إسرائيل والحرب الروسية-الأوكرانية.. السير على الجمر
امتنعت إسرائيل عن دعم قرار في مجلس الأمن الدولي يدين الهجوم الروسي على أوكرانيا رغم طلب الإدارة الأمريكية منها تأييده.
الخطوة الإسرائيلية جاءت بعد أن أدانت إسرائيل في بيان رسمي لوزارة الخارجية، ما وصفته بـ"الهجوم الروسي" على أوكرانيا، وإن كان رئيس الوزراء الإسرائيلي نفتالي بينيت امتنع عن استخدام عبارة الإدانة أو أي إشارة إلى روسيا حتى الآن.
وقال موقع "تايمز أوف إسرائيل": "على الرغم من طلب إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن، من إسرائيل، دعم قرار مجلس الأمن الدولي الذي يدين الغزو الروسي لأوكرانيا، امتنعت إسرائيل عن القيام بذلك".
وأضاف نقلا عن دبلوماسي غربي إن "البعثة الأمريكية في الأمم المتحدة تواصلت مع بعثات عشرات الدول وطلبت منها دعم القرار، وردت 81 دولة على النداء الأمريكي ووقعت على قائمة رسمية بذلك".
وتابع: "أحالت البعثة الإسرائيلية الأمر مرة أخرى إلى إسرائيل لطلب التوجيه، وجرى التوصل إلى قرار يوم الجمعة، يفيد بتجنب الانضمام إلى مثل هذه اللفتة القوية ضد روسيا"، وأكد مسؤول آخر نفس الأمر لتايمز أوف إسرائيل.
جهود إسرائيل لتجنب الاصطفاف بشكل وثيق مع أي من الجانبين دفعت كييف للتعبير عن خيبة أملها، بينما استدعت روسيا سفير إسرائيل في موسكو أيضا، لمطالبته بتوضيح موقف دولته من الأحداث في أوكرانيا.
وقالت الهيئة العامة للبث الإسرائيلي: "استدعت وزارة الخارجية في موسكو سفير إسرائيل لدى روسيا ألكس بن تسفي، لتقديم إيضاحات".
وأضافت: "قال نائب وزير الخارجية الروسي ميخائيل بوغدانوف للسفير إنه يرغب في الحصول على توضيح حيال شجب وزير الخارجية يائير لابيد للهجوم الروسي على أوكرانيا".
وتابعت: "أشار بن تسفي إلى أن إسرائيل قلقة من الأوضاع في أوكرانيا، وترغب في وقف التصعيد وإيجاد حل دبلوماسي للأزمة".
وفي بداية التوتر قبل أسابيع، كانت إسرائيل تكتفي بالإشارة إلى أنها "تدعم وحدة أراضي أوكرانيا وسيادتها".
ومع بدء العملية الروسية، قال وزير الخارجية الإسرائيلي في بيان "إن الهجوم الروسي على أوكرانيا هو انتهاك خطير للنظام الدولي".
وأضاف "إسرائيل تدين الهجوم وهي مستعدة لتقديم المساعدة الإنسانية لمواطني أوكرانيا".
غير أن تصريحات رئيس الوزراء الإسرائيلي بعد الهجوم خلت من أي إدانة لروسيا بما في ذلك خلال مكالمته الهاتفية، الجمعة، مع الرئيس الأوكراني فولوديمير زيلينسكي.
وقال مكتب رئيس الوزراء الإسرائيلي في بيان تلقته "العين الإخبارية" في وقت سابق، إن الجانبين "بينيت وزيلينسكي" "تحدثا عن وضع القتال في أوكرانيا وفي منطقة كييف بشكل خاص. وعرض رئيس الوزراء تقديم إسرائيل أي مساعدات إنسانية".
ولاحقا، كشفت الهيئة العامة للبث الإسرائيلي (كان) النقاب عن أن "أوكرانيا طلبت من إسرائيل التوسط لدى روسيا في الاتصالات الهادفة إلى التوصل لوقف لإطلاق النار".
وأضافت: "اقترح الرئيس زيلينسكي أن تجرى عملية التوسط في إسرائيل".
وتعقيبا على ذلك، قال سفير أوكرانيا لدى إسرائيل ايفغين كورنيتشوك إن "صناع القرار في إسرائيل لم يرفضوا طلب زيلنسكي على الفور".
وبالمقابل، قال السفير الروسي لدى إسرائيل أناتولي فيكتوروف لـ"تايمز أوف إسرائيل"، إنه يأمل أن "تواصل إسرائيل اتخاذ نهج دبلوماسي حكيم"، في ردها على العملية الروسية.
