الإمارات ترمم مسجد النوري بالموصل بتكلفة 50.4 مليون دولار
نورة الكعبي أكدت أن إعادة بناء معالم العراق الأثرية هي عملية بناء لمستقبل أجيال عربية تنبذ الحروب وتؤمن بالتعددية والاعتدال.
اتفقت دولة الإمارات مع العراق ومنظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "اليونسكو" وبالتعاون مع المركز الدولي لدراسة صون وترميم الممتلكات الثقافية "إيكروم" على إطلاق مشروع إعادة بناء وترميم مسجد النوري الكبير ومئذنته الحدباء في مدينة الموصل العراقية، في مشروع يمتد 5 سنوات هو الأضخم من نوعه في العراق وبتكلفة 50 مليوناً و400 ألف دولار.
جرى الاتفاق خلال مؤتمر صحفي عُقد، الأحد، في العاصمة العراقية بغداد وحضره إلى جانب نورة بنت محمد الكعبي وزيرة الثقافة وتنمية المعرفة بالإمارات، فرياد محمد رواندزي وزير الثقافة والسياحة والآثار العراقية وممثلون عن منظمة اليونسكو والوقف السني العراقي ومنظمة التعاون الإسلامي.
جاء ذلك في إطار الزيارة الرسمية التي تقوم بها نورة الكعبي للعراق ضمن الخطوات التنفيذية للمشروع، وذلك على رأس وفد من الدولة يضم عددا من المسؤولين في وزارة الثقافة وتنمية المعرفة.
وقد وقّعت الكعبي مذكرة تفاهم بشأن التعاون الثقافي بين الإمارات العربية المتحدة وجمهورية العراق، وزارت المتحف العراقي والتقت طلبة جامعة بغداد ومن بينهم طلبة من أبناء الموصل.
وقالت نورة الكعبي: "يتزامن انطلاق مشروع إعادة بناء وترميم مسجد النوري الكبير في الموصل مع احتفائنا بمئوية الشيخ زايد بن سلطان آل نهيان رحمه الله ليكون خير ترجمة لحرصنا على إرثه طيب الله ثراه في ترسيخ ونشر القيم التي أورثنا إياها في الوقوف إلى جانب الشعوب العربية الشقيقة، إسهامًا في رخائها وسعادتها وبناء وازدهار أوطانها".
وأضافت: "فرحتنا واعتزازنا اليوم بهذا المشروع نابع من إيماننا بأن للثقافة دورًا كبيرًا في مواجهة الإرهاب ومحاربته هذا الإرهاب وأدواته التي كانت سببًا في تدمير مسجد النوري الكبير ومنارته الحدباء في الماضي القريب ويعكس جهود الإمارات الإيجابية في نشر رسالة الأمل والوسطية والانفتاح ضد التعصب والتطرف الفكري والديني والثقافي".
وأكدت الكعبي وقوف الإمارات قيادة وشعبًا إلى جانب العراق الشقيق وهو يتعافى من آثار الحرب التي استهدفت إنسانه وكيانه وحجره وبشره.
واعتبرت أن هذا المشروع يتكامل مع التزام الإمارات المبدئي بدعم العراق بإجمالي 500 مليون دولار لمشاريع البنية التحتية والكهرباء والمساعدات الإنسانية وغيرها في مؤتمر الكويت الدولي لإعمار العراق المنعقد في فبراير/شباط الماضي، إذ يوفر المشروع أكثر من 1000 فرصة تدريبية ووظيفية للعراقيين خلال تنفيذ المشروع.
وأوضحت أن إعادة بناء معالم العراق الأثرية هي عملية بناء لمستقبل أجيال عربية تنبذ الحروب وتؤمن بالتعددية والاعتدال وإيجاد فرص اقتصادية وإمكانات داعمة للسياحة الثقافية بما تعكسه من استدامة للتنمية وتطور وازدهار لمستقبل العراق.
ووجهت الكعبي الشكر لمنظمة اليونسكو لدورها البارز في هذا المشروع باعتباره تراثا إنسانيًا وجهودها لدعم جميع الأنشطة المتعلقة بحماية الآثار والتراث الإنساني.
