هل تطيح الأزمة الاقتصادية في مصر بالحكومة؟
تفاقم الأزمات الحياتية التي يعاني منها المصريون منذ أشهر، دفع نواب البرلمان للاستنفار والمطالبة مؤخرًا بسحب الثقة من الحكومة الحالية.
دفع تفاقم الأزمات الحياتية التي يعاني منها المصريون منذ أشهر، نواب البرلمان للاستنفار والمطالبة مؤخراً بسحب الثقة من الحكومة الحالية، أو على أقل تقدير، تغيير عدد من الوزراء، في محاولة لإزالة احتقان قطاع واسع من المصريين إزاء أزمات تُنغص حياتهم اليومية.
وربما لا تكون تلك الأزمات مثل ارتفاع غير مبرر لأسعار السلع الأساسية وأزمة اختفاء عدد من هذه السلع، وارتفاع الدولار مقابل الجنيه المصري، وأخيراً أزمة السيول التي ضربت مدن البحر الأحمر، بجديدة على المصريين، لكنها تزامنت في توقيت واحد، وتفاقمت مشكّلة مؤشراً خطيراً يعكس غضباً قد يهدد استقرار البلاد، لا سيما مع دعوات الجماعات الإرهابية بالنزول للتظاهر الجمعة المقبلة.
هذه الخطورة، جعلت الرأي العام في مصر يتساءل إذا كانت الأزمات ستؤدي إلى تغيير الحكومة الحالية، أم أن هذا التغيير الذي بات ملحاً سيتم إرجاؤه لوقت آخر؟
وقبل يومين، أثيرت ضجة داخل أروقة مجلس الشعب المصري، حيث اتهم النواب الحكومة بالفشل وطالبوا بسحب الثقة منها، غير أن هذه الضجة، لم تستطع أن تحسم الإجابة على تساؤل إذا كان سيتم تغيير الحكومة فعلياً أو لا؟ فيما ربط أحد المراقبين تغيير الحكومة بإتمام قرض صندوق النقد الدولي وقيمته 12 مليار دولار.
وأجمع الخبراء في أحاديث منفصلة لبوابة "العين" إن مطالبة النواب بسحب الثقة من الحكومة يشير إلى وجود خلل فعلي في سياسيات الحكومة الحالية، فضلًا عن غياب السياسيات النقدية والمالية اللازمة، لإنهاء الأزمات المتكررة، معتبرين أن هذه الخطوة في حال حدوثها في الوقت الحالي لن تحدث جديداً.
وخلال الجلسة العامة لمجلس النواب المصري أمس الاثنين، فتح النواب كشف حساب كامل لأزمات حكومة شريف إسماعيل خلال الفترة الماضية، ناقشوا فيها البيانات العاجلة التي تقدموا بها، مطالبة الأغلبية منهم بسحب الثقة من الحكومة المصرية، بعد إخفاقها في حل مشكلات المواطنين، حسب قولهم.
النائب علاء عابد، رئيس الهيئة البرلمانية لحزب المصريين الأحرار، قال خلال الجلسة إن "هناك شكاوى كثيرة من الحكومة الحالية وإنها سقطت بحكم الشارع والبرلمان، بعد السيول التي فشلت في التصدي لآثارها واختفاء الزيت والسكر والسلع التموينية وارتفاع سعر الدولار بشكل جنوني حتى قارب على الـ20 جنيها".
ووافق عابد، الذي وصف الحكومة بالميتة إكلينيكيا، النائب مصطفى كمال الذي وصفها هو الآخر خلال الجلسة بـ"الفاشلة" حيث "تسببت في كوراث جابت سيول وارتفاع أسعار والشعب كفر من ارتفاع الأسعار".
متبنياً اتجاها آخر داخل المجلس، قال الدكتور علي عبدالعال، رئيس مجلس النواب: أسهل حاجة نسحب الثقة من الحكومة لكن يجب إجبار الحكومة على تغيير السياسات، مطالبا الأعضاء بالهدوء، فحسب قوله "المتربصون كثيرون ويجب ألا يستثمر أحد توجهات هذا المجلس".
وعبر رئيس مجلس النواب عن رؤيته بقوله: عملية سحب الثقة من الحكومة نحن نملكها، والاستجوابات نملكها، ويجب أن تكون المناقشة هادئة، ونوصل رسالة للرأي العام بأن المجلس يدافع عن قضاياه ومشاكله.
