يتوسع في آسيا وأفريقيا وعينه على أوروبا.. موجة إرهاب قادمة لـ«داعش»؟
فتح هجوم داعش في روسيا الباب أمام العديد من التساؤلات بشأن ما يخطط له التنظيم الإرهابي، خصوصا في أوروبا.
ويعتقد محللون ومسؤولون أن التنظيم لا يزال مهزوما في معاقله الأساسية بمنطقة الشرق الأوسط، لكنه حقق تقدما كبيرا في أفريقيا وأجزاء من جنوب آسيا، وفق تقرير لصحيفة "الغارديان" البريطانية.
وأشار هؤلاء إلى أن داعش سيطر على الأراضي والموارد، التي يمكن أن تكون نقطة انطلاق لموجة جديدة من العنف المتطرف.
تأهب في أوروبا
وانتقلت الحكومات الأوروبية إلى أعلى مستويات التأهب منذ سنوات، بعد الهجوم على قاعة للحفلات الموسيقية في موسكو الأسبوع الماضي على يد عناصر داعش، ما أسفر عن مقتل 140 شخصا.
وفي غضون 48 ساعة، زادت فرنسا عمليات المراقبة والتحذير من المخاطر إلى أعلى مستوى، فيما أمرت السلطات الإيطالية بتعزيز الإجراءات الأمنية، وفي ألمانيا وصف المسؤولون الوضع بـ"الخطر الشديد".
وقد أعلن تنظيم داعش مسؤوليته عن الهجوم، الذي وقع قرب موسكو، كأكثر العمليات فتكا له على الإطلاق في أوروبا، بينما يعتقد مسؤولون أنه يخطط لعمليات جديدة ضد أهداف أوروبية منذ عدة سنوات، وفق "الغارديان".
وبين عامي 2015 و2019، عندما أدار «داعش» ما يسمى بالخلافة عبر مساحة من الأراضي التي سيطر عليها في شرق سوريا وغرب العراق، لم تكن القيادة المركزية للتنظيم في حاجة كبيرة إلى الفروع المنشأة حديثا، لشن عمليات في أوروبا.
فقد كان لديها كل الموارد اللازمة لذلك، من خلال المجندين الأجانب والمال وبعض معسكرات التدريب، وقد ترجم ذلك بسلسلة من الهجمات المميتة في فرنسا وبلجيكا.
ومع ذلك، فإن سنوات من عمليات مكافحة الإرهاب التي نفذتها قوات الأمن المحلية والولايات المتحدة وغيرها، أدت إلى إضعاف داعش في معاقله السابقة، وأصبحت المجموعة مجزأة وضعيفة.
التخلي عن "الخلافة" المزعومة؟
وقال مسؤولون أمنيون غربيون على دراية بتنظيم داعش، إن التنظيم تخلى عن مشروعه لإعادة بناء ما يسمى بالخلافة المزعومة، لكن الضربات الناجحة على أهداف دولية تعتبر مفيدة لمعنويات عناصره، ولمسمى التنظيم، وتعوض الفشل الذي ناله التنظيم في سوريا.
وأدت عمليات مكافحة الإرهاب الأخيرة التي قادتها الولايات المتحدة إلى مقتل عدد من قادة تنظيم داعش في سوريا، الذين يُعتقد أنهم كانوا يخططون لشن هجمات في أوروبا.
وقال محللون في معهد واشنطن بالولايات المتحدة إن قرار الجيش الأمريكي بالتحرك ضد قادة التنظيم، ربما يشير إلى ضرورة التعامل مع التهديد الذي يشكلونه على الفور، وقد يشير أيضا إلى أن داعش يعيد ترتيب أولويات العمليات الخارجية.
ويبدو أن هجمات موسكو، التي كانت من تنفيذ "داعش خراسان" الذي ينشط في آسيا الوسطى، نوع من الدعاية للتنظيم، وقد بذل سابقا جهودا متعددة لاستقطاب عناصر جديدة في أوروبا وروسيا، علما أن منفذي العملية ينحدرون من طاجيكستان.
اتصالات وتخطيط لهجمات بين الفروع
وتقول "الغارديان" إن المسؤولين الأمنيين الغربيين يركزون على الاتصالات بين فروع داعش للإجابة على سؤال مهم يتعلق بمدى الروابط الوثيقة بينها وبين القيادة المركزية.
