غزة والجولان وجنوب لبنان..هل تكتب إسرائيل حدودها الجديدة بالحرب؟

بعيدا عن لغة البيانات العسكرية، يطرح الواقع الميداني في مناطق الصراع تساؤلات جوهرية: هل ما يحدث هو إعادة تموضع؟ أم هناك مآرب أخرى؟
إسرائيل، التي لا تزال تتعامل مع آثار هجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول 2023، وسّعت وجودها العسكري في قطاع غزة وسوريا ولبنان، تحت لافتة "الأمن" هكذا تقول وكالة "أسوشيتد برس" في تقرير لها طالعته "العين الإخبارية".
وتُصر إسرائيل على أنها بحاجة إلى الاحتفاظ بالمناطق التي تتواجد فيها لمنع هجمات مماثلة، لكن يبدو- بحسب الوكالة نفسها- أن عمليات الاستيلاء هذه تُطابق "التعريف المعجمي للاحتلال العسكري".
ويُنظر عالميا إلى الاستيلاء على الأراضي بالقوة على أنه انتهاك للقانون الدولي، وهو أمر استشهد به حلفاء إسرائيل الغربيون مرارا وتكرارا فيما يتعلق بالعملية العسكرية الروسية في أوكرانيا.
ولعقود، أكدت الحكومات الإسرائيلية أنها يجب أن تحتفظ بالأراضي التي استولت عليها منذ تأسيسها عام 1948، للدفاع عن النفس، لكنها ستعيدها في إطار اتفاقيات سلام، كما حدث عندما أعادت شبه جزيرة سيناء إلى مصر في اتفاقيات كامب ديفيد.
وضمت إسرائيل رسميا القدس الشرقية، بالإضافة إلى مرتفعات الجولان التي استولت عليها من سوريا.
كما احتلت الضفة الغربية، التي يقطنها نحو ثلاثة ملايين فلسطيني، لأكثر من نصف قرن، وأقامت مستوطنات فيها تؤوي اليوم أكثر من 500 ألف مستوطن يهودي.
أما في قطاع غزة، فسحبت إسرائيل جنودها ومستوطنيها عام 2005، لكنها فرضت حصارا عليه، في أعقاب تولي حماس السلطة بعد عامين.
وفي بيان صدر أمس الأربعاء، صرح وزير الدفاع الإسرائيلي إسرائيل كاتس، بأن قوات بلاده ستبقى في ما يُسمى بالمناطق الأمنية في غزة وسوريا ولبنان "في أي وضع مؤقت أو دائم".
ما هي "المناطق الأمنية"؟
بعد هجوم حماس عام 2023، شنّت إسرائيل حربا واسعة النطاق على قطاع غزة، وأنشأت منطقة عازلة واسعة على طول الحدود.
وأنهت إسرائيل وقف إطلاق النار مع حماس، الشهر الماضي، ومنذ ذلك الحين وسّعت المنطقة العازلة، وأنشأت ممرات عبر القطاع، وحاصرت مدينة رفح الجنوبية.
تسيطر إسرائيل الآن على أكثر من 50% من غزة، وفقا للخبراء. في حين لم يحدد كاتس المناطق التي كان يشير إليها.
توسع النفوذ الإسرائيلي في غزة
ووفق وكالة "أسوشيتد برس" يسيطر الجيش الإسرائيلي على أكثر من نصف غزة، مما يؤدي إلى عزل الفلسطينيين وتدمير مساحات واسعة منها.
كان من المفترض أن تنسحب إسرائيل من لبنان بموجب اتفاق وقف إطلاق النار الذي توصلت إليه مع حزب الله في نوفمبر/تشرين الثاني، بعد أكثر من عام من القتال.
لكن قواتها بقيت في خمسة مواقع استراتيجية على طول الحدود، وواصلت شن ضربات ضد ما تصفه إسرائيل بأهداف مسلحة.
عندما سقط حُكم الرئيس السوري بشار الأسد، في ديسمبر/كانون الأول الماضي، تقدمت القوات الإسرائيلية من مرتفعات الجولان إلى الجانب السوري من المنطقة العازلة التي أُنشئت بعد حرب عام ١٩٧٣.
