هل أتاكم نبأ "داعش" في سوريا والعراق؟.. نزيف مستمر وخطر داهم
انخفاض في عدد عناصره، تقلص الهجمات بشكل كبير، حصد رؤوس بعض قادته، ملامح تقارير أمريكية أشارت إلى أفول نجم "داعش"، وإن حذرت من أن التنظيم الإرهابي ما زال يكافح لإثبات وجوده.
فعلى الرغم من تقلص أعداد تنظيم "داعش" الإرهابي، يشير بعض المسؤولين الأمريكيين إلى أن هناك ما يدعو للقلق، خاصة أن تقارير كشفت عن أن التنظيم الإرهابي ينسق لشن هجمات خارج الشرق الأوسط، بالتوازي مع هجماته التي لم تنقطع وإن انخفضت بشكل كبير داخله.
فأين يقف داعش الآن؟
قبل يومين، خرج الرئيس التركي رجب طيب أردوغان -الذي يخوض سباق الانتخابات الرئاسية المقررة منتصف الشهر الجاري- ليعلن مقتل زعيم داعش الجديد أبو الحسين القرشي، إلا أنه لم يقدم الكثير من المعلومات عن العملية ولا مكانها، مكتفيًا بقوله: "إنها عملية للاستخبارات التركية في سوريا والتي كانت تتعقب زعيم داعش، منذ زمن طويل".
وتسلم الزعيم الرابع لتنظيم "داعش" منصبه في 30 نوفمبر/تشرين الثاني من العام الماضي، عقب مقتل الزعيم الثالث أبو الحسن الهاشمي القرشي أثناء معارك التنظيم في محافظة درعا جنوبي سوريا منتصف أكتوبر/تشرين الأول 2022.
وبعد يوم من إعلان الرئيس التركي مقتل زعيم "داعش"، أعلن المرصد السوري لحقوق الإنسان، في بيان اطلعت "العين الإخبارية" على نسخة منه، أن التنظيم الإرهابي، شن 23 عملية لعناصر التنظيم خلال أبريل/نيسان الماضي، في مناطق متفرقة من البادية السورية، خلفت 87 قتيلا.
وقال المرصد السوري، إن تتظيم "داعش" يحاول رغم هزيمته الجغرافية في سوريا إثبات وجوده وقوته، مشيرًا إلى أن خلاياه "الإرهابية" تواصل شن الهجمات والعمليات في سوريا، لا سيما في البادية السورية.
وأشار إلى أن تنظيم داعش يعتمد في هجماته على عنصر المفاجأة كنصب الكمائن وشن الهجمات المباغتة وزراعة العبوات الناسفة، موقعاً قتلى وإصابات في صفوف العسكريين والمدنيين.
أفول نجم التنظيم
تقرير المرصد السوري، جاء متزامنًا مع آخر نشره موقع "صوت أمريكا" تحدث فيه، عن أن تنظيم "داعش" يفقد القدرة على الضرب بفعالية في المناطق التي كانت ذات يوم جزءًا من الخلافة التي أعلنها.
ويقول مسؤولو الدفاع والجيش الأمريكيون إنهم يشهدون "انخفاضًا كبيرًا" في نشاط وفعالية تنظيم "داعش" في جميع أنحاء العراق وسوريا، مع انخفاض ملحوظ في الهجمات خلال شهر رمضان الماضي.
ونشرت وزارة الخارجية الأمريكية، تقرير قائد عملية العزم الصلب في قيادة قوة المهام المشتركة الجنرال ماثيو ماكفارلين، والذي قال فيه: "شهدنا انخفاضا كبيرا في نشاط تنظيم داعش وفعاليته في مختلف نواحي منطقة عملياتنا بفضل جهود شركائنا الذين يدعمهم التحالف الدولي الذي تقوده أمريكا".
وأضاف العسكري الأمريكي: سجلنا انخفاضا بنسبة 68% في الهجمات منذ بداية هذا العام في العراق – أي من أول شهر يناير/كانون الثاني الماضي وحتى الأسبوع الأول من أبريل/نيسان الماضي، مقارنة بالفترة عينها من العام الماضي.
