من براثن داعش لعبير الحياة في أوطانهم.. تغيير مذهل لأطفال التنظيم
من براثن "داعش" الذي عاشوا في كنفه "أهوالا" لا تتناسب مع براءتهم إلى إعادة إدماجهم في أوطانهم، تغيير جذري في حياة أبناء عناصر التنظيم.
فتحت عنوان "ابني مثل بقية الأطفال"، رصدت منظمة "هيومان رايتس ووتش"، كيف تغيرت حياة أطفال عناصر "داعش"، الذين اندمجوا بشكل جيد بمجرد عودتهم إلى وطنهم، فباتوا يتواصلون اجتماعياً مثل بقية الأطفال في سنهم.
فعلى الرغم من سنوات الاحتجاز في ظروف تهدد الحياة دون ما يكفي من المياه والطعام الطازج والرعاية الصحية، وقلة التعليم أو انعدامه كليا، تأقلم العديد من الأطفال جيدا وحققوا أداء حسنا في المدارس، وبات الكثيرون منهم يتمتعون بمجموعة واسعة من الأنشطة مع أقرانهم، مثل كرة القدم، والتزلج، وركوب الدراجات، والرقص، والحرف اليدوية، والموسيقى.
فرصة جديدة
"تعافوا بشكل لا يصدق. هذا مثال على أن هذا ممكن... يجب أن تتاح للأطفال جميعهم إمكانية الحصول على فرصة جديدة في الحياة"، يقول جد أحد الأطفال الذين أعيدوا للسويد في عام 2019 للمنظمة الحقوقية، مشيرًا إلى أنه: "من الممكن، وبشدة، إعادة دمج الأطفال وتعافيهم. أحفادي دليل على ذلك".
وتقول المنظمة غير الحكومية في التقرير الذي اطلعت "العين الإخبارية" على نسخة منه، إنها أجرت مقابلات مع أقارب وأولياء أمور وأخصائيين اجتماعيين ومعلّمين لحوالي مئة طفل تتراوح أعمارهم بين عامين و17 عاماً، جميعهم عادوا من المنطقة العراقية-السورية بين عامي 2019 و2022، في البلدان السبعة التالية: ألمانيا وفرنسا وكازاخستان، أوزبكستان وهولندا والمملكة المتحدة والسويد.
فعلى الرغم من الأشهر التي قضاها تحت سيطرة تنظيم "داعش" أو في مخيّمات "الرعب" للنازحين في شمال شرق سوريا، إلا أن 89% ممن شملهم الاستطلاع يعتقدون أن الطفل يتكيّف "بشكل جيد جداً" أو "جيد إلى حد ما"، فيما أشار 4% فقط إلى أن الطفل يواجهون صعوبات.
اندماج "مذهل"
من جهة أخرى، أكد 73% من الأشخاص الذي أُجريت معهم مقابلات أن أداء الطفل "جيد جداً" أو "جيد إلى حد ما" في الصف، رغم ضعف الوصول إلى التعليم أثناء أسره.
ووفق "هيومن رايتس ووتش"، فإنه ومنذ العام 2019، عاد أكثر من 1500 طفل إلى وطنهم، مشيرة إلى أن الدنمارك وروسيا والولايات المتحدة من بين دول أخرى، أعادت معظم مواطنيها، على عكس دول مثل أستراليا أو فرنسا أو هولندا.
إلا أن التعامل مع هؤلاء يختلف بين دولة وأخرى؛ فبينما يبقى الأطفال مع أمهاتهم في أوزبكستان، يجري فصلهم فوراً في بلجيكا وفرنسا وهولندا، حيث تُعتقل الأم أو يجري توجيه اتهام إليها بسبب الأعمال المرتبطة بتنظيم "داعش".
السويد على سبيل المثال، تعاملت مع الأطفال العائدين، بوضعهم تحت المراقبة لمدة ثلاثة أشهر في منشأة مخصصة للأطفال قبل نقلهم إلى عائلة واسعة أو أسرة حاضنة أو مؤسسة.
وتقول "هيومن رايتس ووتش" إنه "في العديد من الحالات، يجري فصل (الأطفال عن الأمهات) من دون سابق إنذار، ومن دون أن تتمكن الأم من شرح ما يجري للطفل"، إلا أنها قالت إن الانفصال عن الأم "يزيد الصدمة" ويجب تجنبه، مفضلة "بدائل غير احتجازية".
العنف والحرمان
وأكدت المنظمة أن فترات التأخير الطويلة قبل نقل الطفل إلى أسرة موسعة يمكن أن "تقوّض استقرار (الطفل) على المدى الطويل".
ويُحتجز حوالي 56 ألف شخص في مخيّم الهول وروج اللذين يسيطر عليهما الأكراد في سوريا، وحيث يتفشى العنف والحرمان، فيما قالت "هيومن رايتس ووتش" إن هناك زوجات وأطفالا لرجال يشتبه في انتمائهم إلى تنظيم "داعش" محبوسين "بشكل تعسفي".
وأشارت المنظمة غير الحكومية إلى أن أكثر من 18 ألف شخص يتحدرون من سوريا، وحوالي 28 ألفاً من العراق وأكثر من 10 آلاف من حوالى 60 دولة أخرى.
وبحسب المنظمة غير الحكومية، فإن أكثر من 60% من هؤلاء هم من الأطفال، وغالبيتهم العظمى دون سن 18 ويعانون من "انخفاض حرارة الجسم وسوء التغذية وأمراض يمكن الوقاية منها"، مشيرة إلى أنهم يواجهون –كذلك- "مخاطر متزايدة من التجنيد والتطرف والاتجار"، مما يستدعي سرعة إعادتهم من قبل الدول التي ينتمون إليها.