الإساءة للإسلام في الغرب.. حوادث متكررة وحلول غائبة
لم يكن حرق نسخة من المصحف الشريف في السويد الحادثة الأولى التي يتم فيها الإساءة إلى الدين الإسلامي. بل سبقتها حوادث عديدة.
وتنوعت هذه الحوادث بين الرسوم الكاريكاتيرية المسيئة للرسول، وأفلام تسيء بتعاليم الدين الإسلامي. وصولاً إلى حرق نسخ من المُصحف أو تدنيسه في أكثر من مناسبة، ما يبرز مشكلة الإسلاموفوبيا في الغرب.
هذه الوقائع وإن اختلفت تفاصيلها، إلا أن القاسم المشترك بينها: الإساءة للدين الإسلامي ورموزه ومقدساته، بغرض استفزاز مشاعر المسلمين والمس بها. ناهيك عن تركزها في رقعة ضيقة: "الدول الأوروبية"، وبالأخص فرنسا والدنمارك والسويد.
كاريكاتير
قبل أكثر من 16 عاماً، اهتز العالم الإسلامي على وقع إساءة صارخة للدين الإسلامي، بعد نشر الصحيفة الدنماركية المتطرفة "بيلانز-بوستن"، مجموعة من الرسوم الكاريكاتيرية التي تجسد النبي محمد، وتقدمه بطريقة ساخرة تحت عنوان "وجه محمد".
وبعد أقل من أسبوعين، وبالتحديد في 10 يناير/ كانون الثاني 2006، قامت الصحيفة النرويجية "ماغازينيت" والصحيفة الألمانية "دي فيلت" والصحيفة الفرنسية "فرانس سوار"، وصحف أخرى في أوروبا، بإعادة نشر تلك الصور الكاريكاتورية، التي أشعلت موجة غضب في الشارع الإسلامي.
انتشرت الصور كالنار في الهشيم، ومعها احتجاجات المسلمين، سواء في الدنمارك أو باقي الدول الأوروبية والإسلامية، ووصل الأمر إلى حد خروج مسيرات مليونية، ومقاطعات شعبية للمنتجات الدانماركية، بالتوازي مع احتجاجات رسمية من الدول الإسلامية.
وتسببت تلك الاحتجاجات، خاصة الرسمية منها في أزمة حادة على مستوى السياسة الخارجية، وصفت بكونها الأخطر منذ الحرب العالمية الثانية، وفق مراقبين.
"شارلي إبدو"
وإن ذُكرت مجلة شارلي إبدو الفرنسية، تُذكر رسوماتهما الكاريكاتورية الجريئة، التي تصل أحياناً إلى درجة التنمر، دون الأخذ بعين الاعتبار بمشاعر الآخرين، واحترام مُقدساتهم.
ورسومات المجلة المُسيئة للإسلام ورموزه عديدة، مثل تلك المسيئة للرسول، والتي نُشرت عام 2006، وخلفت إدانات واسعة وصلت إلى مطالبة القضاء بحجبها، لتنشر في العام التالي.
توالت الأعوام، و"شارلي إبدو"، مُستمرة في خطها التحريري المُستهدف للمقدسات والأديان، لتنشر عام 2011 كاريكاتيريا لرجل يرتدي زيًا إسلاميًا، وعلّقت عليه: "100 جلدة إذا لم تمت من الضحك".
بعدها بأشهر نشرت الصحيفة رسمًا كاريكاتيريًا لرجل يرتدي زيًا إسلاميًا، ويقبل رجل آخر، في إشارة لمثليي الجنس، وعلّقت عليها "الحب أقوى من الكراهية".
حرق نسخ المصحف
وبالسويد، تكررت عمليات الإقدام على حرق نسخ من المصحف الشريف في أكثر من مرة، من طرف متطرفين من مختلف التوجهات الأيديولوجية، كان آخرها ما أقدم عليه اللاجئ العراقي في السويد سلوان موميكا في 20 يوليو/ تموز الماضي.
وفي العامين الماضيين فقط، شهدت السويد عدة محاولات لحرق نسخ من المصحف، كتلك التي أقدم عليها السياسي الدنماركي - السويدي، راسموس بالودان، زعيم أحد التنظيمات اليمينية المتطرفة.
إذ قام بالودان رفقة أنصار حزبه بإحراق نسخ من القرآن الكريم في أبريل/ نيسان من العام الماضي. مثل حرق نسخة من القرآن الكريم أمام السفارة التركية بالعاصمة السويدية ستوكهولم، الأمر الذي أدى إلى موجة من الاحتجاجات في أغلب المدن السويدية.
وبالعودة إلى العراقي سلوان موميكا، فإنه لم يقم بعملية حرق نسخة من القرآن مرة واحدة، بل خلال العام الجاري قام بذات الفعل مرتين، الأولى في يونيو/ حزيران، والثانية بعد أقل من شهر، وبالتحديد في 20 يوليو/ تموز.
وفي المحاولة الأولى، قام سلوان موميكا بتمزيق نسخة من القرآن الكريم، ثم حرقها عند مسجد ستوكهولم المركزي، في أول أيام عيد الأضحى، بعد أن منحته الشرطة السويدية تصريحًا بتنظيم الاحتجاج إثر قرار قضائي.
وفي 20 تموز/يوليو 2023 كرّر سلوان موميكا نفس الفعل، ليحرق نسخة من القرآن الكريم وإضافة إلى ذلك، حرق العلم العراقي أمام السفارة العراقية في السويد.
عنصرية لا حرية
وفي تعليق على حوادث الإساءة للإسلام، وخاصة الحوادث الأخيرة لإحراق المصحف في السويد، أكد لحسن السكنفل، عضو المجلس العلمي الأعلى بالمغرب، أن هذه السلوكيات "تدل على العنصرية ولا علاقة لها بالحرية لا من قريب ولا من بعيد"، موضحاً أن ربطها بحرية التعبير، هو "عذر أقبح من زلة".
ولفت إلى أن هذه السلوكيات، تعكس ما يحمله أصحابها من مشاعر تجاه الإسلام والمسلمين، ويُحيل إلى سلوكيات قديمة كانت تعرفها أوروبا في العصور الوسطى، من إحراق للكتب وتدنيسها.
وأوضح السكنفل في حديث لـ"العين الإخبارية" أن "اعتبار إهانة المقدسات يدخل ضمن حرية التعبير، فهو حق يراد به باطل وعذر أقبح من زلة".
ولفت إلى أن القاعدة العامة في تحديد الحريات، هو أن حرية الإنسان تنتهي عندما تبدأ حرية الآخرين، مضيفا أن الدين الإسلامي يدعو إلى احترام الكتب المقدسة واحترام أفكار الغير.