وأشار إلى أن الولايات المتحدة سجلت انخفاضا بنسبة 55% في خلال الفترة عينها في سوريا "حيث يواصل شركاؤنا في قوات سوريا الديمقراطية قيادة المعركة ضد داعش"، مضيفًا أن شهر رمضان الماضي كان الأكثر هدوءا منذ سنوات "بفضل الجهود المشتركة لكافة شركائنا".
وبحسب الجنرال ماكفارلين، فإن التحالف لم يسجل سوى 19 هجوما من أي نوع في العراق هذا العام، مما يمثل انخفاضا بنسبة 80% عن العام الماضي و87% عن العام 2020، مشيرًا إلى أن الأمر عينه ينطبق على سوريا حيث لم تسجل سوى 19 هجوما، مما يمثل انخفاضا بنسبة 37% عن العام 2022 و70% عن العام 2020.
وأكد العسكري الأمريكي، أنه "فيما يواصل شركاؤنا تعطيل خلايا داعش وأنشطته وتفكيكها، نواصل التركيز أيضا على منع أي إعادة ظهور للتنظيم من خلال جهودنا لإعادة عناصره المتواجدين في مرافق الاحتجاز ومخيمات النازحين داخليا إلى أوطانهم".
وشدد على ضرورة "إعادة آلاف النازحين في شمال شرق سوريا والمحتجزين في مرافق الاحتجاز إلى أوطانهم، لتقليل مخاطر عودة التنظيم للظهور".
تحذيرات ومخاطر
وحذر من أن "تنظيم داعش ما زال يتمتع بإيديولوجية غير مقيدة ونشطة، رغم أنه ما زال مهزوما ولا يستحوذ على أي أراض في الوقت الراهن،"، مشيرًا إلى أنه "يسعى إلى إعادة تشكيل نفسه واستئناف حملة الكراهية خاصته في المنطقة وحول العالم".
ويقول "صوت أمريكا"، إن المعلومات الاستخباراتية من الولايات المتحدة والعديد من الدول الأعضاء في الأمم المتحدة تشير أيضًا إلى أن تنظيم داعش يكافح للاستمرار.
وأشار إلى أنه منذ أوائل عام 2022، قتلت الولايات المتحدة وشركاؤها أو أسروا ما لا يقل عن 13 من كبار قادة داعش في العراق وسوريا، فيما تشير بعض التقديرات الاستخباراتية إلى أن عناصر تنظيم "داعش" انخفض إلى ما بين 2500 و 3500 مقاتل في العراق وسوريا، وهو جزء صغير من 34000 مقاتل على الأقل كان يُعتقد أنهم يمثلون قوام التنظيم.
وحذر مسؤول أمريكي تحدث إلى "صوت أمريكا" شريطة عدم الكشف عن هويته من أن تنظيم داعش، لا يزال يخطط لتوسيع نفوذه وتنفيذ هجمات خارجية.
وأشار بعض الباحثين إلى إشارات تدل على أن تنظيم "داعش" قد يكون في وضع يسمح له بإعادة تكوين نفسه من جديد في العراق وسوريا.
ويقول الموقع الأمريكي، إن تنظيم داعش في سوريا، زاد من وتيرة هجماته "بشكل عام أو يحافظ على وتيرة أعلى من الهجمات"، وفقًا لتقييم في لمشروع مكافحة التطرف، وهو منظمة غير ربحية يتخذ من نيويورك وبرلين مقرًا.
مخيم الهول.. مصرف داعش
وبحسب "صوت أمريكا"، فإنه لا يزال المسؤولون والمحللون قلقين من أن الظروف في سوريا، لا سيما في مخيمات النازحين في البلاد، قد تمهد الطريق لعودة داعش.