سوريا
وحول امتناع إسرائيل عن اتخاذ موقف معاد لروسيا، قال موقع "تايمز أوف إسرائيل"، إن "إسرائيل هي واحدة من الدول القليلة التي تحافظ على علاقات دافئة نسبيا مع أوكرانيا وكذلك مع روسيا، التي تسيطر على المجال الجوي فوق سوريا".
وأضاف "لقد اعتمدت إسرائيل على موافقة موسكو الضمنية على استخدام ذلك المجال الجوي لشن غارات جوية ضد وكلاء إيران خارج حدودها الشمالية مباشرة" أي في سوريا.
وبدورها، قالت صحيفة (هآرتس) الإسرائيلية، في تقرير تابعته "العين الإخبارية"، "تواجه إسرائيل معضلة دبلوماسية-أمنية لا تواجهها أي دولة أخرى، الولايات المتحدة حليفنا ولها توقعاتها، من ناحية أخرى فإن الجيش الروسي موجود أيضا في سوريا".
وأضافت "كان على صانعي السياسة أن يقرروا ما هو أرخص سعر يمكن أن ندفعه للغرب، مقارنة بالضرر الكارثي المحتمل الذي سيلحق بنا من قبل الروس في المستقبل. المشي على الجمر الساخن؟ هذا نموذج مثالي".
وتابعت: "بشكل عام، يتعامل قادتنا السياسيون والعسكريون مع الأمور بشكل معقول حتى الآن".
اليهود الأوكرانيون
من جهتها، قالت صحيفة "جروزاليم بوست" الإسرائيلية، في مقال تابعته "العين الإخبارية": "يتعين على إسرائيل أن تلعب ما أسماه العديد من المعلقين "عملية التوازن" عندما يتعلق الأمر بأوكرانيا".
وأضافت "فمن ناحية، ينبغي أن تدعم حق أوكرانيا في الاستقلال وكذلك موقف الولايات المتحدة وحلفائها الأوروبيين الذين فرضوا عقوبات على موسكو. لكن في الوقت نفسه لا يمكنها عزل روسيا التي تقيم معها علاقات دبلوماسية واقتصادية قوية، والتي لديها أيضا جالية يهودية كبيرة".
وتابعت "من المؤكد أن إسرائيل ليست جزءا من الحرب الروسية الأوكرانية، وينبغي أن يكون همها الرئيسي هو 8000 إسرائيلي بقوا في أوكرانيا، على الرغم من الدعوات المتكررة من وزارة الخارجية التي تحثهم على المغادرة، ونحو ٢٠٠ ألف أوكراني مؤهلين للهجرة إلى إسرائيل تحت قانون العودة"، في إشارة إلى اليهود الأوكرانيين.
ولكنها استدركت: "أثناء التركيز على سلامة الإسرائيليين والجالية اليهودية في أوكرانيا، يجب على إسرائيل اتخاذ موقف أخلاقي ضد الحرب. هذا هو المطلوب الآن".
إيران
كما تقع إيران في صلب الاعتبارات الإسرائيلية عند تقييم الموقف في أوكرانيا.
وقالت صحيفة (هآرتس) الإسرائيلية، في تقرير تابعته "العين الإخبارية"، "حتى وقت قريب، كانت إسرائيل تعتقد أن روسيا لم تكن مهتمة برؤية وجود إيراني أكبر في سوريا، حيث تريد موسكو أن تلعب دورا رئيسيا في إعادة إعمار البلاد بعد أكثر من عقد من الحرب".
أما صحيفة "جروزاليم بوست" الإسرائيلية فقالت في مقال تابعته "العين الإخبارية"، "هناك مشاكل، ربما أكبرها: القدرة على مواصلة العمل بحرية في سوريا ضد التمركز الإيراني، أو إذا كانت روسيا، التي تسيطر على سوريا، ستمنع الآن إسرائيل من مواصلة غاراتها شبه الأسبوعية عبر الحدود".
وأضافت "ماذا سيفعل الوضع في أوكرانيا للمحادثات النووية في فيينا مع إيران؟ هل سيكون لدى العالم النطاق الترددي لمواصلة إنهاء التفاوض على اتفاق نووي جديد (أفضل؟) أم أنه سيرغب فقط في إبعاد الملف عن الطريق وإبرام اتفاق أسوأ مما كان ممكنا في الأصل؟".
وتابعت: "كان رفض إجبار إيران على التنازل خلال الجولة الجديدة من المحادثات في فيينا، والموافقة على صفقة أقصر وأضعف على الرغم من الوعود بصفقة أقوى وأطول، مثالاً آخر على تراجع القوة الأمريكية".
وكان وزير الخارجية الإسرائيلي قال في حديث مع موقع (واللا) الإسرائيلي إن ما يجري في أوكرانيا يوجه الأنظار عما يجري في محادثات فيينا.
aXA6IDMuMTM2LjI2LjE1NiA= جزيرة ام اند امز