حرب أسفل الجدار.. أبراج العراق الكهربائية تتساقط
اتسع خلال الساعات الماضية مسرح عمليات استهداف أبراج نقل الطاقة في العراق ليصل إلى العاصمة بغداد.
حتى الأربعاء الماضي، كان مسرح عمليات استهداف أبراج نقل الطاقة التي أطلق عليها شعبياً "حرب أسفل الجدار" تدور بالقرب من مناطق نائية وشاسعة تنحصر في الشمال وبعض الأجزاء الغربية من العراق.
إلا أن خلال الـ24 ساعة الماضية، سجلت حوادث استهداف أبراج الكهرباء في وسط البلاد وسرعان ما تلاحقت تلك الأحداث لتنتقل إلى أطراف العاصمة بغداد حتى وصلت لضرب خطوط حيوية وحساسة جداً.
إذ استهدفت تفجيرات، الخميس الماضي، خط نقل فائقا في محافظة كربلاء قرب مناطق مأهولة بالسكان وتلاها بساعات حادث مماثل عند قضاء الطارمية شمال العاصمة بغداد، فيما سرقت معدات أبراج قيد الإنشاء عند منطقة بسماية.
وعلى أثر تلك التطورات في تغيرت بوصلة الهجمات، وصفت وزارة الكهرباء ما حدث في كربلاء وأطراف بغداد، بأنها "حرب معلنة"، تنقل البلاد من المواجهات العسكرية إلى استنزاف الخدمات.
وعلى ما يبدو أنها حرب بلا هوادة لا تريد أن تتوقف عند ضرب أبراج عابرة لا على التعيين، حيث استهدفت تفجيرات بعبوات ناسفة، فجر أمس الجمعة، خطين لمحطات مياه العاصمة بغداد من جانب الكرخ، ما أدى بوزارة الكهرباء إعلان "النفير العام"، وذياع وصيتها على مسامع المواطنين.
تفجيرات لامست حياة المواطن من أقرب شرايين الحياة، مما دفع برئيس الوزراء مصطفى الكاظمي، الدخول على خط "حرب الأبراج"، في عقد اجتماع طارئ ضم كبار مسؤولي الطاقة والأمن في البلاد، بغية وقف عجلة التفجيرات وتحصين الخطوط الناقلة للكهرباء.
ووجه الكاظمي خلال الاجتماع الذي عقده بعد ظهر أمس الجمعة، "باستنفار القطعات الأمنية والعسكرية والاستخبارية كافة لتأمين حماية الأبراج، وتعزيز أعداد القوات المكلفة بحمايتها، فضلاً عن تشكيل خلية أزمة لمراقبة حماية الأبراج".
وسجل العراق منذ مطلع العام الحالي، تفجيرات استهدفت 174 برجاً لنقل الجهد الفائق، تركز أغلبها بالمناطق الشمالية عند مسارات مرورها في نينوى وصلاح الدين وكركوك.
وخلال الأسبوع الماضي، طالت تفجيرات بعبوات ناسفة نحو 45 برجاً لنقل الطاقة، مما أسفر عن انقطاع تام في التيار الكهربائي لعدد من المحافظات الشمالية.
ويمتلك العراق نحو 40 ألف برج فائق لنقل الطاقة يقع منها أكثر من 19 ألف شمالي وشرقي البلاد، أغلبها يمر من مناطق صحراوية وأرض شاسعة مفتوحة يصعب السيطرة عليها أمنياً.
وشهدت بعض من محافظات العراق الجنوبية، أثر تلك التفجيرات، تراجع بمستوى التجهيز بالتيار الكهربائي في الشهر الماضي وصل إلى انهيار تام استمر أكثر من 72 ساعة، تزامن مع ذروة فصل الصيف بعد ان تجاوزت الحرارة نصف درجة الغيلان في بعض المناطق.
المتحدث باسم وزارة، أحمد موسى، في تصريح لـ"العين الإخبارية"، يقول إن "الاستهدافات بدت باتخاذ طرق نوعية جديدة، إذ أنها كانت خارج المدن، والآن أصبحت في داخلها وطالت حتى مشاريع الخطوط الناقلة المغذية لمشاريع المياه والمستشفيات والمراكز الاستراتيجية التي تمس حياة المواطن".
