"انكشاف داعش".. خبراء يرصدون لـ"العين الإخبارية" دلالات مقتل زعماء التنظيم
أجمع خبراء أمنيون ومتخصصون في شؤون حركات الإسلام السياسي أن مقتل رابع زعماء تنظيم داعش الإرهابي يشير إلى "ارتدادات سلبية كبيرة".
وأشار الخبراء الذين تحدث إليهم "العين الإخبارية" إلى أن التنظيم الإرهابي يعاني من ارتباك تنظيمي، يضاف إليها مرحلة من الإنهاك على المستوى البشري، هي الأقوى منذ نشأة التنظيم عام 2014.
وأكد الخبراء أن إعلان تنظيم مقتل زعيمه الرابع أبوالحسين الحسيني القرشي يظهر حجم انكشاف التنظيم أمام قوات مكافحة الإرهاب، مرجحين في الوقت ذاته محاولة "ما تبقى من داعش" التمدد في منطقة الساحل الأفريقي وموزمبيق والصومال بعد تراجعه في منطقة الشرق الأوسط.
والخميس، أعلن داعش في تسجيل صوتي مقتل زعيمه الرابع أبوالحسين الحسيني القرشي في اشتباكات في شمال غربي سوريا، وعين خلفا له.
وقال المتحدّث باسم التنظيم أبوحذيفة الأنصاري، في تسجيل نشرته حسابات محسوبة على التنظيم: "لقد قتل الشيخ رحمه الله بعد مواجهة مباشرة في إحدى بلدات ريف إدلب إثر محاولتهم أسره وهو على رأس عمله فاشتبك معهم بسلاحه حتى قتل متأثرا بجراحه".
وأعلن المتحدث باسم التنظيم اختيار "أبوحفص الهاشمي القرشي زعيما جديدا للتنظيم".
انكشاف داعش
من جانبه، قال الباحث المصري أحمد كامل البحيري، الخبير بالوحدة الأمنية في مركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية بالقاهرة، لـ"العين الإخبارية"، إن إعلان مقتل أبوالحسين الحسيني القرشي، واختيار آخر خلفا له، يرتبط بانتشار خبر مقتله بين أفراد التنظيم، ومحاولة تدارك انعكاس ذلك على التنظيم ككل.
وأضاف أن "الإعلان عن اختيار أبوحفص الهاشمي يأتي في وقت تراجع فيه التنظيم بقوة خلال المرحلة الماضية".
وأوضح الخبير بمركز الأهرام أن مقتل زعيم التنظيم سوف يحمل "ارتدادات سلبية كبيرة" على التنظيم، خاصة مع مقتل 3 من قيادات التنظيم في أقل من عامين، وبشكل سريع، وهو ما يعطي انطباعاً بانكشاف داعش أمام قوات مكافحة الإرهاب، على مستوى التحالف الدولي لمكافحة داعش، أو على مستوى جيوش الدول بالمنطقة.
وقال إنه "على مدار السنوات العشر الماضية منذ تأسيس ما يسمى بدولة داعش المزعومة تمكنت قوات مكافحة الإرهاب من تحقيق العديد من الانتصارات في مواجهة التنظيم بداية من هزيمة التنظيم في الموصل 2017، وسقوط آخر معاقل ارتكازه في الباغوز في مارس/آذار 2019، مروراً بمقتل 4 قيادات له في أقل من 4 سنوات، وانتهاءً بالقضاء على مجمل الرعيل المؤسس للتنظيم من أبومحمد العدناني وصولاً إلى خالد عايد أحمد الجبوري، واستهداف أغلب قيادات الصفين الأول والثاني له".
نقطة فارقة
ورسم البحيري خريطة بمواقع تراجع داعش في الوقت الحالي، وأخرى قدر تمدد ما تبقى من التنظيم بها خلال الفترة المقبلة، قائلا إن "داعش تراجع بشكل كبير في منطقة الشرق الأوسط، فيما من المرجح تمدد داعش في منطقة الساحل الأفريقي (تضم مالي والنيجر وتشاد وموريتانيا وبوكينا فاسو)، إضافة إلى موزمبيق ووسط أفريقيا والصومال.. قد تكون هذه هي مراكز الارتكاز القادمة بقوة لما تبقى من التنظيم".
وأرجع الخبير الأمني احتمالات تمدد داعش مستقبلا في أفريقيا إلى عدد من العوامل، أبرزها الحدود الهشة، وانهيار الدول والانقلابات العسكرية، وانتشار المليشيات والمتمردين، إضافة إلى الأوضاع الاقتصادية، وما يظهر في هذه الدول من تعاون بين الإرهاب والجريمة المنظمة.
