«تحالف حل الدولتين».. القضية الفلسطينية على الطريق الصحيح
امتداد لمبادرة السلام العربية.. ويقوض مناورات إسرائيل
يمثل التحالف الدولي لحل الدولتين، الذي جاء بمبادرة من السعودية مقاربة جديدة نحو الخروج من دهاليز مفاوضات حل الدولتين، ويعيد المبادرة العربية للسلام إلى الواجهة.
واعتبر خبراء عرب استطلعت "العين الإخبارية" آراءهم، أن إطلاق هذا التحالف، يمثل نقلة نوعية في العمل العربي تجاه القضية الفلسطينية، وخطوة جيدة ضمن التحركات الخليجية والعربية، للتوصل لحل الدولتين، وإنهاء معاناة الفلسطينيين.
- ولي العهد السعودي: لا علاقات مع إسرائيل دون دولة فلسطينية
- التزام أبدي بدعم فلسطين.. رسالة إماراتية للعالم بشأن مستقبل غزة
مقاربة جديدة
ووصف الدكتور طارق فهمي، أستاذ العلاقات الدولية بجامعة القاهرة، المبادرة بـ"الإيجابية"، قائلا إنها "تسعى لبناء مقاربة جديدة، وخطوة جديدة ضمن جهود السعودية الدبلوماسية مع دول الخليج والدول العربية، من أجل إنهاء الحرب والتوصل للسلام في المنطقة.
وفي تقدير فهمي فإن المبادرة ستحظى باهتمام إقليمي ودولي كبير، وأن كل الأطراف ترتب خياراتها في هذا المستوى من الأولويات، مشيرا إلى أن السعودية تسعى إلى استثمار ما تتمتع به من ثقل عربي وإسلامي ودورها في عملية السلام والاستقرار.
وبينما أشار إلى أهمية مثل هذه المبادرة باعتبارها امتدادا للمبادرة العربية للسلام، شدد أستاذ العلاقات الدولية على أن المبادرة الحالية بحاجة لآليات وقوة دفع، وأدوات ضغط قوية على إسرائيل.
وتطالب المبادرة العربية للسلام التي أطلقتها المملكة العربية السعودية وتبناها مجلس جامعة الدول العربية خلال القمة العربية في بيروت 27 -28 مارس/ آذار 2002، للسلام، بالانسحاب الكامل من الأراضي العربية المحتلة بما في ذلك الجولان السوري وحتى خط الرابع من يونيو/حزيران 1967، والأراضي المحتلة في جنوب لبنان.
كما طالبت بضرورة التوصل إلى حل عادل لمشكلة اللاجئين الفلسطينيين يتفق عليه وفقاً لقرار الجمعية العامة للأمم المتحدة رقم 194.
وكذا قبول قيام دولة فلسطينية مستقلة ذات سيادة على الأراضي الفلسطينية المحتلة منذ الرابع من يونيو/حزيران 1967 في الضفة الغربية وقطاع غزة وتكون عاصمتها القدس الشرقية.
نقلة في العمل العربي
وبدوره، قال المحلل السياسي الفلسطيني، عادل شديد، إن «إطلاق تحالف دولي من أجل تنفيذ حل الدولتين، نقلة في العمل العربي تجاه القضية الفلسطينية بعد التراجع الكبير بالمواقف العربية في السنوات الأخيرة».
وأوضح أن «الخطوة السعودية يمكن أن تؤدي لإحداث تغيير في المواقف الدولية، إذا تم الإعداد لها جيدا عبر بلورة موقف عربي جماعي يعيد الالتزام العربي تجاه مبادرة السلام، التي تشكل أساس حل القضية، وذلك بمنع إقامة علاقات طبيعية مع إسرائيل قبل تنفيذ الانسحاب من الأراضي العربية المحتلة عام 1967، وإقامة الدولة الفلسطينية المستقلة ذات السيادة وعاصمتها القدس".
وتابع شديد بأنه "يتوجب استثمار العلاقات السياسية والاقتصادية والأمنية بين الدول العربية والولايات المتحدة، من أجل قيام الأخيرة بإلزام إسرائيل على تنفيذ حل الدولتين وليس القبول الشكلي والعودة لدهاليز المفاوضات لكسب المزيد من الوقت لتصفية القضية الفلسطينية".
و ترجح التوقعات أن يشهد التحالف الجديد، انضمام عدد من الدول التي سبق لها الاعتراف بفلسطين كـ"دولة". وبحسب بيانات وزارة شؤون المغتربين الفلسطينية، اعترفت 148 من إجمالي 193 دولة في الأمم المتحدة بالدولة الفلسطينية. من بينها دول أعضاء بـ "مجموعة العشرين" أبرزها الصين والهند وإندونيسيا والمكسيك وروسيا.
