أوروبا وإسرائيل على مفترق طرق.. هل يهدد الخلاف «الدرع الجوي»؟

تواجه الخطط الأوروبية لإنشاء منظومة دفاع جوي شاملة، على غرار "القبة الحديدية" الإسرائيلية، خطر التعطيل بعد تصاعد الخلافات السياسية والدبلوماسية بين الاتحاد الأوروبي وإسرائيل على خلفية الحرب في غزة.
تهدف المبادرة، المعروفة باسم (سكاي شيلد) "درع السماء" والتي تقودها ألمانيا، إلى بناء مظلة صاروخية تمتد من تركيا حتى فنلندا، ضمن جهود غير مسبوقة لإعادة تسليح القارة لمواجهة التهديدات الروسية.
ووفقا لصحيفة "واشنطن بوست"، يُفترض أن تقوم المنظومة على صواريخ إيريس-تي الألمانية ومنظومات باتريوت الأمريكية، على أن يتكامل معها صاروخ آرو 3 الإسرائيلي لاعتراض الصواريخ الباليستية والفرط صوتية على ارتفاعات عالية.
غير أن دمج " آرو 3"، وهو مشروع مشترك بين إسرائيل والولايات المتحدة، بات موضع شك كبير. فالنظام، الذي يُعد الأول عالميًا والقادر على اعتراض أهداف خارج الغلاف الجوي، يحتاج إلى موافقة إسرائيلية على تصديره عبر "وكالة مراقبة صادرات الدفاع"، وهو ما قد تستخدمه تل أبيب كورقة ضغط سياسية.
تصعيد أوروبي ضد إسرائيل
كانت عواصم أوروبية قد اتخذت في الأسابيع الأخيرة، عدة خطوات ضد إسرائيل، شملت وقف صادرات الأسلحة من ألمانيا وسلوفينيا، وتجميد المدفوعات الأوروبية الموجهة لتل أبيب.
كما دعت رئيسة المفوضية الأوروبية أورسولا فون دير لاين إلى تعليق بعض بنود الاتفاق التجاري مع إسرائيل، وفرض عقوبات على وزراء ومستوطنين وصفتهم بـ"المتطرفين".
واتهمت فون دير لاين إسرائيل بالتسبب في "مجاعة متعمدة" في غزة والسعي لتقويض حل الدولتين، داعية الدول الأعضاء إلى تجاوز خلافاتها للمضي في قرارات أشد صرامة، بما في ذلك تعليق التمويل من برنامج الأبحاث الأوروبي "هورايزن".
وفي بريطانيا، أعلن رئيس الوزراء كير ستارمر استعداده للاعتراف بالدولة الفلسطينية إذا لم تلتزم إسرائيل بشروط محددة، أبرزها وقف إطلاق النار الفوري والسماح بدخول المساعدات الإنسانية. ومن المتوقع أن تحذو عشرات العواصم حذوه خلال اجتماعات الجمعية العامة للأمم المتحدة.
تهديدات متبادلة
في المقابل، لم تُخفِ إسرائيل انزعاجها من هذه التطورات. فقد حذّر عاموس يادلين، الرئيس السابق للاستخبارات العسكرية الإسرائيلية، من أن "أي خطوات ألمانية تضر بالأمن القومي الإسرائيلي قد تدفع إسرائيل إلى إعادة النظر في علاقاتها الدفاعية مع برلين".
أما وزير الخارجية الإسرائيلي جدعون ساعر، فاتهم أوروبا بترديد "دعاية حماس"، مؤكدًا أن مثل هذه المواقف "تقوي المحور الراديكالي في الشرق الأوسط".
الحاجة الأوروبية للدفاع الجوي
رغم التوترات السياسية، يزداد إلحاح الأوروبيين على المضي قدمًا في بناء المنظومة الدفاعية، خصوصًا بعد اختراق نحو 20 طائرة مسيّرة روسية الأجواء البولندية الأسبوع الماضي، ما استدعى تدخل مقاتلات الناتو داخل أراضيها للمرة الأولى منذ تأسيسه قبل 76 عامًا.
وقالت فون دير لاين أمام البرلمان الأوروبي، تزامنا مع الإعلان عن الهجوم الروسي: "علينا أن نستجيب لنداءات أصدقائنا في دول البلطيق ونبني جدارًا ضد المسيّرات. هذه ليست طموحات نظرية بل أساس دفاع موثوق".
من جهته، اعتبر مانفريد فيبر، زعيم حزب الشعب الأوروبي، أن المشروع "منطقي وضروري"، مؤكدًا أنه سيكون متوافقا بالكامل مع حلف شمال الأطلسي.
لكن من دون صواريخ آرو 3، ستبقى المنظومة الأوروبية محدودة القدرات، إذ يقتصر مدى اعتراض صواريخ "باتريوت" على 100 كيلومتر، بينما يغطي "إيريس-تي" نطاقا أقصر يصل إلى 40 كيلومترا. وتُضاف إلى ذلك منظومة سكاي رينجر الألمانية لحماية المناطق الصغيرة من الطائرات المسيّرة.
وبحسب تقرير حديث لمؤسسة "بلومبرغ إنتليجنس"، فإن بناء شبكة دفاعية متكاملة قادرة على حماية القارة الأوروبية قد يكلف نحو 200 مليار دولار.