بين «العصيان» و«التخوين».. صدام داخلي يهدد مستقبل إسرائيل

بدت إسرائيل في طريقها إلى صراع داخلي بين مريدي الحكومة ومعارضيها، ما حدا بواشنطن إلى دعوة مواطنيها لتوخي الحذر.
فقد عادت إسرائيل إلى الوضع الذي ساد في بداية العام 2023، حيث برزت تحذيرات العصيان من جهة والتخوين من الطرف المقابل.
وحذر زعيم المعارضة الإسرائيلية يائير لابيد في مظاهرة حاشدة في تل أبيب، من أن حكومة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو تدفع نحو حرب أهلية.
حرب أهلية؟
وقال: «إن هذه الحكومة تفعل كل ما في وسعها لبدء حرب أهلية هنا، ونتنياهو يدفع بهذا الاتجاه علانية. لا يمكننا أن نسمح بحدوث هذا. نحن نقاتل من أجل الوطن، ولكن لا يمكننا أن نسمح لهم بتدمير الوطن».
وأضاف: «يستخدمون كلمة الوحدة لإسكاتنا. لن ينجحوا. الصمت في وجه الحكومة التدميرية ليس وحدة. في كل مرة تتجاوز الحكومة الخطوط الحمراء، ستجدنا أمامها. إذا قررت حكومة السابع من أكتوبر عدم الامتثال لحكم المحكمة، فإنها ستحول نفسها في ذلك اليوم، في تلك اللحظة، إلى حكومة إجرامية».
وتابع: «إذا حدث هذا، فيجب على البلد بأكمله أن يتوقف. النظام الوحيد الذي لا يجب أن يتوقف هو نظام الأمن. سنعارض أي نوع من الرفض، ولكن بخلاف ذلك – كل شيء».
وأردف لابيد للمتظاهرين: «الاقتصاد يحتاج إلى الإضراب، والكنيست يحتاج إلى الإضراب، والمحاكم تحتاج إلى الإضراب، والسلطات المحلية تحتاج إلى الإضراب، وليس الجامعات فقط تحتاج إلى الإضراب، بل المدارس أيضًا. إذا تمكنا من تنظيم ثورة ضريبية، فسوف ننظم ثورة ضريبية. لن نكون شركاء في تدمير الديمقراطية، ولن نكون مجرد كومبارس في مسرحية نتنياهو المجنونة».
وكان لابيد يشير بذلك إلى قرار المحكمة العليا تعليق قرار الحكومة إقالة رئيس جهاز الأمن العام (الشاباك) رونين بار وهو ما قالت الحكومة إنها لن تمتثل له وعزم الحكومة، فدا الأحد، إقالة المستشار القانونية للحكومة غالي بهاراف ميارا.
وقد تظاهر آلاف الإسرائيليين في مدينة تل أبيب ضد الحكومة.
إغلاق الاقتصاد الإسرائيلي لأسابيع
من جهته، قال القيادي في حزب «معسكر الدولة» والرئيس الأسبق لأركان الجيش الإسرائيلي غادي آيزنكوت للقناة 12 الإسرائيلية: «نتنياهو يتحدى دولة إسرائيل الديمقراطية. يجب اتخاذ خطوات لم تُتخذ من قبل، منها إغلاق الاقتصاد الإسرائيلي لأسابيع وإخراج الجماهير إلى الشوارع».
ووجه آيزنكوت، الذي فقد ابنه في حرب غزة، انتقادات حادة إلى رئيس الوفد الإسرائيلي المقرب من نتنياهو وزير الشؤون الاستراتيجية رون ديرمر، قائلا: «رئيس الفريق لا يعمل ويجب استبداله، أنت بحاجة إلى شخص يعرف كيفية التعامل مع الأمور على مدار الساعة، لاستثمار الطاقة فيها وعدم إجراء مناقشة مرة كل أسبوعين».
وبالتزامن، فقد نقلت القناة 12 الإسرائيلية عن مصادر مشاركة في المفاوضات قولها: «نحن بحاجة إلى محترفين يتصرفون بسرعة، ويتفاعلون بسرعة مع التطورات، دون إضاعة الوقت. فهم ترامب وحده لا يكفي».
جاءت الانتقادات قبل وقت قصير من انعقاد المجلس الوزاري الأمني (الكابينت) لبحث الوضع في غزة والمفاوضات لإطلاق الرهائن الإسرائيليين من غزة. وتوجه الانتقادات إلى حكومة نتنياهو بمحاولة إنهاء المفاوضات من أصلها بعد عرقلتها.
وفي مؤتمر صحفي في تل أبيب تابعته «العين الإخبارية»، قالت ميراف سفيرسكي: «نجا أخي الحبيب إيتاي سفيرسكي 99 يومًا حتى قُتل في الأسر. كان من الممكن إنقاذه. كان من الممكن إنقاذ العديد من المختطفين الـ41 الذين اختطفوا أحياءً وقُتلوا أو قُتلوا نتيجةً للضغط العسكري».
