منطقة عازلة في غزة.. هل يتكرر سيناريو لبنان؟
في محاولة من إسرائيل لـ«منع» أي هجمات مستقبلية عليها، كشفت الدولة العبرية عن رغبتها في إقامة منطقة عازلة على الجانب الفلسطيني من حدود قطاع غزة، في مرحلة ما بعد الحرب.
ونقلت وكالة «رويترز»، عن ثلاثة مصادر إقليمية، قولها إن إسرائيل أبلغت دولا عربية، بهذه الفكرة، إضافة إلى تركيا.
ولا تشير المبادرة إلى قرب نهاية الهجوم الإسرائيلي الذي استؤنف يوم الجمعة بعد هدنة استمرت سبعة أيام، لكنها تظهر أن إسرائيل تتواصل مع دول أخرى غير الوسطاء العرب المعروفين، مثل مصر أو قطر، في سعيها لتحديد الوضع في غزة في فترة ما بعد الحرب.
ولم تعبر أي دولة عربية عن استعدادها لإدارة غزة في المستقبل وندد معظمها بشدة بالهجوم الإسرائيلي الذي أودى بحياة أكثر من 15 ألفا ودمر مساحات واسعة من المناطق الحضرية في القطاع.
وتقول إسرائيل إن هجوم حماس في السابع من أكتوبر/تشرين الأول الماضي، أودى بحياة 1200 شخص بالإضافة إلى احتجاز أكثر من 200 آخرين.
ما أهداف المنطقة العازلة؟
مسؤول أمني إقليمي كبير، وهو أحد المصادر الثلاثة التي طلبت عدم الكشف عن جنسياتها قال لـ«رويترز»، إن «إسرائيل تريد إقامة هذه المنطقة العازلة بين غزة وإسرائيل شمالا إلى الجنوب لمنع أي تسلل أو هجوم عليها من جانب حماس أو أي مسلحين آخرين».
وردا على سؤال عن فكرة إقامة منطقة عازلة، قال أوفير فولك مستشار رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو للسياسة الخارجية في تصريحات لـ«رويترز»: «الخطة تحمل تفاصيل أكثر من ذلك. إنها تقوم على عملية من ثلاثة مستويات لليوم التالي للقضاء على حماس».
وفي معرض توضيحه لموقف الحكومة الإسرائيلية، قال إن المستويات الثلاثة تشمل تدمير حماس ونزع سلاح غزة والقضاء على التطرف في القطاع.
وأضاف أن «المنطقة العازلة قد تكون جزءا من عملية نزع السلاح». ورفض تقديم تفاصيل عندما سئل عما إذا كانت هذه الخطط قد أثيرت مع شركاء دوليين، منهم دول عربية.
وترفض الدول العربية هدف إسرائيل المتمثل في القضاء على حماس ووصفته بأنه مستحيل قائلة إن الحركة الفلسطينية أكثر من مجرد قوة مسلحة يمكن هزيمتها.
إخراج الفلسطينيين من غزة
وأشارت إسرائيل في الماضي إلى أنها تدرس إقامة منطقة عازلة داخل غزة، لكن المصادر قالت إنها تعرضها الآن في إطار خططها الأمنية المستقبلية لغزة. وانسحبت القوات الإسرائيلية من القطاع في عام 2005.
وقال مسؤول أمريكي طلب عدم الكشف عن هويته إن «إسرائيل طرحت فكرة المنطقة العازلة دون أن يحدد الجهة التي طرحتها عليها»، لكنه أكد مجددا معارضة واشنطن لأي خطة من شأنها تقليص مساحة الأراضي الفلسطينية.
وعبرت الأردن ومصر ودول عربية أخرى عن مخاوفها من طرد إسرائيل للفلسطينيين من غزة في تكرار لمصادرة الأراضي من الفلسطينيين عند إعلان قيام دولة إسرائيل عام 1948. وتنفي الحكومة الإسرائيلية أي هدف من هذا القبيل.
وقال مصدر أمني إسرائيلي كبير إن «فكرة المنطقة العازلة تجري دراستها»، مضيفا: «ليس من الواضح في الوقت الحالي مدى عمقها (المنطقة العازلة) وما إذا كانت قد تصل إلى كيلومتر واحد أو كيلومترين أو مئات الأمتار (داخل غزة)».
ومن شأن أي توغل في قطاع غزة الذي يبلغ طوله نحو 40 كيلومترا ويتراوح عرضه بين خمسة كيلومترات و12 كيلومترا أن يؤدي لمحاصرة سكانه البالغ عددهم 2.3 مليون نسمة في منطقة أصغر.
وتقود مصر وقطر محادثات الوساطة مع إسرائيل التي تركز على إطلاق سراح المحتجزين لدى حركة حماس مقابل إفراج إسرائيل عن الفلسطينيين المحتجزين في سجونها.
تحويل التركيز
قال مصدران أمنيان مصريان إن إسرائيل طرحت خلال محادثات الوساطة مع مصر وقطر فكرة نزع الأسلحة من شمال غزة وإقامة منطقة عازلة في شمال القطاع تحت إشراف دولي.
وأفادت المصادر بأن عدة دول عربية تعارض ذلك. وأضافت أن الدول العربية قد لا تعارض إقامة حاجز أمني بين الجانبين لكنّ هناك خلافا حول موقعه.
وقال المصدران المصريان، إنه يجب تأجيل مناقشة هذه المسألة إلى ما بعد الحرب لتجنب عرقلة المحادثات المتعلقة بإطلاق سراح المحتجزين.
ورفض مصدر في مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي التعليق على هذه التقارير، قائلا: «لقد حدد مجلس الحرب بقيادة نتنياهو المهام الحربية: وهي تدمير حماس وإعادة جميع المحتجزين إلى الوطن واستمرار (القتال) حتى اكتمال مهامنا».
وقال أحد المصدرين المصريين إن إسرائيل تحولت في مناقشاتها مع مصر وقطر من التركيز على الرد على الهجوم وهو الموقف الذي كانت تتبناه في وقت سابق من الأزمة إلى إبداء استعداد أكبر «لإعادة النظر في مطالبها مع استمرار الوساطة».
هل يتكرر سيناريو لبنان؟
وشبهت المصادر الإقليمية فكرة المنطقة العازلة في غزة بـ«المنطقة الأمنية» التي أقامتها إسرائيل في جنوب لبنان. وأخلت إسرائيل تلك المنطقة التي كانت بعمق نحو 15 كيلومترا في عام 2000 بعد سنوات من القتال والهجمات التي شنها حزب الله اللبناني.
وأضافت المصادر أن خطة إسرائيل لغزة في فترة ما بعد الحرب تتضمن طرد قادة حماس، وهو إجراء يشبه الحملة الإسرائيلية في لبنان في الثمانينيات عندما طردت قيادات منظمة التحرير الفلسطينية التي كانت تشن هجمات من لبنان على إسرائيل.
وقال أحد المسؤولين الإقليميين المطلعين على المحادثات إن إسرائيل مستعدة لدفع ثمن باهظ لطرد «حماس» نهائيا من غزة إلى دول أخرى في المنطقة مثلما فعلت في لبنان، لكنه أشار إلى أن الأمر ليس مماثلا فـ«التخلص من حماس صعب وغير مؤكد».
وقال مسؤول إسرائيلي كبير إن إسرائيل لا تعتبر حماس مثل منظمة التحرير الفلسطينية ولا تعتقد أنها ستتصرف مثلها.
aXA6IDE4LjE4OC43Ni4yMDkg جزيرة ام اند امز