إسرائيل وعملية الـ60 دقيقة بسوريا.. رسالة لإيران وحزب الله؟
رغم امتناع إسرائيل عن تأكيد أو نفي مسؤوليتها عن عملية إنزال جوي على موقع إيراني في مدينة مصياف السورية، فإن محللين إسرائيليين يقولون إنها تحمل في طياتها رسالة يعتقدون أنها قد وصلت.
إلا أن هذا التطور «اللافت»، بات يدق جرس إنذار باحتمال إطلاق إسرائيل عملية عسكرية في الجنوب اللبناني، ما قد يستدعي تدخلا أمريكيا عاجلا.
وعلى أثر ذلك، فقد قررت الولايات المتحدة الأمريكية إيفاد المبعوث الخاص عاموس هوكشتاين إلى إسرائيل ولبنان بعد يومين، لنزع فتيل الحرب عبر لقاءات مقررة مع كبار المسؤولين الإسرائيليين واللبنانيين، بدءا من يوم الإثنين.
وللولايات المتحدة الأمريكية مصلحة بعدم اندلاع حرب جديدة في ذروة الاستعداد للانتخابات الرئاسية في شهر نوفمبر/تشرين الثاني المقبل، لا سيما أن الشرق الأوسط بات حاضرا وبقوة، على إثر الحرب على غزة، على جدول أعمال الانتخابات.
وفي حين أن إسرائيل لا تعترف رسميا بمسؤوليتها عن عملية الإنزال الجوي التي تحدثت تقارير عن أنها استغرقت 60 دقيقة، فقد أصدرت كشفا بما قال الجيش الإسرائيلي إنها نشاطاته في الجبهة الشمالية في الأسبوع الأخير.
وقال في بيان تلقته «العين الإخبارية»: «عملت قوات الجيش بشكل مكثف في الجبهة الشمالية خلال الأسبوع الأخير (..) لقد تمت مهاجمة أكثر من 140 هدفا في لبنان منها موقع لإنتاج الوسائل القتالية وبنى تحتية ومخازن وسائل قتالية ومواقع استطلاع وقذائف صواريخ تم توجيهها إلى البلدات الشمالية في البلاد».
وتابع: «بالإضافة إلى ذلك، تم القضاء على عدد من مسلحي منظمة حزب الله ومنها أحد مسؤولي وحدة الرضوان (..) في الجنوب السوري استهدف الجيش الإسرائيلي عددا من المسلحين الذين كانوا يعملون على تنفيذ أعمال معادية ضد دولة إسرائيل».
«إلى جانب الأعمال الهجومية، استكمل جنود الاحتياط للواء التاسع من قوات لواء غولاني تمرينا يحاكي المناورة البرية في منطقة معادية. وقد حاكى التمرين الذي أشرف عليه مركز التدريبات البرية سيناريوهات قتالية مختلفة والتحرك في منطقة معقدة والتقدم على محور جبلي وتفعيل وسائل النار، كما تدرب اللواء على إخلاء الجرحى من أرض المعركة وتدرب على عمل مقرات القيادة المختلفة ودعمها للقتال»، يضيف البيان.
وأعلن «استدعاء مقاتلي اللواء للتجنيد بشكل كامل منذ بداية المعركة، حيث عملوا على تدمير الكثير من البنى التحتية المعادية، وتمكنوا من القضاء على مسلحين في الجبهة الشمالية».
من جهتها، قالت القناة الإخبارية 12 الإسرائيلية: «أبلغت إسرائيل إدارة جو بايدن قبل بدء العملية، ولم يعرب الأمريكيون عن أي اعتراض للمسؤولين الإسرائيليين».
وأضافت: «فاجأت قوات الكوماندوز الحراس السوريين في المنشأة وقتلت بعضهم، لكنها لم تصب بأذى عناصر حزب الله أو المدنيين الإيرانيين خلال الغارة».
وتابعت: «استخدمت القوات التي اقتحمت المنشأة، المتفجرات لانهيار المبنى تحت الأرض، وقد تم بناء المنشأة في عام 2018 من قبل إيران داخل أحد التلال لتجنب الغارات الجوية، بعد تدمير معظم ترسانة حزب الله الصاروخية في سوريا من الجو».
وبحسب القناة الإخبارية، فإنه «تمت مراقبة المصنع من قبل المخابرات الإسرائيلية لمدة 5 سنوات، وبعد أن خلصت إسرائيل إلى أنه لن يكون من الممكن تدمير المنشأة من الجو، تقرر إطلاق عملية برية».
وكشفت أنه «نظر الجيش الإسرائيلي مرتين في عملية برية في المنشأة، لكنه قرر عدم التحرك بسبب المخاطر العالية».
واعتبرت أن «تدمير المصنع يقوض بشكل كبير جهود إيران وحزب الله لإنتاج صواريخ متوسطة المدى على الأراضي السورية». ووصفت العملية بأنها «جريئة».
