«تمرد» عسكري وعائلي ضد حرب غزة.. سيناريو 2000 يلوح بالأفق

تشهد إسرائيل ظاهرة متنامية من رفض الجنود وأمهاتهم العودة للخدمة العسكرية في قطاع غزة، في تطور غير مسبوق منذ بداية الحرب التي
في تطور غير مسبوق على مسار حرب غزة، تشهد إسرائيل ظاهرة متنامية من رفض الجنود وأمهاتهم العودة للخدمة العسكرية في القطاع الفلسطيني.
فبحسب وكالة «أسوشتد برس»، فإنه رغم عدم نشر الجيش إحصاءات رسمية حول حجم الرافضين، ظهرت في الآونة الأخيرة مجموعات تعلن موقفها علنًا، بينها حركة تطلق على نفسها اسم "جنود من أجل الرهائن" تقول إنها تمثل أكثر من 360 جنديًا، إضافة إلى مجموعة أخرى باسم "أهالي الجنود يصرخون كفى" التي تؤكد أنها تضم نحو ألف أمّ.
هذا الحراك يستحضر في الأذهان حركة مشابهة لعبت دورًا بارزًا في دفع إسرائيل إلى إنهاء احتلالها لجنوب لبنان عام 2000.
وعبر الكثير من الأمهات عن رفضهن، مؤكدات أن أبناءهن يُرسلون إلى "حرب بلا جدوى".
وتقول نوريـت فيلسنثال-بيرغر، وهي تبكي خوفًا على أصغر أبنائها المجند: "لم أتوقف عن التفكير في احتمال إصابته بجرح يمنعه من العودة إلى حياته".
فيما تروي ييفعات غادوت أن ابنها البالغ 22 عاما وصف شعوره هو وزملاؤه في غزة بأنهم "أهداف" في مرمى الخطر، مضيفة: "قلت له نحن الأمهات سنفعل كل ما في وسعنا لإخراجكم من هذه الحرب السياسية".
ويعبر جنود إسرائيليون عن إرهاقهم وإحباطهم المتزايد بعد فترات خدمة متكررة في غزة. ويصف أفشالوم زوهار سال، جندي ومسعف يبلغ 28 عاماً، كيف أن الجنود "باتوا مرهقين ولم يعودوا يعرفون لماذا يقاتلون".
ويشير إلى أن بعض الزملاء أصبحوا أقل تركيزاً، مما جعلهم أكثر عرضة لهجمات مقاتلي حماس، رغم الخسائر الفادحة التي تكبدتها الحركة.
ورغم أن رفض الخدمة يُعاقب عليه بالسجن، لم يُسجن سوى عدد محدود حتى الآن. وتشير بيانات مجموعات الرافضين إلى أن ثلاثة جنود فقط قضوا أحكامًا بالسجن لأسابيع معدودة هذا العام.
لكنّ تصريحات هؤلاء الرافضين تعكس غضبًا متزايدًا من الحكومة. ويقول ماكس كريش، أحد أعضاء "جنود من أجل الرهائن": "حرب نتنياهو المستمرة تعرض رهائننا للخطر، وتمزق المجتمع الإسرائيلي، وفي الوقت نفسه تقتل وتشوه وتجوع شعبًا كاملًا في غزة".
تفاقم الغضب الشعبي
داخليًا، يتزامن هذا الوضع مع موجة احتجاجات واسعة ضد رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، الذي يتهمه معارضوه بأنه يطيل أمد الحرب لأهداف سياسية بدلًا من التوصل إلى اتفاق يضمن الإفراج عن 48 رهينة لا يزالون محتجزين لدى حماس، يُعتقد أن 20 منهم أحياء فقط.
ويخشى مسؤولون أمنيون سابقون أن لا تحقق العمليات العسكرية الأخيرة أي إنجاز ملموس، بل قد تهدد حياة هؤلاء الرهائن.
خارجيًا، تواجه إسرائيل انتقادات متزايدة بسبب الكارثة الإنسانية التي أفرزتها الحرب والحصار على غزة. ووفق وزارة الصحة في القطاع، قُتل أكثر من 64 ألف فلسطيني منذ بدء الغزو البري، نصفهم تقريبًا من النساء والأطفال.
وتحذر المحللة في "مجموعة الأزمات الدولية" مائيراف زونسزين من أن دفع الجنود للاستمرار في القتال وسط انقسام سياسي داخلي قد يترك أثرًا سلبيًا على قدرات إسرائيل العسكرية على المدى الطويل.
وترى أن ما يحدث اليوم يرتبط بجذور أزمة أعمق، تعود إلى الانقسامات التي فجرتها خطة تعديل النظام القضائي عام 2023 وما أعقبها من احتجاجات وتهديدات بعدم الخدمة العسكرية، وهي الانقسامات التي أضعفت إسرائيل أمام هجوم 7 أكتوبر/ تشرين الأول.