"المنطقة المحظورة".. أكراد العراق تحت رحمة "مسيرات أردوغان"
بين العيش تحت سيف الحاجة، وفقدان الحياة في غارة لطائرة مسيرة لا تملك عيونا رحيمة، يعيش الأكراد في "المنطقة المحظورة" بالعراق.
وذكر تقرير لصحيفة "الجارديان" البريطانية، أن الحياة بمنطقة العمادية في جبال زاجروس، وهي سلسلة جبلية في منطقة كردستان بين تركيا والعراق، صعبة وشاقة، تحت وطأة الصعوبات الحياتية وغارات الطائرات المسيرة التركية.
وكانت المنطقة موطنًا للمجتمعات الكردية والآشورية منذ آلاف السنين، لكن وطأة غارات الطائرات المسيرة تسببت في انقطاع سبل العيش ودفعت العائلات إلى الفرار من المنطقة.
ووفق الصحيفة، فإن الصراع بين تركيا وحزب العمال الكردستاني أودى بحياة المدنيين العراقيين بشكل متزايد منذ انهيار وقف إطلاق النار بين الطرفين عام 2015.
وتقول منظمة آير وورز، وهي منظمة غير حكومية معنية برصد ضحايا الغارات الجوية حول العالم، إن ما بين 27 و33 مدنيا عراقيا قتلوا وجرح 23 شخصا آخرين العام الماضي، أي ما يزيد عن ضعف عدد القتلى المدنيين في عام 2019.
ويشاهد سكان العمادية، وغيرها من المناطق المستهدفة، الطائرات التركية المسيرة "وهي تحلق بصمت فوق قمم الجبال، لكن المخاوف كبيرة بشأن المستقبل"، وفق الصحيفة البريطانية.
وأورد التقرير قصة مقتل ثلاثة أصدقاء؛ محسن سبيري وحسن صديق وصفار سيني، حيث خرجوا لصيد للأسماك وجمع العسل البري والفطر، لكنهم لم يعودوا، وعثر على جثثهم في وادي زيري بالمنطقة بعد 10 أيام، ممزقة إلى أشلاء بعد أن قصفتهم طائرة مسيرة تركية.
كان اسم سبيري وأصدقاؤه ضمن قائمة متزايدة من الضحايا المدنيين إثر تصعيد تركيا معركتها الطويلة ضد المسلحين الأكراد خارج حدودها.
وأدت المعارك بين تركيا وحزب العمال الكردستاني إلى مقتل حوالي 40 ألف شخص، غالبيتهم من المدنيين، منذ اندلاعها عام 1984،
وانهار وقف إطلاق النار بين قيادة حزب العمال الكردستاني وحكومة الرئيس التركي، رجب طيب أردوغان، بسبب مواقف حكومة أردوغان واستهداف الأكراد داخليا وخارجيا.
وكانت جبال العمادية تعرف باسم "المنطقة المحرمة" في ظل نظام صدام حسين لأنها كانت مأوى للقوات الكردية المسلحة. لكن تجدد القتال مع تركيا أدى إلى إفراغ ما يقدر بنحو 400 قرية وقتل ما يقرب من 100 مدني حتى الآن،
وفقًا لمجموعة "كريستيان بيسميكر تيمز" الدولية الحقوقية، فإن الضربات الجوية التركية وضربات الطائرات المسيرة أصابت حتى الآن ما يصل إلى 70٪ من قمم المنطقة الوعرة.
وتسبب زيادة العنف في صدمة في جميع أنحاء العمادية دفعت الكثير من العائلات إلى اللجوء لمراكز المقاطعات مثل مدينة درلوك، ومن بينها عائلة الراحل سبيري، لكن هذا أيضا أدى إلى اكتظاظ السكان بتلك المناطق ونقص فرص العمل فيها.
ونتيجة لمحدودية الفرص الاقتصادية، يضطر العديد منهم إلى العودة لجبال العمادية من أجل بيع الأعشاب البرية والفطر والعسل، وهو مصدر دخل كبير.
ويقول باكستيار، نجل محسن سبيري، للصحيفة البريطانية: "كل ما نريده هو كسب لقمة العيش على أرضنا، لكن أوطاننا تحولت إلى ساحة للألعاب السياسية وألعاب القوة. كل من الأتراك وحزب العمال الكردستاني ملطخة أيديهم بدماء الأبرياء".