هل تتجه السوق العراقية نحو السيارات الهجينة والكهربائية؟

في ظل التغيرات المناخية المتسارعة، وارتفاع أسعار الوقود، وتزايد الاهتمام العالمي بمصادر الطاقة البديلة، بدأت ملامح جديدة تتشكل في السوق العراقية للسيارات، مع ظهور مؤشرات واضحة على تحول تدريجي نحو السيارات الهجينة والكهربائية.
هذا التحول لا يزال في بدايته، لكنه مدفوع بعوامل اقتصادية وبيئية، ويواجه في الوقت نفسه تحديات تتعلق بالبنية التحتية وثقافة الاستخدام.
ملامح التحول.. من الوقود إلى البطارية
دخلت السيارات الهجينة السوق العراقية فعليًا منذ عام 2020، من خلال علامات عالمية مثل تويوتا وفورد، لكنها لم تحقق انتشارًا واسعًا إلا في العامين الأخيرين.
أحد أبرز المحركات لهذا التغير كان قرار رفع أسعار البنزين في مايو/أيار 2024، والذي أعاد تشكيل أولويات المستهلك العراقي، خصوصًا أبناء الطبقة المتوسطة، الباحثين عن وسيلة لتقليل النفقات الشهرية.
وفقًا لتقديرات خبراء السيارات، يمكن للسيارات الهجينة تقليل استهلاك الوقود بنسبة تتراوح بين 30% و50%، مما يجعلها خيارًا اقتصاديًا مغريًا، خاصة في ظل التضخم وتراجع القدرة الشرائية.
دعم حكومي وتحفيزات تشريعية
استجابة للتوجه العالمي، شرعت الحكومة العراقية في تقديم حوافز مباشرة لتشجيع التحول نحو المركبات الصديقة للبيئة. أبرز هذه الإجراءات الإعفاء الجمركي الجزئي على السيارات الهجينة والكهربائية.
بالإضافة إلى تخفيض رسوم التسجيل، وتسهيل إجراءات الاستيراد والتخليص الجمركي.
كما بدأت بعض الوزارات الحكومية، وعلى رأسها وزارة النقل، بتجربة سيارات هجينة ضمن أسطولها الرسمي، لاختبار كفاءتها في الأجواء العراقية الحارة، باستخدام طرازات مثل "تويوتا بريوس".
تحديات بنيوية وثقافية
رغم الزخم المتزايد، تواجه هذه المركبات عدة عقبات، أبرزها غياب البنية التحتية لمحطات الشحن الكهربائي، إذ لا يتجاوز عدد المحطات العامة 25 محطة موزعة بين بغداد وأربيل والنجف.
إلى جانب نقص الورش والفنيين المؤهلين لصيانة البطاريات والأنظمة الذكية الخاصة بهذه السيارات، وضعف الوعي العام، إذ لا تزال شريحة من المستهلكين تعتبر السيارات الكهربائية والهجينة غير مناسبة للبيئة العراقية، رغم تأكيد الفنيين على جاهزيتها للعمل في درجات الحرارة المرتفعة.
سوق واعدة ومنافسة دولية
رغم التحديات، تشير التوقعات إلى أن سوق السيارات الهجينة والكهربائية في العراق ستشهد نموًا مطردًا خلال السنوات المقبلة، بمعدل نمو سنوي مركب يقدر بـ 6.5% حتى عام 2029، وفقًا لتقارير بحوث السوق.
مؤشرات رقمية على التحول
عدد السيارات المسجلة في العراق: أكثر من 8 ملايين مركبة
ارتفعت نسبة السيارات الهجينة المستوردة إلى العراق خلال النصف الأول من عام 2025، لتشكل نحو 10% من إجمالي السيارات المستوردة، مقارنة بـ8% فقط خلال الفترة نفسها من عام 2024، ما يعكس تزايد الإقبال على هذا النوع من المركبات في السوق العراقية
التحول قادم.. لكن بخطى محسوبة
تتجه السوق العراقية بالفعل نحو السيارات الهجينة والكهربائية، لكن هذا التوجه لا يزال في مراحله الأولى. فالدوافع الاقتصادية الضاغطة، والدعم الحكومي، ودخول الشركات العالمية تمثل عوامل محفّزة، لكن نجاح هذا التحول يتطلب توسيع البنية التحتية، وتعزيز ثقافة الاستخدام، وتوفير مراكز صيانة متخصصة، وضمان أسعار مقبولة للمستهلك.