هدنة غزة.. «عراقيل» تهدد المرحلة الثانية

تنتهي المرحلة الأولى من هدنة غزة السبت، لكن الاتفاق حول المرحلة الثانية لا يبدو في متناول اليد.
فعلى مدى 6 أسابيع، نجا اتفاق وقف إطلاق النار بصعوبة وسط عمليات تبادل الأسرى المحفوفة بالمخاطر، والنزاعات حول انتهاكات مزعومة للاتفاق، وصدمة اقتراح الرئيس الأمريكي دونالد ترمب بإخراج الفلسطينيين من غزة والسيطرة على القطاع.
والآن، تدخل الهدنة الهشة مرحلة «أكثر خطورة»، فمع اقتراب المرحلة الأولى من نهايتها يبدو أن إسرائيل وحماس، وإدارة ترمب والوسطاء العرب بعيدون كل البعد عن التوصل إلى اتفاق للمضي قدما في المرحلة الثانية الحاسمة والتي يُفترض أن تشهد إطلاق سراح جميع الرهائن الإسرائيليين الأحياء، وانسحاب إسرائيل من غزة، وإنهاء الحرب بشكل دائم، بحسب صحيفة «واشنطن بوست».
والسؤال الرئيسي حاليا، هل يمكن إقناع حماس، أو الضغط عليها، لإلقاء سلاحها ومغادرة غزة، كما طالب رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو كشرط مسبق لإنهاء الحرب؟ أم أنه سيكون على استعداد للتنازل ودفع الثمن السياسي؟
ضغوط سياسية
ويرى المحللون أن نتنياهو وقادة حماس يواجهون ضغوطًا سياسية متضاربة تجعل اتفاق المرحلة الثانية أكثر صعوبة بكثير من الأول، وأن استئناف الحرب قد يكون مسألة وقت فقط، وفقا لما ذكرته صحيفة "واشنطن بوست" الأمريكية.
وبالنسبة لنتنياهو، الذي أعلن منذ فترة طويلة أن هدف الحرب هو "إبادة" حماس، فإن القرار بإنهائها قبل موافقة الحركة على نزع سلاحها سيثير غضب شريكه في الحكومة اليميني المتطرف وزير المالية بتسلئيل سموتريتش، الذي تعهد بإسقاط الحكومة إذا لم يقض نتنياهو على حماس سياسيا وعسكريا.
وفي الأسابيع المقبلة، سيحتاج نتنياهو إلى سموتريتش بجانبه أكثر من أي وقت مضى لتمرير الميزانية قبل الموعد النهائي في 31 مارس/آذار، ولتجنب إثارة موضوع الانتخابات.
أما بالنسبة لحماس، فإن التخلي عن أسلحتها يتناقض مع سبب وجودها المعلن لخوض الكفاح المسلح ضد إسرائيل حتى انسحابها من جميع الأراضي الفلسطينية المحتلة. ومؤخرا، قال مسؤولو الحركة إنهم منفتحون على تقاسم السلطة مع الفصائل الفلسطينية الأخرى، لكنهم مصرون على الاحتفاظ بقدرات القتال.
وبعدما نشرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية مقابلة مع القيادي البارز في حماس موسى أبو مرزوق، أعرب خلالها عن استعداده لمناقشة قضية نزع السلاح، أصدر العديد من قادة الحركة الآخرين بيانات سريعة تنصلوا فيها من تصريحاته.
وقال سهيل الهندي، عضو المكتب السياسي لحماس، لـ"واشنطن بوست" إن "سلاح المقاومة ليس مفتوحًا للنقاش أو التفاوض؛ إنه مقدس ولا يمكن التخلي عنه".
ورغم تأكيده المستمر على ضرورة الانتقال للمرحلة الثانية من الهدنة، قال ستيف ويتكوف، المبعوث الخاص لترامب قبل جولته الحاسمة في الشرق الأوسط، إن البيت الأبيض سيسعى إلى تمديد المرحلة الأولى.
ويرى بعض المحللين، أن الحديث عن تمديد المرحلة الأولى يعكس مدى خفوت الآمال في التوصل إلى اتفاق المرحلة الثانية ونهاية الحرب.
وقال ديفيد ماكوفسكي، زميل معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى ومستشار وزارة الخارجية السابق للمفاوضات الإسرائيلية الفلسطينية "السؤال هو: إلى متى يمكن أن يستمر التمديد؟".
