"المدنيون وقودها".. استراتيجية أمريكا ضد "داعش" العراق ناجحة ولكن
بعد مرور قرابة 4 أعوام من دحر "داعش" في العراق وسوريا ما زالت الاستراتيجية الأمريكية التي اتبعتها في هزيمة التنظيم الإرهابي محل تساؤلات حول مدى نجاعتها.
تلك الاستراتيجية التي طوّرتها الولايات المتحدة من أجل حملتها العسكرية "الناجحة"، خلال الفترة من 2014 إلى 2019 ضد "داعش"، كانت ترتكز على العمل مع القوات المحلية من خلال تقديم المشورة والإمدادات والاستخبارات وتنفيذ الضربات الجوية.
إلا أن هذه الاستراتيجية، كان لها خسائر كبيرة في صفوف المدنيين من بين السكان المحليين، بحسب صحيفة "ذا ناشيونال إنترست" الأمريكية، التي قالت إن "الحرب" ضد "داعش"، تسببت في مقتل عشرات الآلاف منهم، فيما قتل من جانب أفراد الخدمة الأمريكية حوالي عشرين عنصرا فقط.
مفتاح النجاح
وتقول الصحيفة الأمريكية إن مفتاح نجاح الاستراتيجية كان يتمثل في استعداد السكان المحليين للقتال والموت من أجل القضية، مما سهل من العمليات العسكرية ضد "داعش"، خاصة بعد اعتبار التنظيم الإرهابي يمثل تهديدا بإبادة جماعية أو وجودية للسكان المحليين.
ومع ذلك، ورغم كل هذا النجاح فإنه كان من الممكن أن تكون الوفيات بين المدنيين أقل بكثير، إذا سُمح لمقاتلي "داعش" الذين أصيب كثير منهم بخيبة أمل بالفرار من ميادين القتال.
وتقول الصحيفة الأمريكية إنه رغم إنفاق الولايات المتحدة 20 مليار دولار على مدى عقد من الزمن لإنشاء قوات دفاع في العراق، إلا أن تلك القوات التي كانت "مرتبكة وفاسدة"، انهارت ببساطة عندما واجهت مقاتلي داعش في عام 2014، فتخلت عن الأراضي والأسلحة للتنظيم الإرهابي.
إلا أنه سرعان ما حدث تحول ملحوظ، فظهرت قوى فعالة معارضة لداعش بين السكان المحليين، لم تكن من الجيش العراقي فحسب، بل من مختلف المليشيات والجماعات شبه العسكرية، خاصة الكردية، والتي اتفقت على ضرورة القضاء على "داعش".
وأظهر استطلاع للرأي أجري في العراق في يناير/كانون الثاني 2016 أن 99% من الشيعة و95% من السنة أعربوا عن معارضتهم لداعش، خاصة بعد سياسته "قطع الرؤوس"، وعمليات الإعدام المتلاحقة، واغتصاب الأسيرات واستعبادهن.
"جرذان محاصرة"
وتقول "ذا ناشيونال إنترست" إن استراتيجية الولايات المتحدة، لا سيما كما طرحها وزير الدفاع الجنرال جيم ماتيس، كانت تركز على "القضاء على داعش"، مشيرة إلى أن تلك السياسة جعلت من حصار قوات "داعش" المقاتلين كـ"الجرذان"، دون أي مسلك للهروب، قنابل موقوتة، أسفرت عن مقتل العشرات من المدنيين.
وتقول الصحيفة الأمريكية، إنه بدلاً من معاملة مقاتلي داعش على أنهم "جرذان محاصرة" خلف دروع بشرية كما تملي السياسة الأمريكية، كان من الأفضل بشكل عام السماح لهم بالفرار.
ورغم ذلك، إلا أنه في بعض الأحيان سمح القادة المحليون بمسارات للهروب، مما أنقذ العديد من أرواح المدنيين.
قلق أمريكي
الصحيفة الأمريكية قالت إن القلق كان يكمن في أنه إذا سُمح لمقاتلي داعش بالهروب فسيكونون أحرارا مما يمكنهم من الانضمام إلى المعركة في مكان آخر، إلا أنها أكدت أن هذا القلق قد استند إلى المبالغة في تقدير قدراتهم وتفانيهم.
واستدلت الصحيفة الأمريكية على رؤيتها بقولها إنه بعد تقدمه السهل في عام 2014، لم يُظهر "داعش" الكثير من المثابرة العسكرية، فرغم أنه أعلن في عام 2014 أنه مستعد "لإحراق 10 آلاف مقاتل في معركة واحدة، إلا أنه ترك الميدان بعد خسارة بضع مئات، وفي أواخر عام 2015 شن ثلاث هجمات "سيئة التنسيق" في شمال العراق عبر "جرافات مدرعة"، تمكنت القوات المحلية من صدها بسهولة.
ولاحظ قادة الخطوط الأمامية أن عناصر تنظيم "داعش" "لا يقاتلون، بل يرسلون سيارات مفخخة ثم يهربون"، مشيرين إلى أن قادة التنظيم كانوا يتوسلون للعناصر لحثهم على القتال، إلا أنهم كانوا يجيبون بأنها قضية خاسرة، فيرفضون الانصياع والهرب".