إسرائيل وحزب الله.. هل المواجهة حتمية؟
اعتبارات تمنع إسرائيل وحزب الله من المبادرة بخوض حرب، لكن ثمة سبباً واحداً قد يجعل هذه المواجهة حتمية.
عمليا، فإن كل حادث من تلك الحوادث التي وقعت منذ 8 أكتوبر/تشرين الأول الماضي كان سيكون في الوضع العادي مسببا للحرب.
ولكن انشغال إسرائيل بالحرب في غزة ورغبة حزب الله، لاعتبارات داخلية لبنانية، أن لا يظهر بمظهر المبادر إلى الحرب، منعت حتى الآن حصول المواجهة.
ولكن تطورات الأسبوعين الماضيين، والتصعيد غير المسبوق على طرفي الحدود الإسرائيلية واللبنانية، يجعل الحرب أقرب من أي وقت مضى.
ولأن واشنطن ترغب بإنهاء الحرب في غزة قبل بلوغ الانتخابات الرئاسية الأمريكية ذروتها، فقد سعت لمنع تدحرج الأمور إلى حرب قد تمتد لتصبح إقليمية.
سبب واحد
ولكن ثمة سببا واحدا سيجعل الحرب حتمية رغما عن إسرائيل وحزب الله ورغبة واشنطن بعد اشتعال جبهة جديدة فيما هي منشغلة بوقف الحرب على غزة.
فقد قال المحلل العسكري في صحيفة "هآرتس" عاموس هارئيل، في تقرير تابعته "العين الإخبارية"، إن "الخطر الرئيسي مع لبنان الآن يتلخص في سيناريو سوء التقدير ـ القتل الجماعي للجنود أو المدنيين على يد هذا الطرف أو ذاك، أو خوف أحد الجانبين من هجوم مفاجئ من الجانب الآخر، وهو ما قد يدفعه إلى القيام بعملية استباقية".
ويبدو أن هذا هو ما يهم حسن نصر الله، أمين عام حزب الله، وكتب إبراهيم الأمين، رئيس تحرير صحيفة الأخبار اللبنانية والصحفي المقرب جداً من الرجل، يقول إنه في حالة الحرب، فإن حزب الله لن يشعر بأي قيود في هجماته على إسرائيل وأن الحزب يعد بالكثير من المفاجآت لإسرائيل.
من جانبه، قال المحلل السياسي في القناة 13 الإسرائيلية رفيف دروكر النقاب إنه "خلال الأشهر الثمانية الأولى من الحرب، لم تكن لدى صناع القرار في إسرائيل أي نية حقيقية للتورط في حرب برية في لبنان".
وأضاف: "لقد أطلقوا تهديدات متفاخرة، مثل القول إن حسن نصر الله "سيرتكب خطأ حياته"، ولكن كان من الواضح لرئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت والقادة العسكريين أنه لا جدوى من مثل هذا الصراع.
وأرجع ذلك لأن النزاع "لن يحقق شيئاً لا يمكن تحقيقه عبر الوسائل الدبلوماسية، والثمن كان من شأنه أن يكون باهظاً بشكل لا يطاق".
واستدرك: "لكن في الأسابيع الأخيرة تغير الوضع قليلا. إذلالنا من قبل حزب الله أصبح أكثر من اللازم. لقد تعطلت الحياة في الشمال، واخترقت الطائرات بدون طيار سماءنا، وانكشف ضعف إسرائيل، ويواجه نتنياهو صعوبة في استيعاب كل ذلك".
وتابع دروكر: "وهكذا، فجأة، ولدت الحرب الرخيصة، ولن نعيد لبنان إلى العصر الحجري، ولن نغزو جنوب لبنان حتى نهر الليطاني. وبدلا من ذلك، نحن نتحدث عن مناورة برية محدودة لن تخترق سوى بضعة كيلومترات داخل البلاد".