وأضاف: "بالنسبة لنتنياهو، إنه يعتقد أن القوة هي السبيل الوحيد للتعامل مع حماس، وهو ما تعززه الحسابات السياسية لسموتريتش الذي قال إنه سيسقط الحكومة". وتابع: "إذا كان عليه أن يختار بين المرحلة الثانية أو المزيد من الحرب، أعتقد أنه سيقاتل".
ويمارس أعضاء اليمين المتطرف في الائتلاف الحاكم نفوذهم علنا، فبعد أيام من إقرار اتفاق وقف إطلاق النار، قال سموتريتش إنه ضغط على نتنياهو لإضافة العمليات العسكرية الموسعة في الضفة الغربية إلى أهداف الحرب الحالية لإسرائيل.
وبالفعل بعد يومين من وقف إطلاق النار في غزة، شن الجيش الإسرائيلي أكبر عملية له في الضفة منذ سنوات ونشر كتائب مشاة متعددة لمحاربة المسلحين، وشن غارات جوية، وهدم منازل ودمر البنية التحتية في مخيمات اللاجئين المكتظة بالسكان بالقرب من مدن مثل جنين وطولكرم وطوباس مما أدى إلى نزوح 40 ألف مدني فلسطيني، وفقًا لمنظمات إنسانية.
استئناف القتال؟
ويقاوم بعض المسؤولين في المؤسسة الأمنية الإسرائيلية فكرة إعادة دخول غزة. ويرى هؤلاء أن إسرائيل لا تستطيع تحقيق أي أهداف عسكرية أخرى بعد قصف غزة لمدة 15 شهرًا.
ومع ذلك، وضع الجيش خططًا لاستئناف القتال بكثافة أكبر مع التركيز بشكل خاص على منع «حماس» من سحب المساعدات الإنسانية، وفقًا لمسؤولين إسرائيليين حاليين وسابقين قالوا إن وزير الدفاع يسرائيل كاتس طلب استكشاف ذلك الأمر الذي رفضه سلفه يوآف غالانت على أسس عملياتية وقانونية.
وفي الوقت نفسه، يواجه كل من نتنياهو وحماس ضغوطًا لإنهاء الحرب. ودعا العديد من الإسرائيليين نتنياهو إلى المضي قدمًا في المرحلة التالية وإطلاق سراح جميع الأسرى.
ووفقًا لاستطلاع أجراه معهد الديمقراطية الإسرائيلي بين 28 يناير/كانون الثاني و2 فبراير/شباط، يؤيد 7 من كل 10 إسرائيليين الانتقال إلى المرحلة الثانية وإطلاق سراح جميع الرهائن المتبقين وإنهاء الحرب.
وفي غزة، واجهت حماس -أيضا- إحباطا متزايدا بين الفلسطينيين لأن وقف إطلاق النار لم يجلب التحسن الموعود في ظروف المعيشة أو يشعل شرارة إعادة الإعمار وفقا لـ"واشنطن بوست" التي أشارت إلى استمرار نقص الجرافات والوقود والخيام.
ونقلت الصحيفة عن إبراهيم مدهون، المحلل الغزّي المقرب من حماس، قوله إن الحركة مترددة في استئناف الحرب. وأضاف: "الوضع الإنساني في غزة اليوم مزر للغاية، حيث يتحمل الناس ظروفا تتجاوز التسامح البشري.. لذلك، يتم اتخاذ كل قرار بحذر شديد للحفاظ على ما تبقى من الحياة والكرامة".
وقال دانييل شابيرو، وهو مسؤول كبير سابق في إدارة الرئيس الأمريكي السابق جو بايدن وسفير سابق لدى إسرائيل، إن أحد التأثيرات الإيجابية لدعوة ترامب المذهلة و"غير الجادة" لسيطرة أمريكا على غزة هو أنه دفع الدول العربية إلى بذل جهد لوضع اقتراح بديل لإعادة بناء المنطقة وتنصيب قيادة جديدة.
وأضاف شابيرو "لا أعتقد أن حماس تشعر حتى الآن بأنها مضطرة للتخلي عن الأسلحة والأنفاق، وهو ما سيتعين عليها القيام به بالطبع".
aXA6IDE4LjIyMi4xOTQuNDcg
جزيرة ام اند امز