الغزو العراقي للكويت.. 30 عاما من جرح في الجسد العربي
الكويتيون يحيون هذه الذكرى وهم يستذكرون الدور المهم لأمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، حين كان وزيرا للخارجية آنذاك
تحل اليوم الأحد الذكرى الـ30 للغزو العراقي لدولة الكويت في الثاني من أغسطس عام 1990، والذي كانت له تداعيات لا تزال تلقي بظلالها على المنطقة العربية.
ويحيي الكويتيون تلك الذكرى وهم يستذكرون الدور المهم لأمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح، حين كان وزيرا للخارجية آنذاك، حيث أدت الدبلوماسية بقيادته دورا مهما في حشد الرأي العام الدولي لدعم ومساندة الشرعية وطرد القوات العراقية.
ويستلهم الكويتيون أيضا من تلك الذكرى العديد من الدروس المستفادة، من أبرزها إعلاء قيم التسامح، وهو ما ظهر في محاولة طي صفحة الماضي ومد يد التعاون مع العراق، والعزيمة والإرادة على تخطي المحن وآخرها حاليا مشاركتهم العالم التصدي لجائحة وباء كورونا المستجد (كوفيد-19)، والوفاء والتقدير لقيادة البلاد والأشقاء الذين ساندوهم في التحرير.
غزو الكويت
في مثل هذا اليوم قبل 30 عاما، قام النظام العراقي السابق برئاسة صدام حسين فجر الثاني من أغسطس / آب 1990 بإعطاء الأوامر لقواته العسكرية بدخول الأراضي الكويتية واحتلالها في محاولة منه لإسقاط الشرعية عن قيادتها وطمس سيادتها وهويتها المستقلة.
ومنذ اللحظات الأولى للغزو، أعلن المواطنون الكويتيون رفضهم للعدوان السافر، ووقف أبناء البلد في الداخل والخارج إلى جانب قيادتهم الشرعية صفا واحدا للدفاع عن الوطن وسيادته وحريته.
ومع هذا الصمود الكبير من الكويتيين عمد النظام العراقي حينها إلى استخدام جميع وسائل التخويف والتعذيب والسجن والاعتقال، كما لجأ إلى اتباع سياسة الأرض المحروقة إذ أشعل النيران في 752 بئرا نفطية وقام بحفر الخنادق التي ملأها بالألغام لتكون في وقت لاحق من فترة الغزو حدا فاصلا بين قواته وقوات التحالف.
في المقابل لم يقف المجتمع الدولي صامتا أمام هذا الحدث الجلل بل أدان الغزو وأصدر مجلس الأمن الدولي في نفس اليوم القرار رقم 660 الذي طالب النظام العراقي حينها بالانسحاب فورا من الكويت.
كما صدرت الكثير من المواقف العربية والدولية التي تدين النظام العراقي السابق وتطالبه بالانسحاب الفوري وتحمله المسؤولية عما لحق بالكويت من أضرار ناجمة عن عدوانه.
قيادة المعركة الدبلوماسية
ويستذكر الكويتيون خلال تلك الفترة الإدارة الحكيمة للأمير الراحل الشيخ جابر الأحمد الجابر الصباح (أمير الكويت آنذاك) والأمير الراحل الشيخ سعد العبدالله السالم الصباح (ولي العهد آنذاك)، وأمير البلاد الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح الذي كان يشغل حينها منصب نائب رئيس مجلس الوزراء ووزير الخارجية.
وإبان الغزو، كان الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح يتولى حقيبة الخارجية، وأدت الدبلوماسية الكويتية بقيادته دورا مهما في حشد الرأي العام الدولي لدعم ومساندة الشرعية الكويتية.
ورتّبت الدبلوماسية الكويتية عقد العديد من المؤتمرات التي أسهمت في كسب الرأي العام الدولي الداعم للقضية.
وأدى الشيخ صباح حينذاك دورًا كبيرًا في حشد التأييد الدبلوماسي العربي والدولي لمصلحة دعم ومساندة الشرعية الكويتية استنادًا إلى خبرته الدبلوماسية الكبيرة منذ بداية تسلمه حقيبة وزارة الخارجية عام 1963 ونجاحه في توثيق علاقات دولة الكويت بالأمم المتحدة ومنظماتها ودولها الأعضاء.
ونجحت الجهود الدبلوماسية في كسب الكويت مساندة دولية، ووقف العالم أجمع مناصرا للحق في وجه الغزو، والذي أثمر في 29 نوفمبر 1990 صدور قرار مجلس الأمن رقم 678 الذي أجاز استخدام كل الوسائل بما فيها العسكرية لتحرير الكويت.
وحدد هذا القرار تاريخ 15 يناير/كانون الثاني 1991 موعدًا نهائيًا للعراق لسحب قواتها من الكويت وإلا فإن حشود التحالف الدولي بقيادة أمريكا سوف "تستعمل كل الوسائل الضرورية لتطبيق قرار مجلس الأمن الدولي رقم 660".
وتشكل ائتلاف عسكري مكون من 34 دولة ضد العراق لتنفيذ قرارات مجلس الأمن الخاصة بانسحاب القوات العراقية من الكويت دون قيد أو شرط، وبدأت عملية تحرير الكويت في 17 يناير/كانون الثاني 1991.
عاصفة الصحراء
وفي17 يناير 1991، بدأت أول غارة جوية شنتها قوات التحالف الدولية إعلانا لبدء عمليات "عاصفة الصحراء" لتحرير دولة الكويت.