وأضافت في انتقاد لتجدد الحرب على غزة: «لا ينبغي أن يكون مصير الباقين على قيد الحياة مثل مصير الـ41. لن يسقط المزيد من الجنود في حرب غير ضرورية. الحرب لا تعيد الرهائن، بل تقتلهم وتجعل الموتى يختفون».
انتقادات حادة
وتابعت في انتقادات حادة لنتنياهو: «رئيس الوزراء هو الذي تسبب في تفجير الاتفاق. نتنياهو حل فريق التفاوض، ولم يعط تفويضا، وهو الذي لم يقبل حتى الآن الاقتراح الإسرائيلي بإعادة جميع المختطفين. لو أراد نتنياهو إعادة الرهائن الذين لا يزالون في الأسر، لكان طرح خطة نتنياهو لإنهاء الحرب وإعادة الجميع، لكن نتنياهو مهتم بنتنياهو فقط، إن دماء كل أسير يموت في الأسر على يد نتنياهو وحكومته، وكل دقيقة من المعاناة التي يعيشها الرهائن هي بمثابة علامة قابيل على جبين نتنياهو والحكومة».
أما يهودا كوهين، فقال: «بعد أن نسفت الاتفاق، يقوم نتنياهو الآن بتفجير الرهائن في غزة. إننا نخاطب هنا، من مخيم العائلة في شاعر بيغن، شعب إسرائيل بأكمله: نتنياهو يقتل المخطوفين ويدمر البلاد! انزلوا إلى الشوارع! هذه حالة طارئة! انزلوا إلى الشوارع معنا».
وأضاف: «بدلاً من تنفيذ الاتفاق وإنهاء الحرب وإعادة الجميع دفعةً واحدة، قرر نتنياهو تجديد الحرب والتضحية بالرهائن. فتح عليهم أبواب جهنم، لا على حماس. لقد اختار سموتريتش وبن غفير.هذه هي الحقيقة التي يجب أن تُقال في كل مكان، في الاستوديو والمنزل في إسرائيل. وبدلاً من اختيار إنقاذ الأرواح، اختار نتنياهو الموت».
وحذر من أن «الحرب تقتل الرهائن، لقد اختار نتنياهو الحرب للهروب من محاكمته وتشكيل لجنة تحقيق حكومية. تحت غطاء الحرب، يقوم بتفكيك الدولة وترسيخ حكمه. نحن في وقت طوارئ ولا يجب أن نقف مكتوفي الأيدي. الخروج إلى الشوارع».
دعوة للوحدة
من جهته، قال زعيم حزب «الديمقراطيون» ونائب رئيس أركان الجيش الإسرائيلي الأسبق يائير غولان: «أدعو هنا غادي آيزنكوت ويائير لابيد وبيني غانتس: دعونا نتحد. هذا ليس الوقت المناسب للسياسة التافهة. هذا ليس الوقت المناسب للاعتبارات الشخصية».
وأضاف: «لقد حان الوقت لإقامة جبهة ديمقراطية واحدة - قوية، مستقرة، وحازمة، جبهة ستنتصر، جبهة ستكون العمود الفقري لإسرائيل الجديدة، جبهة صهيونية، أمنية، ديمقراطية، ليبرالية، ذات قيم فولاذية».
وقال وزير الدفاع الإسرائيلي الأسبق وزعيم حزب «إسرائيل بيتنا» أفيغدور ليبرمان للقناة 12 الإسرائيلية: «أعرف نتنياهو منذ سنوات طويلة.. وأنا لست مطمئنا أبدا بشأن استقراره النفسي».
نتنياهو يرد
من جهته، رد نتنياهو في شريط فيديو مسجل: «رونين بار لن يبقى رئيس الشاباك، لن تكون هناك حرب أهلية، وإسرائيل ستبقى ديمقراطية».
ووصل صدى المخاوف مما يجري في إسرائيل إلى واشنطن
وقالت السفارة الأمريكية في إسرائيل في بيان تحذيري لرعاياها: «نظراً للتطورات الأمنية الراهنة، بما في ذلك استئناف الإنذارات الحمراء والمظاهرات واسعة النطاق، تُذكّر السفارة الأمريكية المواطنين الأمريكيين بضرورة توخي الحذر وزيادة الوعي الأمني الشخصي، بما في ذلك تجنب التجمعات الكبيرة والمظاهرات».
ودعت إلى «تجنب جميع المظاهرات والتجمعات الكبيرة، وتجنب جميع المناطق التي تشهد تواجدًا أمنيًا مكثفًا».
aXA6IDMuMTguMjIzLjIyIA== جزيرة ام اند امز