وعقب حضور رئيس الحكومة للمجلس وحديثه عن أن الأزمات الحالية التي تشهدها مصر، نتيجة تراكمات الماضي، وبسبب الحكومات السابقة التي كانت تخشى المخاطرة والمجازفة، قال عبدالعال إن المجلس يتضامن مع الحكومة في جميع القرارات الصعبة التي تتخذها للخروج من الوضع الاقتصادي الراهن.
وخلال الأشهر الماضية، شهدت مصر ارتفاعات غير مبررة لأسعار السلع الأساسية، خاصة المنتجات الغذائية واللحوم، بنسب تجاوزت 100% في بعض المنتجات، إلى جانب اختفاء سلع مثل السكر والأرز من الأسواق دفعة واحدة، خاصة سكر الطعام، كما استمر الارتفاع المطرد في سعر الدولار من 6 جنيهات إلى 18 جنيها في السوق الموازية خلال عام واحد، أثر بدوره على شتى مناحي الحياة في مصر.
وأخيرا كانت أزمة السيول التي ضربت مدن البحر الأحمر مؤخرا وخلفت آثارها دمارا بمدينة رأس غارب وبعض القرى بالصعيد، حيث لقي نحو 29 مصرعهم وأصيب 72 شخصاً خلال 48 ساعة.
ورغم اتفاق فريد زهران، رئيس حزب المصري الديمقراطي الاجتماعي، في حديثه لبوابة "العين" الإخبارية على أن المشهد الحالي يشير إلى وجود أزمة حقيقة من الصعب الخروج منها، لكنه رأى أن الحل ليس "تغيير الحكومة أو التضحية بشخص رئيس الوزراء ومعه الوزراء.. فهو لن يحل الأزمات الحالية".
وأضاف زهران: الأزمات لن تحل ما لم يحدث عودة لمسار التحول الديمقراطي، وإجراء حوار وطني ومسار سياسي وليس إرهابيا.
موافقه الرأي، قال مختار غباشي نائب رئيس المركز العربي للدراسات السياسية والإستراتيجية لبوابة "العين": هناك حالة من الالتباس السياسي واضحة للجميع، فحالة الارتفاع المهيب في سعر الدولار والسقوط المهيب للجنيه المصري، وعدم التحكم في أسعار السلع يجعلنا متيقنون أننا أمام حكومة فاشلة فشلا ذريعا في التعاطي مع متطلبات الناس.
غباشي رأى أن وجود حكومة شديدة لن يغير من الأمر شيئا، خاصة إذا كانت حكومة تسير وتسكين، وإنما من المهم أن تكون حكومة تسيس وتضع سياسيات مؤسسية واضحة، وتمتلك رؤية لتجيب عن أزمات الوضع الحالي.
ولم يستطع زهران أو غباشي معرفة الإجابة عن سؤال ماذا بعد بيانات النواب العاجلة؟ غير أن طارق فهمي أستاذ العلوم السياسية استبعد حدوث تغيير حكومي في الوقت الحالي، رابطاً التغيير بإتمام اتفاق صندوق النقد الدولي.
وفي تصريحات خاصة لبوابة "العين"، قال فهمي إن "الحديث عن التغيير الوزاري احتمالين، هما إزالة الاحتقان في الشارع، والثانية انعكاس لوجود خلل مرتبط بأزمة الدولار، وهي الأزمة الأكثر خطورة لما تتضمنه من معان حول غياب السياسات النقدية والمالية لدى الحكومة.
وأضاف فهمي: الاحتمالان واقعيان لكنهما لا يعنيان تغيير الحكومة الراهنة، خاصة لا يوجد استجوابات أو طلبات من جانب النواب، والدولة المصرية الممثلة في الرئيس تدرك أن هناك متطلبات معينة للمرحلة المقبلة، وأن الحكومة الحالية ليس لديها ما تقدمه، فأداؤها غير جيد، لكنه منحهم فرصة أخيرة في التغيير الأخير.
ورأى فهمي أن هذه الفرصة لن تتكرر، خاصة أنه يجب أن تكون الحكومة هي من ستقدم الرئيس لفترة ولاية جديدة، ويجب في الوقت نفسه أن تكون لديها المقدرة على التعامل مع شروط صندوق النقد الدولي، متوقعاً أن يكون رئيس الوزراء الجديد ذو خلفية عسكرية يستطيع القيام بالمهمتين.
aXA6IDEzLjU5Ljg3LjE0NSA= جزيرة ام اند امز