وقال إن "تنظيم داعش يمر بمرحلة جديدة من الارتباك التنظيمي يضاف إليها مرحلة من الإنهاك على المستوى البشري، هي الأقوى منذ نشأة التنظيم في عام 2014، ما دفعه إلى تبني استراتيجية تنظيم القاعدة على مستوى الإدارة التنظيمية والعودة للصحراء والدخول في فترة الكمون".
واعتبر أن الأشهر القادمة في عمليات مكافحة الإرهاب ستكون نقطة فارقة في مسارات التنظيم المحتملة من حيث البقاء والنمو والتمدد أو التراجع والاختفاء.
ضربات موجعة
وفي قراءته لتوقيت إعلان داعش مقتل زعيمه، قال الدكتور بشير عبدالفتاح، الخبير بمركز الأهرام للدراسات السياسية والاستراتيجية، إن التنظيم الإرهابي حريص على الزعم بملء الفراغ المتعلق بالقيادة بعد استهداف قياداته بضربات موجعة.
وأضاف عبدالفتاح لـ"العين الإخبارية" أن "التنظيم لا يريد أن يترك فراغا في القيادة يشير إلى وجود أزمة خلافة تنظيمية، لذا فهو يريد الإيحاء كذبا بتوحد بقاء التنظيم وتماسكه، وأنه على قلب رجل واحد، وقدرته أيضا على امتصاص الصدمات وتجاوز الأزمات المتعلقة بتصفية القيادات، أو قطف الرؤوس كما تسميها الولايات المتحدة".
وتابع قائلا إن "داعش يريد أن يظهر قدرات التنظيم على التماسك، وألا يهتز ولا ينهار بقتل القيادات، والزعم بأن التنظيم أكبر من القيادة".
صراع على القيادة
واتفق الكاتب المصري هشام النجار الخبير في شؤون حركات الإسلام السياسي مع ما ذهب إليه الخبيران السابقان، قائلا في لـ"العين الإخبارية" إنه "نظرا لاعتبارات عديدة يحتاج داعش للإعلان عن تنصيب خليفة جديد، بالنظر إلى الانقسامات الداخلية، والصراعات على القيادة وحرص أيضا الأجنحة المتصارعة على حسم القيادة لصالحها، وأيضا لحاجة التنظيم لقيادي يمسك خيوطه ويتحكم فيه حتى لا يتشرذم وينهار".
وأشار إلى وجود ما يشبه المكايدة بين داعش والقاعدة بشأن غياب قائد التنظيم، فإذا كان داعش يعيب على القاعدة عدم قدرته على تنصيب قائد خلفا للظواهري، فالقاعدة هو الآخر يعيب على داعش من نفس المنطلق.
وجاء اعتراف تنظيم داعش بمقتل زعيمه الرابع أبوالحسين الحسيني القرشي بشكل متأخر لكنه يؤكد إعلانا سابقا للرئيس التركي رجب طيب أردوغان، قال فيه إنه تم "تحييد الزعيم المفترض لداعش، واسمه الحركي أبوالحسين القرشي، خلال عملية نفذها جهاز الاستخبارات الوطني في سوريا".
وكان الرئيس التركي رجب طيب أردوغان قد أعلن في أبريل/نيسان الماضي مقتل زعيم التنظيم الإرهابي في عملية في سوريا.
وقال أردوغان، حينها، إن "بلاده تمكنت من قتل زعيم تنظيم داعش أبوالحسين القرشي، في سوريا".
وأضاف أردوغان في مقابلة مع قناة "تي أر تي" التركية: "لقد تم تحييد المذكور ضمن عملية لجهاز الاستخبارات التركية داخل سوريا، السبت".
وكانت مصادر كشفت لوسائل إعلام تركية أن عملية قتل زعيم تنظيم داعش أبوالحسين القرشي أجرتها الاستخبارات التركية واستغرقت 4 ساعات.
وأوضحت المصادر أن "الاستخبارات التركية توصلت لمعلومات بأن القرشي يتواجد بمنطقة جنديرس التابعة لعفرين شمالي سوريا، وأنه بصدد تغيير مقر إقامته قريبا".
وأشارت إلى أن فريقا من الاستخبارات نفذ العملية على المنزل الذي كان يوجد فيه القرشي، حيث ضم مخبأ تحت الأرض، ووجهوا له نداء لتسليم نفسه، لكن لم يرد، فقام الفريق بتفجير جدران حديقة المنزل، ثم فجروا الأبواب والجدران الجانبية ودخلوا البناء، لكنه فجر نفسه بحزام ناسف كان يرتديه قبل القبض عليه.
aXA6IDEzLjU4LjIwNy4xOTYg جزيرة ام اند امز