إصدار داعش الأخير في ليبيا.. "مساحيق لإخفاء العجز"
نشر تنظيم داعش الإرهابي في ليبيا صورا يدعي فيها تخريج دفعة جديدة من عناصره في أحد المعسكرات في جنوب البلاد.
لكن خبيرين مختصين بشؤون بالجماعات الإرهابية قالا إن التنظيم يسعى عبر بث المقطع المصور إلى الإيهام بأنه ما زال يتواجد في البلاد، لكنه من حيث لا يقصد كشف عن حجم معاناته ومقدار ضعفه في ظل العمليات المتلاحقة للجيش ضد عناصره.
وأوضح جمال شلوف رئيس مؤسسة سلفيوم للأبحاث الليبية أن إصدار التنظيم امتداد لتكتيكه في ليبيا في الفترة السابقة، يعتمد خلاله محاولة التأكيد على حضوره على الساحة بهدف رفع معنويات عناصره، هذا ما كشف عنه تبنيه عمليتي سبها والواحات رغم فشلهما.
وتابع شلوف في تصريح لـ"العين الإخبارية" أن التنظيم يسعى لإثبات وجوده في الجنوب على أمل أن ينضم إليه ذئاب منفردة هنا أو هناك.
تائهون في الصحراء
وحول قراءة المقطع المصور قال إن داعش عادة ما يظهر في مقاطعه أكبر عدد من أفراده، وفي المقطع الأخير كان أكبر تجمع ظهر لم يتجاوز 11 عنصرا.
وأشار إلى أنه من المحتمل أن يكون من بين العناصر وفقا للتحليلات المبدئية الإرهابي سفيان بن قمة الذي قيل إنه قتل في وقت سابق في معارك ضد الجيش الليبي في درنة شرقي البلاد، وتحاول المؤسسة التعامل مع الصور فنيا بهدف الجزم أنه هو أو لا.
ولفت إلى أن الصور أظهرت تسليحا مختلفا وهو استخدام بنادق AK 103 مع تجهيزات ليست من المعتاد وجودها في ليبيا مثل بنادق القناص، ما يرجح أنهم حصلوا على أسلحة جديدة، إلا أنهم يعانون فعلا من ضعف الموارد وهو ما ظهر في صور ميدان العنف الذي ظهر بدائيا ومصنوعا على عجل من نوع شجر غير موجود في الصحراء، يعني أنهم يحملون أدواتهم وأن ليس لهم مقر ثابت.
وحول مكان تصوير الإصدار يقول شلوف إن طبيعة الأرض في الصور بها اختلاف، ما يؤكد أنهم صوروا في مكانين وإن كانوا هم نفس الأشخاص، فالأول مكان به كثبان رملية ويوحي أنه أقرب للساحل، بينما الثاني منطقة أقرب للجنوب غير العميق، وقد يكونون قريبين من منطقة الواحات وهي المنطقة التي يجرى فيها هذه الأيام التخييم في الصحراء بشكل معتاد خاصة الرماكة (صائدي الصقور)، حتى لا يكونوا ملفتين للنظر.
جيل جديد
ونوه إلى أن الصور تؤكد أن الجيل السابق من التنظيم اختفى وأن الجيل الجديد غير محترف، وربما لو أن القيادات السابقة لا تزال تعمل في ليبيا ما كانت لتسمح ببث هذا المقطع، نظرا لما يعكسه من تهافت قدراته.
كما يلفت الخبير في شؤون التنظيمات المتطرفة إلى ظهور عناصر داعش وهم يتناولون البيتزا ويستخدمون معلبات أسماك "التونة"، ورأى أن في هذا ما يؤكد أن المقر الذي جرى التصوير فيه ليس مقرا دائما لهؤلاء العناصر.
رسائل مزيفة
ويقول محمد يسري الخبير في الجماعات الإرهابية إن تنظيم داعش الإرهابي اعتاد إشغال وقت فراغه بإصدارات يداعب بها عناصره، في مناسبات مختلفة كمناسبات الأعياد وغيرها، ليُظهر أنه تنظيم متماسك، وأنه لا يزال على الأرض، وأن هناك مساحات يسيطر عليها.
وتابع يسري، في تصريح لـ"العين الإخبارية"، أن التنظيم الإرهابي كل فترة يصدر مثل هذه الصور التي تبدو مثل لعب الأطفال يشغل بها وقت فراغ عناصره، الذين لا يجدون ما يفعلونه في ظل التضييق الأمني الذي يلاحقهم سواء في الأراضي الليبية أو غيرها.
وأضاف أن التنظيم يعاني ضعف تمويل وصعوبة إيجاد بدائل للتمويل الخارجي، فحتى عمليات السرقة والنهب التي كان يقترفها باتت هي الأخرى صعبة، فقد كان يعتمد على عمليات خاطفة في المناطق المفتوحة منها تفجير أبراج الكهرباء للحصول على مخلفاتها وبيعها.
وأشار إلى أن هذه الإصدارات التي تتضمن غالبا صورًا عن الحياة اليومية لعناصر التنظيم، وتشمل إعداد الطعام وتناوله، لإثبات أن عناصر التنظيم يمارسون حياتهم الطبيعة بكل هدوء ولا يخشون أي تهديد على عكس الحقيقة.
وكشف يسري أن التنظيم أضاف خلال هذا الإصدار صورة جديدة ضمن رسائل طمأنة مزيفة، وهي أن كمونه الحالي ما هو إلا عبارة عن مرحلة إعداد بدني وعسكري لمقاتليه، في محاولة منه لإرسال رسالة جديدة مفادها بأنه يجهز لأنشطة عملياتية في القريب العاجل.
الجيش الليبي يضيق الخناق
واستطاع الجيش الليبي القضاء على الجماعات الإرهابية في الشرق والجنوب منذ إطلاق "عملية الكرامة" 2014، وألقى القبض على عدد من قيادات تنظيمي داعش والقاعدة الدوليين وقطع خطوط إمدادهم.
ويواصل الجيش الليبي جهوده لتأمين جنوب البلاد، ومحاربة جرائم التهريب عبر الصحراء والخطف والابتزاز وإيقاف المهاجرين بعد سنوات من تغافل الحكومات المتعاقبة في طرابلس.
وفي يناير/كانون الثاني 2019، أطلق الجيش الليبي عملية فرض القانون، وقوض آمال الجماعات الإرهابية وتجار البشر والمحروقات، وطرد عناصر المرتزقة التشاديين.
لكن التنظيمات الإرهابية عادت للظهور مرة أخرى في مناطق أقصى الجنوب الليبي، حيث اتخذ بعضها من حوض مرزق ومناطق أم الأرانب، وحاول الانقضاض على بعض الحقول النفطية الخاضعة لسيطرة الجيش الوطني.