إشادة من الخبراء
ورغم عدم اعتراف أو نفي إسرائيل بعملية الإنزال الجوي في مصياف، أشاد بها محللون إسرائيليون، أحدهم محلل الشؤون العسكرية في صحيفة «هآرتس» عاموس هارئيل والذي قال في مقال تابعته «العين الإخبارية» إن «الغارة التي شنتها قوات الكوماندوز في سوريا تظهر كيف تحول مركز الحرب من غزة إلى شمال إسرائيل».
هارئيل أضاف: «لا يزال البندول يتأرجح بين الأمل (بشكل أقل توترا) واليأس (في أغلب الأحيان، إذا لم تصدق آخر الأخبار من البيت الأبيض أو من مكتب رئيس الوزراء)، أن الجمود في المفاوضات بشأن اتفاق وقف إطلاق النار في غزة يرفع مرة أخرى من مستوى الخطر في شمال إسرائيل».
وبعد إشارته إلى تصاعد هجمات حزب الله وتوسع نطاقها في شمال إسرائيل، قال: «لكن إسرائيل أيضا لا تقف مكتوفة الأيدي. ففي يوم الخميس، زعم تقرير إعلامي أجنبي أن الهجوم الجوي الذي شُن هذا الأسبوع على منشأة لتصنيع الأسلحة في مصياف، في وسط سوريا، كان في واقع الأمر غطاء لهبوط قوة كوماندوز إسرائيلية تعمل على الأرض، فقتلت جنودا سوريين ومستشارين إيرانيين، وضربت بنى تحتية مهمة تتعلق بمشروع الأسلحة الدقيقة لحزب الله».
وأضاف: «السبب الرئيسي وراء تكثيف الهجمات الإسرائيلية هو الضغط الذي يمارسه سكان المنطقة الحدودية مع لبنان الذين اضطروا إلى إخلاء منازلهم في الثامن من أكتوبر/تشرين الأول. وليس لدى الحكومة إجابات لهم ــ ولا حتى موعد مستهدف لعودتهم ــ ويبدو أن التحركات العسكرية تشهد على اهتمامها، حتى وإن لم تسفر عن الكثير في الممارسة العملية».
أما الرئيس السابق لشعبة الاستخبارات في الجيش الإسرائيلي تامير هايمان فقد كتب على منصة «إكس» (تويتر سابقا»: «بالاعتماد على تقارير أجنبية، فقد نفذت إسرائيل عملية كوماندوز معقدة في مصياف أظهرت القدرة على الوصول وتدمير منشأة تحت الأرض بعيدة عن إسرائيل».
وأضاف: «المنشآت الموجودة تحت الأرض، مثل تلك التي يفترض أنها محمية من الهجمات الجوية، تعتبرها إيران ودول المحور غير قابلة للاختراق، وهناك يقوم الإيرانيون وحزب الله بتثبيت الإجراءات الأكثر أهمية وحساسية. مثل مرافق تخصيب اليورانيوم، ومرافق إنتاج الأسلحة الدقيقة، ومرافق القيادة والسيطرة، وما إلى ذلك. ومؤخرًا، افتخر حزب الله بإحدى هذه المنشآت في مقطع فيديو متقن قام بإنتاجه».
وتابع: «ومن يحتاج أن يفهم التلميح والابتكار في الفعل يفهم، وهذا هو المهم الآن، بعد تفكيك الذراع العسكرية لحماس نحتاج إلى توسيع أهداف الحرب وتركيزها ضد المحور وإيران».
وأشار إلى أنه «وفقا لتقارير وسائل الإعلام الأجنبية، تسللت القوات الخاصة التابعة للجيش الإسرائيلي إلى منشأة لتصنيع الصواريخ في سوريا ودمرتها من الداخل. تتطلب مثل هذه العملية استعدادات مكثفة تتجاوز القوة القتالية: عزل منطقة العمليات، والخداع والتحويلات، والاستعدادات للإنقاذ، وأكثر من ذلك».
وقال: «يجب أن نتذكر أن كل هذه العملية تجري، وفقا لتقارير أجنبية، على مسافة 200 كيلومتر من الحدود الإسرائيلية. هذا نطاق يتجاوز عمل الحدود. إن عملية ضمن هذا النطاق يعني القدرة على العمل على أي مسافة يطلب من إسرائيل القيام بها».
وأشار هايمان إلى أنه «صحيح أن التفوق التكتيكي والشجاعة والكفاءة المهنية التي يتمتع بها مقاتلو الوحدات الخاصة لا تحل جميع مشاكل إسرائيل الصعبة. فهو لا يحل محل رؤية استراتيجية واضحة، وخطة سياسية شاملة، وتنسيق كامل مع الولايات المتحدة. لكن هذا هو الأساس الذي يسمح بحرية العمل على المستوى السياسي لأنه يوسع إمكانيات العمل».
وأضاف: «من الجيد أن تمتلك إسرائيل أدوات متنوعة في صندوق أدواتها الاستراتيجية، لكن هذا ليس بديلاً عن العمل السياسي المكمل».