وتشير الأدلة الواردة من أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى، حيث توسع تنظيم داعش بسرعة في السنوات الأخيرة، إلى أن القيادة المركزية على اتصال وثيق مع الجماعات التابعة لها وتدير شبكات اتصالات متطورة.
ويُعتقد أن حبيب يوسف، زعيم ما يعرف بولاية غرب أفريقيا التابعة لداعش، عضو الآن في مجلس القيادة المركزي للتنظيم، ويعد هذا التعيين دلالة على قوة هذه الفروع.
كما أن هناك شهادات لقادة داعش في غرب أفريقيا تحمل إشارات إلى طلبات للحصول على المشورة بشأن هجمات أكبر، وتقديم المقترحات والمعلومات الاستخبارية، وهناك، في المقابل، كثير من النصائح الفنية والفقهية التي يتم إرسالها لهم.
وقال فنسنت فوشيه، وهو زميل باحث في المركز الوطني الفرنسي للبحث العلمي، إنه في بعض الأحيان يصل إليهم عناصر معظمهم من العرب أو الشيشان لتقديم المشورة لهم ولتعليمهم، وإن كان يبدو أن الجزء الأكبر من هذه المحادثات يحدث عبر الإنترنت.
وقال كاليب فايس، وهو محرر في مجلة "لونج وور جورنال" المختصة في شؤون الإرهاب، إن تنظيم داعش قام ببناء نظام اتصالات فعال عبر مراكز تقع في جميع أنحاء أفريقيا جنوب الصحراء الكبرى؛ فعلى سبيل المثال، يعد فرع التنظيم في موزمبيق، الذي عاد إلى الظهور الآن بعد تعرضه لخسائر كبيرة، على اتصال بالقيادة المركزية عبر عناصر داعش في أماكن أخرى من القارة.
وقال فايس إن كل شيء يتم تنظيمه من خلال هذه الفروع الإقليمية، لذا فإن فرع موزمبيق مرتبط بقوة شديدة بفرع بونتلاند شمال شرق الصومال، وهكذا يتلقون التدريب والتمويل والدعم اللوجستي، الذي يتم توجيهه بالكامل إليهم، ويتم إرسال تقارير بالحالة والطلبات مرة أخرى.
خطوط الاتصال في آسيا
ووفقاً للمعلومات الاستخباراتية، التي قدمتها الوكالات الغربية وغيرها إلى الأمم المتحدة، فإن أنظمة مماثلة تربط تنظيم داعش في ولاية خراسان بالقيادة المركزية، وفق تقرير حديث للأمم المتحدة.
ولفت التقرير الأممي إلى أن هناك اتصالات كبيرة بين تنظيم داعش في ولاية خراسان والقيادة المركزية خلال السنوات الأخيرة، وفي بعض الأحيان، يسافر بعضهم لجلب الأموال أو نقل التعليمات إلى القادة الرئيسيين في وسط وجنوب آسيا.
ويقول مسؤولون أمنيون غربيون إنه يتم استخدام مجموعة متنوعة من منصات الوسائط الاجتماعية المشفرة لإرسال الرسائل، وربما تم اعتراض بعضها، مما أدى إلى تحذيرات أمريكية حديثة من هجوم داعش خراسان على أماكن في روسيا، وتم إخبار موسكو بالمعلومات، لكن تم تجاهلها.
استغلال حرب غزة
يشير تقرير "الغارديان" كذلك إلى أن تنظيم داعش سعى إلى استغلال الصراع في غزة، لحشد أتباع جدد ودفعهم إلى التطرف، وأصدر سلسلة من الدعوات لشن هجمات في جميع أنحاء العالم على أهداف مدنية.
وفي أحد البيانات، قدم داعش نصائح بشأن تنفيذ الهجمات، وحث على شن هجمات ضد اليهود في كل مكان، ولكن على وجه التحديد في أمريكا الشمالية وأوروبا.
وقال التقييم السنوي للاستخبارات الأمريكية، الذي صدر قبل أسبوعين، إنه من المرجح أن تتوسع الفروع الإقليمية لتنظيمي داعش والقاعدة في المستقبل على الرغم من الخسائر التي طالت قيادات التنظيم.
وأضافت أنه من المرجح أن يظهر هذا التهديد في خلايا صغيرة أو أفراد يستلهمون فكر المنظمات الإرهابية الأجنبية والأيديولوجيات المتطرفة العنيفة لشن هجمات.
aXA6IDE4LjExOS4xMjAuNTkg
جزيرة ام اند امز