وأكد موسى أن "التفجيرات منذ بداية العام الحالي وحتى ليل أمس الجمعة، طالت 174 برجاً في محافظات عدة، حتى إن حديد الأبراج في مخازن الوزارة بدأ ينفد".
استدعاء نيابي لـ3 وزراء
وعقب قرار رئيس الوزراء بتشكيل خلية أمنة طارئة، قررت لجنة الطاقة في مجلس النواب، استضافة وزراء، الكهرباء والدفاع والداخلية، على خلفية الاستهدافات الأخيرة التي تعرضت لها أبراج الطاقة في العراق.
وقال عضو اللجنة، زهرة البجاري في تصريح تابعته "العين الإخبارية"، إن "تعرض أبراج الطاقة الى الاستهدافات يعد عملا إرهابيا، إضافة إلى أن هذا العمل يوضح لنا بوجود خروقات أمنية ويدعو لتدخل شرطة الطاقة، فهناك شرطة متخصصة بهذا الموضوع لحماية الأبراج والمؤسسات الحكومية، وهي لم تقم بدورها بصورة صحيحة".
وأضافت زهرة البجاري، أنه "لذلك قامت لجنة الطاقة النيابية باستضافة وزير الكهرباء ووزير الداخلية ووزير الدفاع والجهات المسؤولة عن هذه الخروقات الأمنية الموجودة في البلد، لتوضيح إجراءاتها، ومن المفترض أن تقوم اللجنة بتلك الاستضافة باعتبار من اختصاصها متابعة شرطة المنشآت الحكومية ومنها أبراج الطاقة الكهربائية".
وكانت العمليات المشتركة أعلنت الأسبوع الماضي، اتباع إجراءات أمنية جديدة لمعالجة الاستهدافات المتكررة، إلا أنها لم تأت أكلها في إيقاف تلك التفجيرات.
في السياق يرى المحلل السياسي علي الكاتب، أن ما باتت تعرف بـ"حرب الأبراج "، وما يتوازى معها من تحديات في مجال مواجهة تنظيم داعش وكبح نفوذ المليشيات المسلحة، تدلل على أن البلاد ساحة فقيرة أمنياً ولا تمتلك الحصون الكافية لردع المخاطر والتهديدات القائمة .
ويضيف الكاتب خلال حديث لـ"العين الإخبارية"، أن "استهداف الطاقة مرحلة متقدمة من الحرب تهدف إلى شل الاقتصاد العراقي وتعطيل جميع النواحي المتعلقة بهذا الجانب بما فيها الصناعة والصحة والإنتاج بشكل عام".
ويشير إلى أن "العراق في مواجهة حروب استنزاف منذ عقود على مستوى الوقت والجهد والأموال والموارد البشرية والعسكرية حتى وصلت اليوم إلى مستويات أخطر وأبلغ عمقاً وتأثيراً".
ويربط الكاتب المعالجات الناجعة لإيقاف سيناريو هجمات الأبراج، بـ"نقاء القرار الوطني وسلامة المنظومة الأمنية من الخروقات الحزبية بما يهيئ لوضع خطط وتصورات عملية وميدانية تحفظ خطوط النقل الفائق من السقوط بتلك التفجيرات".
وبشأن إمكانية وضع اليد على الجرح بعد دخول الكاظمي على خط الأزمة بشكل مباشر، يؤكد الكاتب أن "الأمر لا يتعلق بإجراءات أمنية مشددة وإنما في جوانب سياسية يرتبط منها بمصالح دول وقوى إقليمية".
فيما يرى خبير الطاقة علاء الأسدي، أن التقنيات التكنولوجية الحديثة كفيلة بوضع حد لتلك التفجيرات وإيقاف مسلسل تهاوي أبراج نقل الطاقة.
ويبين الأسدي، في حديث لـ"العين الإخبارية"، أن "هنالك خدمات توفرها (كوكل إيرث) وبرامج حاسوبية متاحة فقط للحكومات تستطيع من خلالها تتبع أبراج نقل الطاقة وإحباط إي محاولة استهداف".
aXA6IDE4LjIxNy4xOTMuODUg جزيرة ام اند امز