يُعتبر "مسجد النوري الكبير" الواقع في الساحل الأيمن للموصل والذي يشتهر بمنارته "الحدباء" المحدبة نحو الشرق، من مساجد العراق التاريخية العريقة وثاني مسجد يبنى في الموصل بعد الجامع الأموي، حيث بناه نور الدين زنكي في القرن السادس الهجري أي أن عمره يناهز تسعة قرون وقد أعيد إعماره مرات عدة، كان آخرها عام 1363هـ/1944م.
ويشتمل مشروع إعادة بناء وترميم مسجد النوري الكبير في الموصل، على إعادة بناء المسجد وخاصة منارته الحدباء وقاعدتها والمباني الملحقة بالمسجد الذي تم تدميره بالكامل خلال سيطرة تنظيم داعش على المدينة، إضافة إلى إعادة بناء البنية التحتية اللازمة حول المسجد والحدائق التاريخية وبناء صرح تذكاري يحوي بقايا المسجد ومساحات ثقافية ومجتمعية وتعليمية لأفراد المجتمع الموصلي.
وحول مذكرة التفاهم في شأن التعاون الثقافي بين الإمارات والعراق، قالت الكعبي، إنها تهدف إلي وضع أساس راسخ للتعاون بين الطرفين في مجالات الثقافة وتنمية المعرفة المتعلقة بالآثار والتراث والفنون والمكتبات تأكيدًا على وحدة الأصول الحضارية والثقافية والهوية القومية المشتركة، ودور الثقافة والفنون في تعزيز العلاقات بين الدولتين، وتوطيد علاقات الأخوة والصداقة بينهما، وإدراكًا لأهمية التعاون المشترك في مجالات الثقافة وتنمية المعرفة، واعترافًا بأهمية دور الحوار الثقافي واللقاءات الثقافية في تعزيز علاقات الصداقة والتعاون.
وأشارت إلى أن المذكرة تتضمن التعاون في مشروعات حماية التراث الثقافي بما في ذلك ترميم الآثار التاريخية، وتبادل الخبرات والمعلومات والخبراء في مجالات الآثار والتراث والفنون والمكتبات، ودراسة الثقافة والآداب والفنون والتراث في كلا البلدين، إضافة إلى التعاون بين المكتبات والمشاركة في الأنشطة والفعاليات الثقافية والفنية.
وأوضحت الكعبي أن مذكرة التفاهم حرصت على إبراز سعي الحكومتين إلى تبادل الخبرات لتسهيل تنفيذ الاتفاقيات الدولية المبرمة من خلال منظمة الأمم المتحدة للتربية والعلوم والثقافة "يونسكو" وغيرها من الاتفاقيات الدولية ذات الصلة بالآثار والتراث والفنون والمكتبات التي صدقت عليها الدولتان وفقًا للتشريعات الوطنية للبلدين.
إضافة إلى تعزيز التعاون بين السلطات المختصة في المجالات المشمولة بغرض رفع مستوى الوعي بالهوية القومية والوطنية وثقافة وتراث وفنون كل منهما لدى الآخر.
ونوهت بأن توقيع البلدين على هذه المذكرة سيدعم تبادل الزيارات بين المسؤولين عن الثقافة وكذلك الكُتاب والمفكرين في كلا البلدين وتبادل الكتب والمطبوعات وتبادل المشاركة في الأنشطة والفعاليات المتعلقة بالآثار والتراث والفنون والمكتبات وتنظيم الأيام أو الأسابيع الفنية والثقافية وتبادل مجموعات فنون الأداء "فنون السينما والمسرح والموسيقى والفنون الشعبية" بين البلدين.
إلى جانب تبادل المعلومات الببليوغرافية والتسجيلات الصوتية والمرئية المعبرة عن التراث والموسيقى والفنون.
وأعربت الكعبي عن أملها في أن تكون مذكرة التفاهم بداية لتعزيز التعاون الوثيق بين البلدين الشقيقين وانطلاق الشراكة الثقافية والمعرفية بين الإمارات والعراق إلى آفاق أرحب من خلال ما تتخذه حكومتا البلدين من تدابير لضمان حماية حقوق الملكية الفكرية وتشجيع الجهود الرامية إلى تعزيز حركة الترجمة والتأليف والنشر.