هل ينتظر "تعديل المسار" في العراق لعام 2025؟
رغم أن الانتخابات العراقية جاءت مبكرة استجابة لاحتجاجات أكتوبر/تشرين الأول 2019 فإن مقاطعة الحراك لها ينذر بأنها لن تكون فرصة حقيقية لتصحيح المسارات وربما الانتظار لانتخابات 2025 أو انتفاضة جديدة.
الانتخابات قاطعتها أيضا قوى حزبية رئيسية في البلاد على رأسها تحالف "المنبر العراقي"(علماني)، يتزعمه رئيس الوزراء الأسبق إياد علاوي والتحالف المدني الديمقراطي يترأسه علي الرفيعي، فضلا عن تحالف البيت الوطني (يمثل الحراك الشعبي).
وتعكس نسبة التصويت التي أعلنت عنها جهات حكومية وغير حكومية عن فقدان ثقة الشارع العراقي في المعطيات التي قامت عليها الانتخابات بصفة عامة والأحزاب بصفة خاصة.
وأعلن تحالف شبكات ومنظمات مراقبة الانتخابات العراقية، "جهة غير حكومية"، أن نسبة التصويت في الانتخابات بلغت 38٪، من عدد الناخبين الذين يقدر بـ25 مليونا حتى وقت إغلاق صناديق الاقتراع الساعة السادسة مساءً.
فيما أعلنت المفوضية المستقلة للانتخابات في العراق، الإثنين، أن نسبة المشاركة الأولية في الانتخابات العامة بلغت 41 في المئة.
ويمثل هذا الرقم أدنى نسبة مشاركة في الانتخابات الخمس التي أجريت منذ الإطاحة بالرئيس الأسبق صدام حسين من السلطة في عام 2003، حيث كان أدنى مستوى سابق في انتخابات عام 2018 عندما بلغت النسبة 5ر44%.
إحباط ويأس
احتجاجات تشرين كشفت عن حجم الإحباط الواسع والعميق في أوساط العراقيين، وخاصة فئة الشباب، من النخبة السياسية العراقية الحاكمة ورغبة واسعة في التغيير.
ورغم مجيء الانتخابات التي دعوا لها تراجعت حماسة وآمال القوى التي قادت الاحتجاجات، في إمكانية إحداث تغيير عبر صناديق الاقتراع ووصل الأمر بأطراف رئيسيه فيها إلى مقاطعة الانتخابات من حيث الترشيح والتصويت.
وكانت محاسبة المتورطين في قتل المتظاهرين على رأس مطالب الحراك المدني والشبابي في العراق، وهو المطلب الذي لم يتحقق حتى الآن ما تسبب في يأس ولا مبالاة قطاع واسع من العراقيين بالانتخابات.
واحتجاجات أكتوبر/تشرين الأول 2019 راح ضحيتها أكثر من 600 قتيل وآلاف الجرحى.
نفس الوجوه
وبحسب مراقبين فإن الانتخابات تخوضها الجماعات السياسية السابقة نفسها، التي تمتلك أجنحة مسلحة متهمة بارتكاب جرائم وتجاوزات كثيرة، وهي نفسها المسؤولة عن الفشل والخراب الذي حل في العراق خلال السنوات الثماني عشر الماضية.
ويرجح كثير من المقاطعين أن تسفر الانتخابات عن تشكيل حكومة توافقية، مكونة من نفس الطبقة السياسية التي تظاهر ملايين العراقيين ضدها على مدى أشهر عديدة، وبالتالي تبدد أي أمل في التغيير.
ونقل موقع الحزب الشيوعي العراقي عن زعيم الحزب رائد فهمي قوله: "إن الانتخابات المبكرة التي جاءت أساسا كمطلب من مطالب الانتفاضة الشعبية، كان الغرض منها هو فتح باب التغيير وليس إعادة المنظومة الحاكمة المسؤولة عن الأزمات".
مناورة سياسية
ومن بين أكثر من 3240 مرشحاً، قدّم كثر أنفسهم على أنهم "مستقلون" عبر حملات انتخابية انطلقت في مطلع شهر يوليو/تموز الماضي؛ لكن العديد من العراقيين يشككون في تخلّي هؤلاء فعلا عن انتماءاتهم السياسية الأصلية.
وفي ظل التنافس بين الأطراف السياسية لا سيما الكتل البرلمانية الكبيرة داخل البرلمان الحالي، خصوصاً تحالف "سائرون" الذي يمثل التيار الصدري وتحالف "الفتح" الذي يضم مرشحين عن الحشد الشعبي، يسعى الزعماء السياسيون إلى الفوز بأكبر عدد من مقاعد البرلمان البالغة 329.
وتبدو ظاهرة المرشحين "المستقلين" الذين لديهم تبعية حزبية سابقة واسعة الانتشار وتشمل أطرافا وكتلا سياسية مختلفة، مثل التيار الصدري بزعامة رجل الدين النافذ مقتدى الصدر، والقائمة الوطنية التي يتزعمها رئيس الوزراء السابق إياد علاوي، وتحالف دولة القانون الذي يرأسه رئيس الوزراء السابق نوري المالكي.
رئيس مركز التفكير السياسي، إحسان الشمري، قال إن "لجوء المرشحين لمصطلح شخصيات مستقلة يهدف إلى نأي أنفسهم عن إخفاقات أحزابهم، وهم يحاولون بذلك تقديم صورة جديدة عنهم غير مسؤولة عن الفساد وسوء الإدارة"، واصفا التصرف بـ"مناورة سياسية".
2025 أو انتفاضة جديدة
ووفق مراقبين فإن التغيير الشامل الذي ينشده الشعب العراقي لن يتحقق خلال هذه الانتخابات لأسباب كثيرة، منها أن القوى الجديدة غير منظمة وغير موحدة ولا تمتلك المال أو الخبرة أو البرامج الانتخابية المدروسة كي تتمكن أن تقنع الناخبين بالتصويت لها.
وفي المقابل فإن القوى القديمة منظمة ومسلحة وتمتلك المال والخبرة ولديها أتباع ملتزمون بالتصويت لها.
وأشاروا إلى أنه رغم ذلك فإن التغيير سوف يحدث كون الشعب العراقي بشكل عام، لم يعد يتقبل وجود الجماعات الفاسدة ما قد يحيل الملف لأحد المسارين إما انتخابات 2025 أو انتفاضة أخرى.
ومن المقرر أن يتم إعلان نتائج انتخابات الاقتراع الخاص والعام في العراق اليوم الإثنين كما تعهدت مفوضية الانتخابات بذلك. ولم يسبق أن حدث هذا الإجراء طيلة الانتخابات الأربع الماضية والتي عادة ما يستغرق فرز الأصوات أسابيع عدة.
وجرت الجمعة الماضية، المرحلة الأولى من الانتخابات التشريعية عبر الاقتراع الخاص الذي شمل منتسبي القوات الأمنية والنازحين ونزلاء السجون.
وحققت الاقتراع الخاص نسبة مشاركة بلغت 69%، بحسب بيان رسمي للمفوضية العليا للانتخابات.