«ترتيب جديد».. إسرائيل تلجأ لـ«حلقة النار» لتعويض فشل 7 أكتوبر
بعد عام من الفشل العسكري والاستخباراتي في 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي، يعمل الجيش الإسرائيلي على إعادة تأهيل صورته كقوة إقليمية هائلة.
ووسط تصعيد كبير، قتلت إسرائيل يوم الجمعة الماضي الأمين العام لحزب الله حسن نصر الله، في عملية تحمل اسما رمزيا هو "ترتيب جديد"، ما يشير إلى أهداف تل أبيب الطموحة لتغيير الواقع عبر حدودها وتقويض استخدام إيران للوكلاء لتطويقها بما يسمى "حلقة النار".
وفي الوقت الذي تقاتل فيه إسرائيل على جبهات متعددة، تعهدت بأن تجعل إيران تدفع ثمنا باهظا لهجومها الصاروخي يوم الثلاثاء الماضي، وهو ما يعني أن الجيش الإسرائيلي أصبح أقل ترددًا في الانخراط في حرب إقليمية أوسع نطاقًا، وفقا لما ذكرت صحيفة "نيويورك تايمز" الأمريكية.
وقال أساف أوريون، العميد الإسرائيلي المتقاعد وزميل معهد واشنطن لسياسة الشرق الأدنى: "مقتل نصر الله بعث برسالة خاصة إلى أعداء إسرائيل، مفادها: أنت تدرك أن إسرائيل يمكن أن تصل إليك".
ومنح مقتل نصر الله دفعة معنوية لإسرائيل وجيشها، قبل الذكرى الأولى لهجوم 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وأظهر استطلاع أجراه معهد دراسات الأمن القومي بجامعة تل أبيب هذا الأسبوع أن 87% من سكان إسرائيل اليهود لديهم ثقة عالية أو عالية جدًا في الجيش، فيما أعرب 37% فقط عن ثقة أو ثقة عالية في رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو.
ومع ذلك، أكد أوريون أن العمليات العسكرية كانت "لعبة طويلة" بلا نتيجة واضحة، وبعد سلسلة من النجاحات لإسرائيل في لبنان خلال الأيام الأخيرة تساءل أوريون: "ثم ماذا"؟.
وعلى مدار العام الماضي، شن الجيش الإسرائيلي حربا قاسية على غزة، وقالت إسرائيل مؤخراً إنها نجحت في تفكيك البنية التحتية العسكرية لحركة حماس إلى حد كبير، لكن الثمن كان باهظا حيث قُتل أكثر من 41 ألف شخص من سكان القطاع، ما جلب لإسرائيل الازدراء الدولي.
ورغم إصرار نتنياهو على "النصر المطلق"، فإن كثيرين من بينهم المتحدث الرئيسي باسم الجيش الإسرائيلي، دانييل هاغاري، يقولون إنه من غير الممكن القضاء على حماس كأيديولوجية وحركة.
وشمل القصف الإسرائيلي أهدافا تابعة لحزب الله في لبنان والحوثيين في اليمن، بالإضافة إلى هجوم على القنصلية الإيرانية في سوريا، دفع طهران إلى مهاجمة إسرائيل للمرة الأولى في أبريل/نيسان الماضي.
وفي يوليو/تموز الماضي، قتلت إسرائيل القيادي البارز في حزب الله فؤاد شكر، وبعدها بساعات قتلت رئيس المكتب السياسي لحماس إسماعيل هنية في قلب طهران.
وفي سبتمبر/أيلول الماضي، قامت إسرائيل بتفجير أجهزة "بيجر" والاتصال اللاسلكي للآلاف من عناصر حزب الله في مختلف أنحاء لبنان، ونفذت العديد من الغارات، واستهدفت عددا من قادة الحزب أبرزهم نصر الله، وأخيرا بدأت توغلا بريا في لبنان.
وقال يعقوب أميدرور، المستشار السابق للأمن القومي في إسرائيل إن عرض إسرائيل للقوة العسكرية والتكنولوجية ساعد في إعادة طرحها كقوة في مواجهة إيران ووكلائها.
وفي حين فاجأت حماس إسرائيل في أكتوبر/تشرين الأول الماضي، كان الجيش الإسرائيلي مستعدا للحملة في لبنان، وعلى النقيض من الهدف المعلن لتدمير القدرات العسكرية للحركة في غزة، حددت الحكومة الإسرائيلية هدفاً أكثر تواضعاً للحملة في لبنان وهو السماح لنحو 60 ألفاً من سكان المناطق الحدودية الإسرائيلية الذين تم إجلاؤهم في أكتوبر/تشرين الأول الماضي بالعودة إلى ديارهم.
وأعلن وزير الدفاع الإسرائيلي يوآف غالانت، إن الحرب ضد حزب الله ستستمر على مراحل، لكن خبراء قالوا إن "نهاية اللعبة الإسرائيلية بعد ذلك غير واضحة".
وفي غزة، لا يزال أكثر من 100 شخص محتجز لدى حماس ولا تلوح في الأفق نهاية وشيكة للحرب، في حين قُتل نحو 350 جندياً إسرائيليا في غزة منذ بدء العملي البرية في أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
وبالنظر إلى الماضي القريب، فإن إسرائيل قد تتورط في مستنقع لبنان بنفس قدر تورطها في غزة، فبعد الغزو الإسرائيلي للبنان عام 1982، استغرق الأمر 18 عامًا لسحب قواتها.
وفي 2006، أشعلت غارة شنها حزب الله حربًا مدمرة استمرت أكثر من شهر مع إسرائيل وانتهت بالقرار 1701 للأمم المتحدة الذي كان يهدف إلى إبعاد قوات الحزب عن الحدود، لكن لم يتم تنفيذه بشكل صحيح حتى الآن.
وتدفع الولايات المتحدة وغيرها من الدول إلى إحياء هذا القرار.
وقال ديفيد وود، المحلل في مجموعة الأزمات الدولية، إن التفوق الجوي الإسرائيلي على لبنان معروف منذ فترة طويلة وأصبح من الواضح أن إسرائيل مستعدة لاستخدامه الآن.
ومع ذلك، قال وود وغيره من المحللين إن حزب الله، بما لديه من ترسانة هائلة من الأسلحة، لا يزال يشكل تحدياً كبيراً لإسرائيل.
وقبل أيام من مقتله، قال حسن نصر الله في خطاب إن عناصره سيكونون في موقف أقوى إذا عبرت القوات الإسرائيلية الحدود.
وأعلنت إسرائيل أمس الأربعاء مقتل 8 جنود بعد اشتباك مع عناصر حزب الله، ليصبح السؤال الآن: "هل ينتصر حزب الله في المعركة؟".
ووفقا لوود، فإن الأمر الأكثر أهمية لإسرائيل هو كيفية ترجمة الانتصارات العسكرية إلى تسويات دبلوماسية طويلة الأجل.
aXA6IDMuMTQ1LjYxLjE5OSA= جزيرة ام اند امز