.
وأوضح أن التحرك الدبلوماسي السعودي، يمثل امتدادا للمبادرة العربية للسلام، ويشكل استراتيجية واضحة ومتماسكة للضغط على إسرائيل للدفع نحو حل الدولتين".
ومضى شديد قائلا: "بيد أن قسم منهم أكد أن الأولوية تتمثل في ضرورة العمل على وقف إطلاق النار أولا، مشيرين إلى أن إسرائيل وسياساتها الاستيطانية ضد الفلسطينيين تمثل عقبة كبيرة أمام قيام دولة فلسطينية".
وبالعودة إلى القرار السعودي، فإن الدول العربية لن تقف مكتوفة الأيدي أمام التعنت الإسرائيلي أمام تنفيذ حل الدولتين، وإن هذا التحالف الوليد نتاج جهد عربي أوروبي مشترك.
وشدد الوزير السعودي على أنه «سيتم وضع خطة عملية لتحقيق الأهداف المشتركة لتحقيق السلام المنشود، وأن بلاده رفقة الدول العربية ستبذل قصارى جهودها لتحقيق مسار موثوق ولا رجعة فيه لسلام عادل وشامل».
وشدد على ضرورة التحرك بشكل جماعي في اتخاذ خطوات عملية ذات أثر ملموس للدفع باتجاه الوقف الفوري للحرب، وتنفيذ حل الدولتين، وفي مقدمة ذلك تجسيد الدولة الفلسطينية المستقلة.
استراتيجية متماسكة
المبادرة السعودية تمثل وفق الباحث في مركز تحليل السياسات من إسطنبول، محمود علوش، "تحركا في غاية الأهمية، لأنها تُشكل استراتيجية واضحة ومتماسكة للضغط على إسرائيل والولايات المتحدة للدفع نحو حل الدولتين".
ومن الناحية العملية، يرى "علوش" أن هذه المبادرة تُشكل امتداداً لمبادرة السلام العربية التي طُرحت في قمة بيروت عام 2002، وعلى الرغم من أن إسرائيل قوضت هذه المبادرة منذ تلك الفترة، لكن الظروف اليوم تُعيد تعويم مبادرة بيروت، كأساس لحل الصراع الفلسطيني الإسرائيلي، حسب تصريحاته.
ويرى أن «السعودية تسعى إلى توظيف ثقلها العربي والإسلامي، من أجل الدفع باتجاه حل يُنهي الصراع الفلسطيني الإسرائيلي وفق مبدأ حل الدولتين».
وأشار "علوش" إلى أن السعودية سعت منذ القمة الإسلامية الطارئة التي استضافتها في نوفمبر/ تشرين الثاني الماضي، إلى تشكيل موقف إسلامي موحد من أجل الضغط باتجاه إنهاء الحرب، ولإظهار حاجة العالم الإسلامي إلى إيجاد حل شامل وعادل للقضية الفلسطينية.
وأضاف أن هذا التحالف إضافة إلى رهن السعودية أي خطوة لإقامة علاقات طبيعية مع إسرائيل بإيجاد أفق يؤدي إلى قيام دولة فلسطينية عاصمتها القدس الشرقية، يُظهر واقعية المملكة في أن أي استقرار في الشرق الأوسط لا يُمكن أن يتحقق دون المرور بمعالجة الصراع الفلسطيني الإسرائيلي.
وتتثمل العقبة التي تواجه حل الدولتين، من وجهة نظر "علوش" في سياسة إسرائيل الاستيطانية ضد الفلسطينيين، في ظل تأثير الكبير لليمين الإسرائيلي على الحكومة، ما يقوض من فرص تحقيق خرق في هذا المسار.
وقف إطلاق النار
إلى ذلك، يرى السفير حسين هريدي، مساعد وزير الخارجية الأسبق المصري، أن الأولوية يجب أن تكون لوقف العدوان الإسرائيلي على الدول عربية، وعلى الشعب الفلسطيني.
ويضيف أنه يجب العمل على وقف إطلاق النار، ووقف العدوان الإسرائيلي على قطاع غزة والضفة الغربية وعلى جنوب لبنان واعتداءاتها المستمرة على الأراضي السورية.
وشدد على أنه "عندما تتوقف عن شن حربها يكون الحديث في ذلك الوقت عن التحرك في إجراءات لتنفيذ حل الدولتين".