العالم الإسلامي يخوض حرب كورونا في رمضان.. صيام ومخاوف
أغلب الدول الإسلامية تسعى لتعزيز النجاحات التي حققتها عبر تطبيق الإجراءات الاحترازية المرتبطة بتقييد التجمعات.
يقف العالم الإسلامي أمام تحدٍ حقيقي واستثنائي قبيل دخول شهر رمضان الكريم، ففي الوقت الذي تكافح فيه أغلب الدول الإسلامية لكسر ذروة تفشي وباء كورونا المستجد "كوفيد - 19" يطل الشهر الفضيل بكل ما فيه من العبادات والعادات الاجتماعية.
وتسعى أغلب الدول الإسلامية لتعزيز النجاحات التي حققتها عبر تطبيق الإجراءات الاحترازية المرتبطة بتقييد التجمعات والمحافظة على وتيرة منخفضة لارتفاع حالات الإصابة بـ"كوفيد - 19" وعدم إغراق المنظومات الصحية طوال الأسابيع الماضية، إلا أن التوقيت الذي يأتي فيه الشهر الفضيل يعد مفصلياً في الحرب على الوباء.
من جهتها، ناشدت أغلب المرجعيات الدينية الالتزام بالتعليمات الصادرة من الجهات الصحية؛ حيث شدد مفتي عام المملكة العربية السعودية رئيس هيئة كبار العلماء والرئيس العام للبحوث العلمية والإفتاء الشيخ عبدالعزيز بن عبدالله بن محمد آل الشيخ، على إقامة الصلاة في البيوت خلال شهر رمضان؛ لتعذر إقامتها في المساجد بسبب الإجراءات الاحترازية التي اتخذتها الجهات الصحية المختصة.
وأكدت وزارة الأوقاف المصرية أنه لا مجال على الإطلاق لرفع تعليق إقامة الجمع والجماعات بما في ذلك صلاة التراويح خلال شهر رمضان، ولا مجال لفتح المساجد خلال الشهر الكريم مراعاة للمصلحة الشرعية المعتبرة.
وعلى المستوى المحلي أكد مجلس الإمارات للإفتاء الشرعي وجوب الالتزام بالقرار الصادر عن الهيئة الوطنية لإدارة الطوارئ والأزمات والكوارث، وبالتنسيق مع الهيئة العامة للشؤون الإسلامية والأوقاف والجهات الدينية والصحية الاتحادية والمحلية، بتمديد العمل بقرار إغلاق المساجد حتى إشعار آخر.
واستندت كبرى المرجعيات الدينية الإسلامية في دعواتها إلى التقيد بإجراءات التباعد الجسدي والالتزام بقرارات منع إقامة صلوات الجماعة والتراويح خلال شهر رمضان المبارك، إلى القاعدة الفقهية "لا ضرر ولا ضرار"، مشيرة إلى أن الظروف الاستثنائية التي يحل فيها شهر رمضان هذا العام تتطلب تعاوناً من الجميع.
وأكدت المرجعيات الدينية أن التمسك بالإرشادات الصحية والالتزام بقواعد التباعد الاجتماعي لا يعني نهائياً عدم الاستمتاع بأجواء شهر رمضان الفضيل، فقد تكون هذه الإجراءات سبباً في مزيد من التقارب والألفة بين أفراد الأسرة الواحدة.
إلى ذلك، تلجأ عدة دول إسلامية إلى تخفيف الإجراءات الاحترازية بشكل استثنائي خلال الشهر الفضيل، وهو ما قد يعد مخاطرة وفقاً لتحذيرات منظمة الصحة العالمية والجهات الصحية المعنية.
ويمكن أن يحدد مدى انتشار الوباء في الدول الإسلامية المدى الذي يمكن أن تصل إليه أي خطوة نحو تخفيف الإجراءات، ويبقى قياس مدى تأثير ذلك صعباً قبل بدء التطبيق.
وكانت منظمة الصحة العالمية حذرت من خطورة التسرع في إلغاء القيود على التجمعات الاجتماعية منعاً لعودة تفشي الوباء.
وتتطلع الدول الإسلامية إلى مدى الوعي الذي سيظهره أفرادها باعتباره الرهان الحقيقي والمعيار الذي سيحدد الكيفية التي ستؤول لها الأمور خلال الشهر الفضيل.
وقالت الواعظة مريم ناصر الزيدي: "منذ أن كنا صغاراً في ربوع إماراتنا الحبيبة رددنا النشيد الوطني الذي أقسمنا فيه جميعاً مواطنين ومقيمين، على العمل والبناء، والإخلاص والوفاء، كي يدوم الاستقرار والأمان، ويعيش الوطن ومن على أرضه في راحة واطمئنان، ويدوم اتحادنا ولحمتنا بمحبتنا والانتماء".
وأضافت: "ها نحن اليوم نعيش هذه المعاني الجميلة التي لطالما رددناها بقلوبنا قبل ألسنتنا ورأيناها عياناً في ظل الأزمة الراهنة.. فهب كل من على أرض الوطن مواطنين ومقيمين مستشعرين المسؤولية الوطنية والاجتماعية المناطة على عواتقهم.. فهبوا لتلبية النداء، كل في مجاله وتخصصه، متواصين بتحقيق المصالح المشتركة فصاروا كالجسد الواحد، في التواد والمحبة والتراحم، كما قال صلى الله عليه وسلم، واصفاً صورة العلاقات التي ينبغي عليها أن تكون في المجتمع الواحد: "مَثَلُ الْمُؤْمِنِينَ فِي تَوَادِّهِمْ وَتَرَاحُمِهِمْ وَتَعَاطُفِهِمْ مَثَلُ الْجَسَدِ؛ إِذَا اشْتَكَى مِنْهُ عُضْوٌ تَدَاعَى لَهُ سَائِرُ الْجَسَدِ بِالسَّهَرِ وَالْحُمَى".