علاقة تركيا والتنظيمات الإرهابية بدأت مع أحداث ما يُسمى "الربيع العربي" حينما استغلتها أنقرة في سعيها لإسقاط الأنظمة العربية
على مدار السنوات الماضية، دأبت تركيا على محاولة إخفاء علاقتها مع تنظيم "داعش" والتنظيمات الإرهابية عموماً.. "القاعدة" و"جبهة النصرة" وتفرعات تلك التنظيمات، أو إضفاء أكبر قدر من الغموض على هذه العلاقة على الرغم من انكشافها على الملأ في كثير من الأحيان سعياً منها لتوظيف هذه التنظيمات الإرهابية لاحقاً في خدمة أهدافها العدوانية والتوسعية، وعدم الظهور بمظهر النقيض للتيار العالمي الجارف في محاربته للإرهاب.
يلخص موقف أردوغان تجاه تقدم الجيش السوري في إدلب وشمال غربي البلاد، حقيقة علاقة تركيا مع الإرهاب، وهو يطلق التهديدات يومياً وعلناً بمقاتلة الجيش السوري، إذا لم يوقف تقدمه.
هي علاقة قديمة متجددة، بدأت مع أحداث ما يُسمى "الربيع العربي"، حينما استغلت تركيا أبشع استغلال هذه الأحداث في محاولاتها الساعية لإسقاط الأنظمة العربية، وتنصيب أنظمة بديلة موالية لها؛ حيث فتحت أبوابها أمام كل الإرهابيين الذين قدموا إليها من شتى بقاع الأرض، وزجت بهم إلى داخل سوريا والعراق، وقدمت لهم كل المساعدات العسكرية واللوجستية التي يحتاجون إليها.
ظهر ذلك جلياً في العلاقة بينها وبين تنظيم داعش، خصوصاً عندما تمكن هذا التنظيم الإرهابي من اجتياح مساحات واسعة من الأراضي السورية والعراقية عام 2014، وتمكن هذا التنظيم من السيطرة على مناطق نفطية في البلدين؛ لتدخل في شراكة حقيقية مع "داعش" قائمة على المنافع المتبادلة، والمصالح المشتركة. اللاعب الأكبر في هذه الشراكة كانت عائلة الرئيس التركي أردوغان، وتحديداً نجله بلال، الذي كان يُطلق عليه "وزير نفط داعش"، والذي جنى من خلال شراء النفط من الإرهابيين مئات الملايين من الدولارات، بحسب تقرير نشره مؤخراً موقع "أحوال" التركي حول "الاقتصاد الأسود" للشراكة التركية "الداعشية"، القائمة على شراء النفط والخراب والدمار. وعلى الرغم من محاولات تركيا التستر على هذه العلاقة، والعمل على إبعاد الشبهات عنها، فإنن ذلك لم يكن كافياً لحجب الحقيقة أو بالأحرى ستر الفضيحة أمام العالم، الذي تحدث كثيراً عن هذه العلاقة، ومن بين الذين تحدثوا عن "الروابط الخفية" مع التنظيم الإرهابي الرئيس التشيكي ميلوس زيمان، الذي أكد مؤخراً أن "تركيا حليف فعلي لتنظيم داعش".
وبعد انحسار التنظيم الإرهابي، وهزيمته الكبرى في سوريا والعراق، حاولت تركيا الاستيلاء على مناطق النفط السورية؛ لكن واشنطن كانت أسبق في السيطرة عليها، ما دفع أردوغان إلى التصريح بأن بلاده "لا تهتم بالنفط السوري". ومع ذلك فقد تواصلت العلاقة بين تركيا و"داعش"؛ حيث تمت إعادة إحياء "الخلايا النائمة" للتنظيم الإرهابي، وتوظيفها في عملية الغزو التركي ضد المقاتلين الأكراد شمال شرقي سوريا.
الأسوأ من ذلك هو عودة انتعاش العلاقة بين تركيا والتنظيمات الإرهابية بشكل شبه علني، وربما أكثر خطورة، هذه المرة، فهناك كثير من التقارير التي تحدثت عن تجنيد آلاف المرتزقة الإرهابيين من تنظيمات "داعش" و"القاعدة" و"النصرة" وإرسالهم إلى ليبيا؛ للقتال إلى جانب مليشيات "الوفاق" في مواجهة الجيش الوطني الليبي. ويلخص موقف أردوغان تجاه تقدم الجيش السوري في إدلب وشمال غربي البلاد، حقيقة علاقة تركيا مع الإرهاب، وهو يطلق التهديدات يومياً وعلناً بمقاتلة الجيش السوري، إذا لم يوقف تقدمه.
نقلاً عن "الخليج"
الآراء والمعلومات الواردة في مقالات الرأي تعبر عن وجهة نظر الكاتب ولا تعكس توجّه الصحيفة