المرحلة الأولى من اتفاق غزة تنتهي خلال ساعات.. «القادم أصعب»

مع اقتراب انتهاء المرحلة الأولى من الهدنة في غزة، تزداد تعقيدات المشهد السياسي والعسكري في ظل مواقف إسرائيل وحماس المتشددة.
الهدنة، التي استمرت 42 يومًا، والتي جاءت بعد ضغوط مكثفة من الولايات المتحدة، أدت إلى إطلاق سراح 38 رهينة إسرائيلية مقابل أكثر من 1700 أسير فلسطيني، إضافة إلى إدخال مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة.
المرحلة الثانية: الانسحاب الكامل وإطلاق جميع الرهائن
وفقًا للاتفاق، من المفترض أن تستمر المرحلة الثانية 42 يومًا أخرى وتشمل الانسحاب الكامل للقوات الإسرائيلية من قطاع غزة وإطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين لدى حماس، والبالغ عددهم 24 شخصًا، مقابل إطلاق مزيد من الأسرى الفلسطينيين. إلا أن هناك عقبات رئيسية أمام تنفيذ هذه المرحلة.
أولًا، تُعتبر هذه المرحلة بمثابة إعلان رسمي لنهاية الحرب، وهو ما ترفضه إسرائيل، حيث أوضح مصدر إسرائيلي أن الحكومة تسعى لإبقاء الأمور غامضة قدر الإمكان، لتجنب أي التزام دولي بإنهاء العمليات العسكرية.
كما تجاوز نتنياهو الموعد النهائي المحدد في 3 فبراير/ شباط لإرسال فريق التفاوض لمناقشة المرحلة الثانية، وبدلًا من ذلك، زار الرئيس الأمريكي السابق دونالد ترامب في واشنطن. ورغم الإعلان في اللحظة الأخيرة عن إرسال وفد إلى القاهرة، لم يضم الوفد كبير المفاوضين، وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، مما يعكس عدم جدية إسرائيل في المضي قدمًا نحو المرحلة التالية.
إسرائيل تستمر في احتلال ممر فيلادلفيا
إحدى النقاط الشائكة في المفاوضات هي ممر فيلادلفيا، وهو الشريط الحدودي بين غزة ومصر. فبينما كان من المفترض أن تبدأ إسرائيل الانسحاب من هذا الممر مع انتهاء المرحلة الأولى، أعلنت تل أبيب نيتها الاستمرار في احتلاله. ويأتي هذا رغم ما ينص عليه الاتفاق من الانسحاب التدريجي خلال ثمانية أيام. ويثير استمرار السيطرة الإسرائيلية على هذا الممر تساؤلات حول مدى التزام إسرائيل بالاتفاق، وقد يعقّد الجهود الدبلوماسية الرامية إلى تنفيذ المرحلة الثانية.
موقف حماس: التمسك بوقف إطلاق النار ورفض نزع السلاح
رغم التزام حماس عمومًا بالهدنة، فإنها ترفض بشكل قاطع أي نقاش حول نزع سلاحها أو الخروج من غزة. ويتبنى قادة الحركة مواقف متباينة بين التشدد أحيانًا والتصالح أحيانًا أخرى، لكن الموقف العام هو رفض أي محاولة لفرض نزع السلاح كشرط لأي اتفاق مستقبلي.
في الوقت نفسه، أشار بعض قادة حماس إلى استعدادهم للتخلي عن حكم غزة، ولكن بشرط أن يكون ذلك ضمن توافق وطني فلسطيني، دون تدخل إقليمي أو دولي. وأوضح عضو المكتب السياسي حسام بدران أن الحركة لن تكون جزءًا من الحكم إذا وُجد توافق فلسطيني داخلي حول إدارة القطاع.
مستقبل غزة: غموض إسرائيلي وخطط أمريكية
لا يزال مستقبل غزة بعد الحرب مجهولًا، خاصة في ظل غموض الموقف الإسرائيلي. فنتنياهو لم يطرح رؤية واضحة سوى تأييده لخطة ترامب التي تدعو إلى تحويل غزة إلى "جنة اقتصادية"، مع استبعاد كل من السلطة الفلسطينية وحماس من الحكم. لكن هذه الرؤية تتناقض مع المواقف العربية والدولية التي تسعى لإعادة إعمار غزة مع بقاء سكانها في أماكنهم.
في الوقت نفسه، تسعى الولايات المتحدة إلى إيجاد حل سياسي طويل الأمد يضمن استقرار المنطقة، وسط انقسام داخلي في إسرائيل بين من يريد استمرار الحرب ومن يفضل البحث عن تسوية دبلوماسية.
هل ستوافق حماس على إطلاق الرهائن دون ضمانات؟
السؤال الأهم في الأيام القادمة هو ما إذا كانت حماس ستوافق على إطلاق سراح الرهائن المتبقين دون التزام إسرائيل بإنهاء الحرب والانسحاب من غزة.
وبحسب "سي إن إن"، يسعى رئيس الوزراء الإسرائيلي نتنياهو لتمديد المرحلة الأولى لأطول فترة ممكنة، بحيث يستمر إطلاق سراح الرهائن دون تقديم التزام واضح بوقف العمليات العسكرية. لكن هذا النهج يواجه رفضًا من قبل حماس، التي ترى أن الرهائن هم الورقة الوحيدة التي تملكها للضغط على إسرائيل.
ويعتقد المفاوض الإسرائيلي السابق جيرشون باسكين يرى أن خطة نتنياهو هذه محكوم عليها بالفشل، إذ أن قادة حماس داخل غزة أصبحوا أكثر استقلالية عن القادة في الخارج، وهم أكثر استعدادًا للرد عسكريًا إذا استؤنفت الحرب. وأوضح أن "الحرب انتهت فعليًا، حتى لو لم يعترف نتنياهو بذلك، وأن أي تغيير في غزة سيكون نتيجة قرارات سياسية، وليس استمرار القتال".