تقرير أممي يرجح هوية زعيم داعش ويحدد موقع قلعته الحصينة

السقوط المتعاقب لقادة تنظيم داعش منذ مقتل مؤسسها الأول أبوبكر البغدادي عام 2019، أحاط زعيمها الحالي بهالة من الغموض، وترك المهتمين أمام سؤال بلا إجابة حاسمة؛ هل نعرف حقا من هو أبوحفص الهاشمي القرشي.
ما هو مؤكد أن أبوحفص القرشي اسم مستعار لشخصية محل خلاف، لكن تقريرا أمميا صدر الشهر الماضي، اقترب من وضع حد للجدل.
والتقارير الاستخباراتية والمعلومات المتوفرة عن زعيم داعش كانت تدور في فلك ترجيح أحد شخصين، الأول هو عبدالله مكي مصلح الرافعي، العراقي الجنسية، والمكنى بـ"أبوخديجة".
لكن كانت تكهنات تشير إلى أن الزعيم الجديد للتنظيم هو عبدالقادر مؤمن، زعيم "داعش" في الصومال.
ولم يحسم التقرير الأممي الذي عرض على مجلس الأمن الشهر الماضي، والذي أعده فريق الدعم التحليلي ورصد الجزاءات بشأن تنظيمي "داعش" و "القاعدة"، لكنه أشار إلى أن هناك ثقة متزايدة بين بعض الدول الأعضاء بأن القرشي هو عبدالقادر مؤمن.
ومؤمن الصومالي ذو الملامح الأفريقية واللحية البرتقالية، كان ورد اسمه في تقرير سابق للجنة ذاتها باعتباره زعيم "داعش" في الصومال، ومدير "مكتب الكرار"، الذي يُدر تمويلا ضخما على التنظيم، إلا أن التقرير الأحدث رجح فرضية زعامته للتنظيم، لافتا إلى أن هذا الأمر "يدل على تحول متعمد نحو هيكل عملياتي يتسم بقدر أكبر من اللامركزية، بعيدا عن منطقة النزاع الأساسية".
زعماء داعش السابقون
أبوبكر البغدادي
الاسم الحقيقي: إبراهيم عواد إبراهيم علي البدري السامرائي.
زعيم التنظيم من 2010 حتى مقتله في أكتوبر/تشرين الأول 2019.
قُتل في عملية أمريكية بمنطقة إدلب في سوريا، حيث فجّر نفسه خلال مطاردة القوات الأمريكية.
أبوإبراهيم الهاشمي القرشي
الاسم الحقيقي: أمير محمد عبد الرحمن المولى الصلبي.
خلف البغدادي من أكتوبر/تشرين الأول 2019 حتى مقتله في فبراير/شباط 2022.
قُتل في عملية أمريكية بمنطقة إدلب شمال سوريا، حيث فجّر نفسه مع عائلته خلال اقتحام منزله.
أبوالحسن الهاشمي القرشي
خلف أبو إبراهيم القرشي من فبراير/شباط 2022 حتى مقتله في أكتوبر/تشرين الأول 2022.
قُتل في مواجهات مسلحة مع فصائل معارضة في جنوب سوريا (بحسب بيان داعش لاحقاً).
أبو الحسين الحسيني القرشي
خلف أبو الحسن الهاشمي من أكتوبر/تشرين الأول 2022 حتى مقتله في أبريل/نيسان 2023.
قُتل في عملية تركية في شمال سوريا (منطقة إدلب)، وفقاً لتصريحات المخابرات التركية.
أبوحفص الهاشمي القرشي
تولى زعامة داعش منذ أبريل/نيسان 2023.
أعلن تعيينه في أغسطس/آب 2023.
عبدالقادر مؤمن
ونجا مؤمن من غارة جوية أمريكية في 31 مايو/أيار الماضي، وقد اتخذ من ذلك الحين "تدابير للحد من فرص لفت الجماعة لأي اهتمام خارجي غير ضروري، وركز على تأمين الاستدامة المالية من خلال تعزيز الابتزاز في معاقله".