وفي 24 فبراير/شباط من العام نفسه توغلت قوات التحالف فجرا في الأراضي الكويتية والعراقية وقسم الجيش البري إلى ثلاث مجاميع رئيسية حيث توجهت المجموعة الأولى لتحرير مدينة الكويت والثانية لمحاصرة جناح الجيش العراقي غرب الكويت أما الثالثة فكانت مهمتها التحرك في أقصى الغرب والدخول جنوب الأراضي العراقية لقطع كل الإمدادات عن الجيش العراقي.
وفجر 26 فبراير 1991 اندحر الجيش العراقي من الكويت بعد أن قام بإشعال النار في حقول النفط، ليتم الإعلان عن تحرير الكويت بعد مرور 100 ساعة من انطلاق الحملة البرية.
قطر والإخوان.. مواقف مخزية
ولا ينسى العالم المواقف المخزية لقطر والإخوان خلال غزو الكويت، فلم تكتفي الجماعة الإرهابية بتأييدهم للاحتلال، بل قاموا بتكوين وفد للذهاب إلى صدام لمقابلته، والشد من أزره في مواجهة قوات التحالف.
أما أمير قطر السابق حمد بن خليفة آل ثاني، وكان حينها وليا للعهد، فاستغل عقد القمة الخليجية في الدوحة في ديسمبر/كانون الأول 1990، وطرح موضوع حدودي حول جزر "حوار" الواقعة تحت السيادة البحرينية التي كان يسعى للاستيلاء عليها.
آنذاك قام حمد بن خليفة، وتحدث عن رفضه التصويت على موضوع تحرير الكويت حتى يتم النظر في جزر حوار، وسحب المايكروفون من والده، وقال: "نحن رؤساء القمة، ولن تتم مناقشة موضوع غزو الكويت إلا إذا حسمنا قضية (حوار)، وأقرت البحرين بأنها لنا"، لكنه بعدها سمع من العاهل السعودي الراحل الملك فهد بن عبدالعزيز ومن بقية القادة ما لا يسره.
دروس مستفادة
ويستلهم الكويتيون في ذكرى الغزو العديد من الدروس المستفادة، من أبرزها إعلاء قيم التسامح، وهو ما ظهر في قيام الكويت وطي صفحة الماضي ومد يد التعاون مع العراق.
وارتكزت سياسة الكويت الخارجية تجاه العراق عبر التعامل مع شعبه بأنه كان مغلوب على أمره وهو ضحية للنظام الحاكم وقتها.
لذلك وقفت الكويت إلى جانب الشعب العراقي، وقال أمير الكويت الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح في تلك الفترة "نحن نفرق جيدا بين النظام والشعب ولا يسعنا إطلاقا أن نسمع عن شعب شقيق يتعرض للجوع والفقر".
واستنادا إلى تلك المبادئ الإنسانية التي تؤمن بها الكويت حكومة وشعبا فقد انطلقت المساعدات الكويتية إلى شعب العراق.
وتماشيا مع مبادئها في دعم الأشقاء وترجمة حقيقية لتسميتها من منظمة الأمم المتحدة (مركزا للعمل الإنساني) فقد استضافت الكويت في فبراير 2019 مؤتمرا دوليا لإعادة إعمار العراق وذلك بعد إعلان الحكومة في بغداد تحرير مدينة الموصل من تنظيم (داعش) في يوليو 2017.
وحصل المؤتمر على تعهدات من الدول والجهات المشاركة بإسهامات قدرها 30 مليار دولار على هيئة قروض وتسهيلات ائتمانية وتبرعات لمساعدة الشعب العراقي في تجاوز محنته.
وتعتبر الزيارة التي قام بها الشيخ صباح الأحمد الجابر الصباح إلى العراق في 19 يونيو/ حزيران عام 2019 دليلا دامغا على النوايا الكويتية النبيلة وخطوة صادقة نحو تعزيز الاتفاقيات السابقة بين البلدين وحل ما تبقى من أمور عالقة وتذليل العقبات أمام التعاون الثنائي في العديد من المجالات.
أيضا من أبرز الدروس المستفادة الوفاء والتقدير لقيادة البلاد والأشقاء الذين ساندوهم في التحرير.
ويستغل الكويتيون أي مناسبة لتجديد الولاء لأمير البلاد والتعبير عن مشاعر الفخر والاعتزاز بالإنجازات التنموية التي تحققت في عهده، والأدوار المهمة التي قام بها خلال المناصب التي تولاها وخصوصا بعد الاستقلال وخلال فترة الغزو العراقي.
ويواصل الشيخ صباح الأحمد، الذي يتواجد حاليا في أمريكا لاستكمال العلاج بعد خضوعه لعملية جراحية ناجحة، مسيرة الحب والعطاء وجهوده المتواصلة للحفاظ على استقرار الكويت وتحقيق الخير والازدهار لأبنائها، في ظل قفزات تنموية ونقلات نوعية لتسريع الخطى نحو تحقيق رؤية (كويت جديدة 2035) الرامية إلى تحويل البلاد لمركز مالي وتجاري إقليمي ودولي، كبداية لمرحلة جديدة والحفاظ عليها كواحة أمن وأمان واستقرار.
aXA6IDMuMTIuMzQuMTkyIA==
جزيرة ام اند امز