وتشير تقارير أمريكية أخرى إلى أن مخيم الهول يواصل العمل كمركز مالي للتنظيم الإرهابي، حيث يجد أنصاره طرقًا لتلقي ما يصل إلى 20 ألف دولار شهريًا مع تهريب الأموال أيضًا إلى عناصر تنظيم "داعش" خارج المخيم.
وعلى الرغم من النجاح في تقليص قيادة داعش وإضعاف قواته، يعترف المسؤولون الأمريكيون أيضًا أن المعتقدات الأساسية للتنظيم لا تزال تتردد.
وقالت نائبة مساعد وزير الدفاع دانا سترول للصحفيين خلال اتصال هاتفي، إن "الظروف التي أدت إلى ظهور داعش لم تتم معالجتها بشكل كاف".
يأتي ذلك، فيما قال معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى، في تقرير له اطلعت "العين الإخبارية" على نسخة منه، إن بيان "مراجعة العام" لسنة 2022 الصادر عن "القيادة المركزية الأمريكية" حول الوضع الحالي للحرب ضد تنظيم "داعش" سلط الضوء على ثلاث فئات:
- عناصر داعش رهن الاحتجاز: آلاف الرجال والفتيان المنتمين إلى التنظيم والمحتجزين في سجون العراق وسوريا.
- الجيل القادم المحتمل من داعش: أي ما يقرب من 55 ألف امرأة وقاصر محتجزين في المخيمات.
- عموم "داعش": أي القادة والعملاء الذين "تحاربهم حالياً" الولايات المتحدة مع شركائها "في العراق وسوريا".
وأكد معهد واشنطن، أن أيديولوجية التنظيم لا تزال قائمة، مشيرًا إلى أن هناك حاجة إلى "عمليات مشتركة" لمواصلة الضغط، وشن ضربات ضد قادة "داعش".
وعلى الرغم من تحول الولايات المتحدة إلى "تقديم المشورة والمساعدة والتمكين" في سوريا، واصلت "القيادة المركزية الأمريكية" عملياتها الأحادية الجانب ضد قياديين في تنظيم "داعش" إلى جانب العمليات مع الشركاء، بحسب معهد واشنطن.
هل أثمرت استراتيجية أمريكا؟
وأوضح المعهد الأمريكي، أن عوامل متعددة تساهم في تفسير قرار الولايات المتحدة بالاستمرار في دمج الإجراءات الأحادية الجانب في استراتيجيتها؛ أولها أن التنظيم "الإرهابي" لم يُهزم بالكامل، وأن الوجود الأمريكي لا يزال ضرورياً جداً، ولا يزال موضع ترحيب في الوقت الحالي.
ومن النقاط "المهمة" الأخرى -بحسب معهد واشنطن- أن الكثيرين من قادة التنظيم الذين استهدفتهم مؤخراً الولايات المتحدة بعمليات أحادية الجانب متّهمون بالتخطيط لهجمات إرهابية في الشرق الأوسط وأوروبا.
وأشار إلى أن تنظيم "داعش" يعيد إعطاء الأولوية للعمليات الخارجية، وهو ما لم يكن يملك القدرة على القيام به منذ بعض الوقت، مؤكدًا أنه يتعين على "القيادة المركزية الأمريكية" أن تدرس بعناية قرارها بنشر أسماء ومسؤوليات قادة التنظيم الذين تستهدفهم.
وبحسب المعهد الأمريكي، فإن قرار نشر أسماء الذين تستهدفهم أمريكا، يساعدها على إظهار قدرتها علناً على تعطيل الأنشطة الإقليمية للتنظيم وتشويشها (على الأقل مؤقتاً)، ويرسل رسالة واضحة إلى أنصار التنظيم بأن المهمة الأمريكية لم تنتهِ بعد، إلا أنه قد يكون له تأثير معاكس من خلال رفع مستوى الأشخاص الغامضين في مخيلة الناس ومنحهم نوعاً من الجاذبية.
aXA6IDMuMTM4LjM3LjQzIA==
جزيرة ام اند امز