظهر قطع الرؤوس والإعدامات الوحشية.
تكتيك لطالما أراد التنظيم من ورائه إحداث صدمة نفسية لدى المتلقي وخلق حالة من الخوف التي غالبا ما تخلق لدى المراهقين والشباب نوعا من الانبهار شبيها بما يحدث لديه حين يتابع فيلم حركة تغمره مشاهد القتل والدمار.
وبلعبه على هذا الوتر، نجح التنظيم في مرحلة ما في استقطاب آلاف الشباب بصفوفه، تماما كما استقطب عناصر العصابات والتنظيمات الأصغر، وبذلك حشد صفوفه بمسلحين استطاعوا في 2014 السيطرة على ثلث أراضي العراق.
ففي البداية، اعتمد التنظيم في قتاله على الوسائل الأكثر تقليدية، تمثلت في حشد أعداد كبيرة من المسلحين في ساحة المعركة، ولكنه غيّر تكتيكه عندما شنت قوات التحالف الدولي حملتها الجوية ضده.
التنظيم عمد أيضا إلى استغلال الضوابط القانونية الأمريكية بشأن تنفيذ العمليات العسكرية قرب المدنيين، وكثيرا ما استخدم مدنيين دروعا بشرية، وهذا ما حدث قبل سنوات في الموصل حين تقدم إليها الجيش لكنه لم يستطع استهداف عناصر التنظيم حينها لأنهم انسحبوا بشكل جماعي من المدن الواقعة على طول الطريق.
وأثناء انسحابهم، جمع المسلحون عددا كبيرا من المدنيين لمرافقتهم على الملأ، فلم تستطع القوات العراقية وقوات التحالف الرد، خوفا من إلحاق الأذى بالمدنيين.
ورغم نجاح الجيش العراقي العام 2017، في تحرير البلاد من داعش، إلا أن فلول التنظيم الإرهابي لا تزال رابضة في شكل خلايا نشطة وأخرى نائمة تنتظر أي نقطة ارتكاز يمكن استثمارها لتحريك الفوضى، المناخ الملائم لانتعاش الإرهاب.
وبعد أن استخدمهم دروعا بشرية في فترة سيطرته، بات المدنيون هدف التنظيم عقب دحره، لإحداث أكبر حصيلة ممكنة من القتلى، وبالتالي خلق صدى إعلامي ينعشه ويعيده لواجهة الأحداث ويحييه مجددا في أعين الشباب والمراهقين.
ولتحقيق أهدافه، تعتمد فلول التنظيم على "إرهاب الأسواق"، عبر استهداف تجمعات المدنيين سواء الأسبوعية أو خلال المناسبات، حيث عادة ما يحتشد المواطنون لابتياع ملابس العيد واحتياجاتهم.
هدف لم ينجح في ظل يقظة الجيش العراقي وتمكنه من أساليب التنظيم القائمة على استخدام الانتحاريين كأحد الأسلحة التقليدية أو التعويل على الأجهزة المتفجرة المرتجلة للمركبات الانتحارية على نطاق واسع كأسلحة لإحداث صدمة أو اختراق موقع ما.
نجاح رغم الثغرات
رغم الثغرات الأمنية، نجح العراق في مواجهة مخططات داعش وذلك بفضل الجهد الاستخباري والمعلوماتي الدقيق والكشف والتحري السريع وإملاء الفراغات.
ومع الوقت والاستفادة من أخطاء الماضي، استطاع الأمن العراقي بشكل عام معالجة الهنات وتضييق الثغرات والتعامل مع الأهداف الأكثر خطورة واستباق الهجمات بمخادعة سوقية وتعبوية.
كما ساهم التنسيق الناجح بين الوحدات الأمنية في تهيئة أرضية ملائمة لتضييق آمال التنظيم بالعودة، حيث باتت منطقة الحركات الفعلية بالكامل تحت سيطرة القوات الأمنية، ما يدعم جهود الجيش ويمنحه أدوات الردع المباشر وغير المباشر.
وفي مارس/ أذار الماضي، أعلن مسؤول عراقي أن داعش يحتفظ بنحو 400 إلى 500 مقاتل بالبلاد، في أرقام تبدو ضئيلة مقارنة بأخرى أعلنها مجلس الأمن الدولي بتقرير نشره في فبراير/شباط الماضي، أشار فيه إلى أن التنظيم يمتلك "ما بين 5 آلاف إلى 7 آلاف عضو ومؤيد ينتشرون بين العراق وسوريا نصفهم تقريبا من المقاتلين".
وبحسب مسؤولين عراقيين، يتركز نشاط التنظيم الإرهابي في الأنبار (غرب) ونينوى والموصل (شمال) ومسرح عمليات يضم كركوك (شمال) وديالى (شمال شرق) وصلاح الدين (شمال) إضافة إلى شمال العاصمة بغداد.
aXA6IDE4LjIxNy45OC4xNzUg
جزيرة ام اند امز