ومضى يقول:، "وسيكون هدفها الرئيسي هو إخبار سكان الشمال بأن التهديد بشن هجوم بري عبر الحدود مثل ذلك الذي تعرض له الجنوب في 7 أكتوبر/تشرين الأول قد زال، لذا يجب عليهم العودة إلى ديارهم".
وأشار إلى أن عدة أسباب "جعلت مناورة برية في الشمال ممكنة. ولكن هذا سيكون قرارا سيئا. إن الوضع صعب ومهين، لكن العملية البرية قد تجعل الأمر أسوأ".
إشارة مزعجة
في ذروة زيارة وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت إلى واشنطن، خرج تصريح أمريكي أشعل الضوء الأحمر في إسرائيل.
فقد قدم الجنرال تشارلز براون، رئيس هيئة الأركان المشتركة الأمريكية، الإثنين، توقعات محبطة بشأن خطر الحرب بين إسرائيل وحزب الله.
وبعد عدة أيام من وعد مصادر مجهولة في إدارة بايدن بتقديم كل المساعدات العسكرية التي تحتاجها قوات الدفاع الإسرائيلية في حالة بدء حرب شاملة، أوضح براون أن هذا ليس بالأمر البسيط.
وصرح لوسائل إعلام بأن العملية الإسرائيلية ضد حزب الله من المرجح أن تؤدي إلى تورط إيراني في الدفاع عن الحزب إذا شعرت بوجود تهديد حقيقي.
وأضاف براون أنه في مثل هذا الوضع لن تكون الولايات المتحدة قادرة على تزويد إسرائيل بالدفاع الكامل، وسيكون هذا هو الحال أيضاً في حالة إطلاق حزب الله صواريخ ضخمة قصيرة المدى.
تصريحات براوي أعادت إلى الأذهان المشاركة الملفتة لواشنطن وعدة دول إقليمية ودولية في إحباط الهجوم الإيراني بالصواريخ والطائرات بدون طيار في الرابع عشر من أبريل/نيسان الماضي.
وقال هارئيل: "لكن هذا يختلف تماما عن الهجوم المشترك الذي تشنه إيران وحزب الله والذي قد يحاول فيه الإيرانيون إطلاق المزيد من المقذوفات، ناهيك عن ترسانة حزب الله التي تضم أكثر من 100 ألف صاروخ وقذيفة".
وأضاف: "سيتطلب هذا قدراً أعظم من الاستعداد، وليس من المؤكد أن واشنطن ستحصل على القدر الكافي من الإنذار المبكر سواء بدأت الحرب نتيجة لهجوم إسرائيلي أو ما إذا كان الهجوم نابعاً من الجانب اللبناني. إذا بدأت الحرب بشكل غير متوقع، فإن الأمور ستستغرق وقتا، حتى لو كانت لدى الإدارة أفضل النوايا في العالم".
وتابع: "ترتبط تصريحات براون، مثل تصرفات بايدن والبنتاغون، بمخاوف واشنطن من حرب لا يمكن السيطرة عليها بين إسرائيل وحزب الله. وهي لا تريد أن تضع إسرائيل في موقف قد يدفعها إلى إطلاق النار أولاً. وإذا لزم الأمر، فسيحشد الأمريكيون دفاعنا، لكنهم لن يضمنوا نتيجة سريعة أو مثالية".
حرب شاملة
في هذا الصدد، كتب اللواء (احتياط) بالجيش الإسرائيلي إسرائيل زيف يقول في تصريح بثته القناة 12 الإسرائيلية: "من شبه المؤكد أن الحرب في الشمال ستتدهور إلى حرب إقليمية شاملة بمشاركة مباشرة من إيران وجميع المنظمات المتحالفة معها".
واعتبر أن "إيران تجاوزت منذ فترة طويلة خط الردع، والاعتبار الوحيد الذي يمكن أن يمنعها من تصعيد المنطقة هو الولايات المتحدة فقط - قد يكون بايدن في الجزء الأخير من السباق الانتخابي عدوانيا جدا تجاههم".