ومنذ ذلك الحين، وسّعت إسرائيل نطاق سيطرتها ليشمل القرى المجاورة، مما أدى إلى اندلاع اشتباكات مع السكان الشهر الماضي.
كما قصفت إسرائيل مرارا وتكرارا قواعد عسكرية سورية وأهدافا أخرى، وأعلنت أنها لن تسمح لقوات الأمن السورية بالعمل جنوب دمشق.
كيف ردّت دول الجوار الإسرائيلي؟
أدانت لبنان وسوريا استيلاء إسرائيل على أراضيهما، واعتبرتاه انتهاكا صارخا لسيادتهما وللقانون الدولي.
وانسحبت القوات الإسرائيلية من قرى في جنوب لبنان كجزء من اتفاق وقف إطلاق النار، لكنها بقيت في خمسة مواقع استراتيجية داخل لبنان.
أما حزب الله، الذي تأسس خلال السنوات الأولى من احتلال إسرائيل لجنوب لبنان بين عامي 1982 و2000، فهدد باستئناف الأعمال العدائية إذا لم تستكمل إسرائيل انسحابها، ولكن قدراته العسكرية استنفدت بشدة بسبب الحرب.
وبينما يبدو من غير المرجح عودة حزب الله إلى الحرب، فإن استمرار التواجد الإسرائيلي قد يعقد الجهود اللبنانية للتفاوض على نزع سلاح الحزب، وفق المصدر.
يسعى الفلسطينيون إلى إقامة دولة مستقلة في القدس الشرقية والضفة الغربية وقطاع غزة، وهي أراضٍ احتلتها إسرائيل في حرب عام 1967.
ويُنظر إلى حل الدولتين على نطاق واسع دوليا على أنه السبيل الوحيد لحل النزاع، إلا أن آخر محادثات سلام جادة انهارت منذ أكثر من 15 عاما.
أعلنت حماس أنها لن تُفرج عن الرهائن الـ 59 المتبقين في غزة - والذين يُعتقد أن 24 منهم على قيد الحياة - إلا مقابل انسحاب إسرائيلي كامل من القطاع ووقف إطلاق نار دائم.
وفي هذا السياق، لفتت "أسوشيتد برس" إلى أن تعهد إسرائيل بالبقاء في غزة قد يعقد المحادثات البطيئة بشأن وقف إطلاق نار جديد.
ما هو موقف إدارة ترامب؟
لم تُعلق الولايات المتحدة بعد على تصريحات كاتس.
لكن إدارة ترامب أعربت عن دعمها الكامل لإجراءات إسرائيل في غزة، بما في ذلك قرارها إنهاء وقف إطلاق النار، وتجديد العمليات العسكرية بقصف مفاجئ أودى بحياة المئات، وعزل القطاع عن جميع الإمدادات الغذائية والوقودية وغيرها.
خلال ولايته الأولى، قدّم الرئيس دونالد ترامب دعما غير مسبوق لاستيلاء إسرائيل على الأراضي بالقوة، مُغيرا في بعض الأحيان عقودا من السياسة الخارجية الأمريكية.
في عهد ترامب، أصبحت الولايات المتحدة الدولة الأولى والوحيدة حتى الآن التي تعترف بضم إسرائيل لمرتفعات الجولان.
كما نقل ترامب السفارة الأمريكية إلى القدس، داعما بذلك مطالبات إسرائيل بالمدينة بأكملها. واستمرت كلتا السياستين في عهد إدارة جو بايدن.
اقترح ترامب أن تتولى الولايات المتحدة إدارة غزة بعد الحرب وتُعيد تطويرها كوجهة سياحية. ودعا إلى توطين الفلسطينيين في دول أخرى، وهي خطة رفضها الفلسطينيون ومعظم المجتمع الدولي.
من جهته، تعهد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بتنفيذ الخطة بعد هزيمة حماس، قائلا إن بلاده تدعم "الهجرة الطوعية" للفلسطينيين من أراضٍ تسيطر عليها بشكل كبير.
aXA6IDMuMTM3LjIwMi4yMDQg جزيرة ام اند امز