العراق.. ماذا يحدث ومن هم أطراف الصراع؟
تصاعدت حدة الخلافات في العراق بين رجل الدين الشيعي مقتدى الصدر وخصومه الشيعة المدعومين من إيران مع اقتحام
أنصاره البرلمان وبدء اعتصام مفتوح.
وأدى الخلاف على من سيشكل الحكومة المقبلة إلى تفاقم الشقاق في المجتمع الشيعي الذي يهيمن على السياسة العراقية منذ الغزو الذي قادته الولايات المتحدة وأطاح بالرئيس الراحل صدام حسين في عام 2003.
فما هي خلفية الخصومة، ولماذا تصاعدت، وماذا يعني هذا للعراق وما هي مخاطر العنف؟
من هو الصدر ومن هم خصومه؟
الصدر سليل عائلة دينية بارزة، ويتمتع بقاعدة دعم شديدة الولاء ولديه سجل حافل من الأعمال والقرارات الثورية، ومنها قتال القوات الأمريكية بعد الغزو والاشتباك مع السلطات العراقية.
وقاد فصيل جيش المهدي القوي في السنوات التي تلت الغزو، لكنه حله رسميا في 2008. وتحتفظ سرايا السلام التي خلفته بآلاف المقاتلين المسلحين.
ويمارس الصدر نفوذا كبيرا في الدولة، حيث يشغل أنصاره مناصب عديدة. وقد أكد على أوراق اعتماده كوطني عراقي في السنوات القليلة الماضية بمعارضته نفوذ كل من الولايات المتحدة وإيران.
ويشكل خصومه الشيعة تحالفا يسمى الإطار التنسيقي يضم ساسة متحالفين مع طهران مثل رئيس الوزراء السابق نوري المالكي ومليشيات عسكرية تسلحها وتدربها إيران.
لماذا تصاعدت المواجهة؟
واشتد التوتر منذ انتخابات أكتوبر/ تشرين الأول التي برزت فيها حركة الصدر كأكبر كتلة لها 74 من مقاعد البرلمان البالغ عددها 329 وتراجعت حصة الفصائل المدعومة من إيران إلى 17 من 48 سابقا.
وبعد الفشل في إلغاء نتيجة الانتخابات في ساحات القضاء، شرعت الفصائل المدعومة من إيران في إحباط جهود الصدر لتشكيل حكومة تضم حلفاءه من الأكراد والعرب السنة، لكنها تستبعد الجماعات التي وصفها بالفاسدة أو الموالية لطهران.
وعلى الرغم من تضاؤل عدد ممثليها في البرلمان، فقد تمكنت الجماعات المتحالفة مع إيران من إحباط الصدر من خلال حرمانه من الحصول على ثلثي النصاب القانوني اللازم لانتخاب رئيس دولة كردي- وهي الخطوة الأولى نحو تشكيل حكومة.
وشعر الصدر بالإحباط من هذا المأزق وطلب من نوابه الانسحاب من البرلمان في يونيو/ حزيران الماضي. وأخلت هذه الخطوة عشرات المقاعد للإطار التنسيقي، مما يعني أنه قد يحاول تشكيل حكومة من اختياره.
وطرح المالكي، خصم الصدر والذي يتحين العودة للحياة السياسية، نفسه لمنصب رئيس الوزراء- وهو منصب يجب أن ينتقل إلى شيعي في النظام السياسي العراقي- لكنه تراجع بعد أن انتقده الصدر على تويتر.
ثم طرح خصوم الصدر مرشحا آخر، هو محمد شياع السوداني، الذي يعده أنصار الصدر من الموالين للمالكي. وكانت هذه الخطوة بمثابة القشة التي قصمت ظهر البعير على ما يبدو بالنسبة لأنصار الصدر، مما أشعل فتيل الاحتجاجات.
ماذا يعني هذا بالنسبة للعراق؟
أمضى العراق الآن أكثر من تسعة أشهر بدون حكومة جديدة- وهو رقم قياسي في حقبة ما بعد صدام.
وتزيد المواجهة من الفشل السياسي في بلد يعاني من تردي الخدمات العامة وارتفاع معدل الفقر وانتشار البطالة على الرغم من الثروة النفطية الهائلة وعدم وجود صراع كبير منذ هزيمة تنظيم داعش قبل خمس سنوات.
وفي الوقت الذي أدى فيه ارتفاع أسعار النفط الخام إلى زيادة عائدات النفط العراقية إلى مستويات قياسية، لا توجد ميزانية حكومية لعام 2022، كما تأجل الإنفاق على مشاريع البنية التحتية التي تشتد الحاجة إليها والإصلاحات الاقتصادية.
في غضون ذلك، يعاني العراقيون العاديون من انقطاع الكهرباء والمياه. ويقول برنامج الأغذية العالمي إن 2.4 مليون من السكان البالغ عددهم 39 مليون نسمة في حاجة ماسة إلى الغذاء والمساعدة في توفير سبل العيش.
ويصرف هذا الشلل الانتباه عن مشاكل مثل ارتفاع أسعار الغذاء العالمية والجفاف والتهديد المستمر الذي يشكله تنظيم داعش.
ويواصل رئيس الوزراء المنتهية ولايته مصطفى الكاظمي مهامه في تصريف الأعمال في الوقت الحالي.
ما هي فرص العنف؟
وأثارت دعوة الإطار التنسيقي لأنصاره بالتجمع اليوم الأحد مخاوف من حدوث مواجهة في الشوارع، لكنه ألغى المظاهرات بعد ذلك.
ودعت الأمم المتحدة إلى وقف التصعيد قائلة إن "أصوات العقل والحكمة ضرورية لمنع المزيد من العنف". كما دعا العديد من الزعماء العراقيين إلى الحفاظ على السلم الأهلي.
وتعهد الصدر بالعمل السياسي السلمي، لكن تسانده سرايا السلام المسلحة ويحتفظ كثيرون من أتباعه المدنيين بالسلاح، مما أثار مخاوف من وقوع اشتباكات مسلحة إذا تصاعدت المواجهة.
وسيزعج الخلاف بين الشيعة العراقيين إيران التي لها نفوذ كبير في العراق من خلال حلفائها الشيعة منذ أن أطاحت الولايات المتحدة بخصمها صدام.
وكانت إيران، التي لم تعلق بعد على التطورات الأخيرة، قد تدخلت من قبل لتهدئة الاضطرابات الداخلية في العراق.
كرة الثلج تكبر
واليوم الأحد وصف زعيم التيار الصدري سيطرة أنصاره على المنطقة الرئاسية بوسط بغداد بـ"تحرير" المنطقة الخضراء ، داعيا العراقيين إلى "ثورة الإصلاح".
وقال الصدر، في تغريدة له على تويتر، إن "الثورة العفوية السلمية التي حررت المنطقة (الخضراء) كمرحلة أولى لهي الفرصة الذهبية لكل من اكتوى من الشعب بنار الظلم والإرهاب والفساد والاحتلال والتبعية".
وأضاف: "كلي أمل ألا تتكرر مأساة تفويت الفرصة الذهبية الأولى عام 2016، نعم هذه فرصة أخرى لتبديد الظلام والظلامة والفساد والتفرد بالسلطة والولاء للخارج والمحاصصة والطائفية التي جثمت على صدر العراق منذ احتلاله وإلى يومنا هذا".