وأضاف: "توجه وزير الدفاع غالانت إلى الولايات المتحدة في محاولة لتصحيح عدم مسؤولية نتنياهو وترتيب الدعم الأمريكي. ومع ذلك، سيتعين على وزير الدفاع تقديم إجابات صعبة حول إلى أين تتجه إسرائيل".
وتابع: "سيكون من الصعب عليه أن يشرح، وبما أنه مسؤول عن إنجازات الحرب ومطلوب منه العودة بأسلحة وذخائر يجب توضيح الغرض منها، فعليه أن يتوصل إلى تفاهم واضح مع الأمريكيين حول خطة متفق عليها لإنهاء الحرب بأنجح طريقة".
اعتبارات إسرائيلية
في إسرائيل، تردد مؤخرا على لسان عدد من المسؤولين، بمن فيهم نتنياهو، أن العملية البرية في رفح بجنوب قطاع غزة على وشك الانتهاء وأن الجيش الإسرائيلي سينتقل إلى المرحلة التالية من الحرب التي لا تتطلب وجود عدد كبير من الجنود في غزة.
وكان الجيش الإسرائيلي أبدى جاهزية للانتقال إلى الحرب في لبنان شريطة أن يقوم المستوى السياسي الإسرائيلي بتحديد أهداف الحرب.
وبناء على ذلك، فإن إسرائيل بحاجة لعدد كاف من القوات للحرب في لبنان وبحاجة لما يكفي من العتاد والذخيرة من واشنطن وبحاجة لتحديد أهداف الحرب.
وفي المقابل، فإن واشنطن تقول لإسرائيل إن وقف إطلاق النار في غزة سيؤدي احتمالا إلى وقف إطلاق حزب الله النار، ولذا فإن عليها الانتظار قبل اتخاذ أي قرار.
الحل الدبلوماسي؟
على نحو ملحوظ، عاد التوتر باليومين الماضيين إلى مستوياته قبل التصعيد الأخير، وعادت معه تصريحات إسرائيلية تتحدث عن حل سياسي.
فوزارة الدفاع الإسرائيلية قالت في بيان إنه في اجتماع وزير الدفاع يوآف غالانت مع وزير الخارجية الأمريكي أنتوني بلينكن في واشنطن، "طرح غالانت السبل الممكنة لتغيير الوضع الأمني في الساحة الشمالية".
وشدد غالانت على "أهمية وقوف واشنطن إلى جانب إسرائيل في هذه المهمة، وتأثيره على تصرفات حزب الله وإيران".
وخلال لقائه نظيره الأمريكي لويد أوستين، قال وزير الدفاع الإسرائيلي "في غزة علينا أن نعمل على ضمان عودة الرهائن الـ 120... وإنهاء نظام "حماس" الإرهابي. وفي الشمال نحن عازمون على ضمان الأمن والعودة الآمنة لسكان مراكزنا الأهلية إلى منازلهم".
وأشار إلى أن إيران تشكل "أكبر خطر على مستقبل العالم"، داعيا واشنطن لمنع طهران من امتلاك أسلحة نووية.
وحذر غالانت من "انقضاء الوقت" في هذا الصدد، مضيفا: "نحن اليوم في مفترق الطرق الذي سيؤثر على الشرق الأوسط بأسره".
أما مستشار الأمن القومي الإسرائيلي تساحي هانغبي، فقد أشار إلى محاولات التوصل إلى حل دبلوماسي في الشمال مع حزب الله،
وقال هانغبي إن إسرائيل والولايات المتحدة “تؤمنان” بالجهود التي تقودها الولايات المتحدة لتجنب صراع أوسع.
وحذر من أنه "إذا لم يكن هناك ترتيب عبر الوسائل الدبلوماسية، فإن الجميع يدرك أنه سيكون هناك ترتيب عبر وسائل أخرى".
ولكن هانغبي، المقرب من نتنياهو، أضاف: "في الوقت الحالي، نحن نركز على المجال الدبلوماسي"، باعتباره أفضل وسيلة لاستعادة الهدوء في الشمال.
aXA6IDE4LjExOS4xOTIuMiA= جزيرة ام اند امز