وكشف التقرير مكان اختباء مؤمن، وقال إنه يعمل انطلاقا من معاقل توجد في منطقة تُسمى "بور طحاد"، وهي قاعدة استراتيجية مؤمنة بالكهوف الطبيعية والهياكل الدفاعية الآمنة من الهجمات الجوية والبرية لافتا إلى أن تلك القاعدة اتخذت مركزا لقيادة عمليات الجماعة واستضافة قيادتها العليا.
مكانة مؤمن، في التنظيم كانت محور للحديث في التقرير الدولي في أكثر من موضع، وهو ما يمثل تحولا في التنظيم لجهة اختيار زعيم من أصل أفريقي.
وكان محللون قالوا في تحليل سابق لوكالة "فرانس برس"، إن عبدالقادر مؤمن هو بالفعل "الرجل الأقوى في التنظيم".
وقال تور هامينغ من "المركز الدولي لدراسة التطرف"، إن مؤمن الشخصية الأهم، والأكثر قوة، وهو المسيطر على شبكة تنظيم داعش العالمية، مضيفا: "في هذه المنظومة الغامضة حيث يُقتل القادة واحدا تلو الآخر، مؤمن هو بين عدد قليل من الوجوه المهمة التي تمكنت من البقاء على قيد الحياة حتى الآن، وهو ما يمنحه نوعا من المكانة ضمن المجموعة".
أرض صغيرة وجاذبية كبيرة
عاش مؤمن المولود في منطقة بونتلاند التي تحظى بحكم شبه ذاتي، في السويد قبل الاستقرار في إنجلترا حيث حصل على الجنسية البريطانية.
وعرف في لندن وليستر في مطلع الألفية كداعية متشدد في المساجد المتطرفة وفي تسجيلاته المصورة التي انتشرت على الإنترنت.
وقيل إنه أحرق جواز سفره البريطاني فور وصوله إلى الصومال، حيث سرعان ما أصبح ينشر الدعاية لصالح حركة "الشباب" المرتبطة بتنظيم "القاعدة" قبل انشقاقه لينضم إلى صفوف تنظيم داعش في عام 2015.
وقال مسؤول استخباراتي أوروبي طلب عدم الكشف عن هويته، إن مؤمن "يسيطر على أرض صغيرة لكنه يحظى بجاذبية كبيرة، ويوزّع المتطوعين والمال".
وموّل مؤمن المتمردين الأوغنديين من "القوات الديمقراطية المتحالفة" المرتبطة بتنظيم داعش في جمهورية الكونغو والبالغ عددهم ما بين ألف و1500 عنصر، بحسب المسؤول الاستخباراتي، الذي قال: "بمساعدة مؤمن لجأ هؤلاء مؤخرا إلى الجهاد ساعين إلى التطرف والأسلحة والتمويل".
وقال مراقبون إن مبايعة مؤمن رسميا ستكون مؤشرا على تحوّل أيديولوجي في تنظيم داعش.
وبحسب مدير مركز أبحاث "مشروع مكافحة التطرف" هانز-جاكوب شندلر فإن "من شأن مبايعة مؤمن أن يثير ضجة بين أنصار تنظيم داعش والمتعاطفين معه".
تحوّل باتجاه أفريقيا
وقال شندلر لـ "فرانس برس": "نظريا، يتعيّن على زعيم التنظيم بأن يكون عربيا، ولا يمكن لزعيم تنظيم مهتم إلى هذا الحد بأسسه الفكرية أن يكون مجرّد صومالي بلحية برتقالية".
لكن النشاط العملياتي لقادة المجموعات المرتبطة بالتنظيم في غرب أفريقيا، يمكن أن يسمح لهم بالمطالبة بمنصب من هذا النوع.
ورغم أن الزعيم الصومالي لا يستوفي معايير القيادة التقليدية، إلا أن موقعه الجغرافي يمنحه بعض الميّزات.
ويعكس صعود مؤمن إلى أعلى هرم القيادة رغم العدد القليل من المقاتلين تحت قيادته أيضا تحولات داخلية ضمن تنظيم داعش.
وقال هامينغ إن التحول هو أن "التنظيم يسعى بالفعل إلى تحول استراتيجي تدريجي باتّجاه أفريقيا".
aXA6IDE4LjE4OC4xMDcuMTU3IA== جزيرة ام اند امز