الضفة تؤجج خلافات إسرائيل وواشنطن.. لهيب التوتر يهدد الدبلوماسية
انتقادات أمريكية لإسرائيل ترفع منسوب خلافات تخرج من رحم توترات بالضفة الغربية، تراكم حالة من عدم الوفاق سبق أن كشفتها إصلاحات القضاء.
لهيب توتر يخفض درجات الحرارة بين تل أبيب وواشنطن، ويهدد المسارات الدبلوماسية بين الجانبين، في وقت تمضي فيه الأحداث على الأرض على صفيح ساخن.
"لن نقف متفرجين على عنف المستوطنين" كلمات جاءت على لسان السفير الأمريكي لدى إسرائيل توم نايدز، لإدانة أحدث جولة اعتداءات يقوم بها المستوطنون ضد الفلسطينيين في مدن الضفة الغربية، عقب هجوم فلسطيني الثلاثاء الماضي أسفر عن مقتل أربعة مستوطنين في مستوطنة عيلي شمال مدينة رام الله.
استنكار
جاءت تصريحات السفير الأمريكي في الوقت الذي لم يمر فيه الموقف الذي عبر عنه قبل يومين مرور الكرام، حيث استنكرت أوساط إسرائيلية أنه "يساوي" بين القتلى الفلسطينيين والإسرائيليين.
واعتبرت صحيفة "تايمز أوف إسرائيل" أن نايدز "متهم بالمساواة بين إسرائيليين قتلوا في إطلاق نار إرهابي فلسطيني الثلاثاء، وفلسطينيين قتلوا خلال مداهمة لجيش الدفاع الإسرائيلي في جنين يوم الإثنين".
وأشارت إلى أن إدارة الرئيس الأمريكي جو بايدن "تصعد لهجتها ضد موجة الهجمات التي تستهدف الفلسطينيين، لكن الهجمات تتواصل عبر الضفة الغربية".
ونقلت الصحيفة العبرية عن السفير الأمريكي إصراره على أنه لا يرى خطأ في التعبير عن التعاطف مع طرفي الصراع. وقال: "يمكن أن يكون لدي ارتباط شعوري مع الأسر الإسرائيلية وأيضا الأسر الفلسطينية، لا أحد يريد أن يقف متفرجا على ما يحدث. قلبي ينفطر على كل هذه الأسر".
وجدد السفير الأمريكي التزام بلاده بحل الدولتين، مع التأكيد على أن موقف واشنطن ليس كافيا، "فلا يمكن أن نريد السلام أكثر من الأطراف (المعنية)، لا بد أن يريده الناس، على الجيل القادم أن يطلب من الساسة أن يفعلوا الشيء الصحيح".
عبارات الدبلوماسية
يرى مراقبون أن عدم تقبل إسرائيل حتى العبارات الدبلوماسية تظهر القلق وحالة عدم الوفاق بين واشنطن وتل أبيب، وربما تعكس خطورة الوضع الراهن تصاعد نذر مواجهة مفتوحة لم تشهدها المنطقة منذ سنوات.
طرح يرجحه عودة إسرائيل لاستخدام سلاح الجو، حيث قصفت طائرة مسيرة سيارة قرب جنين شمال الضفة الغربية الأربعاء.
وركزت العديد من دوائر التحليل السياسي والأمني على تفسير هذه الخطوة، حيث كان هناك شبه إجماع على أنها ذات دلالات عدة، خاصة أنها تعتبر المرة الأولى منذ أكثر من حوالي 20 عاما التي تلجأ فيها إسرائيل لهذه الوسيلة.
وبينما فسر البعض ذلك على أنه استعراض للقوة ومحاولة إسرائيلية لإخماد أي تحركات للفصائل الفلسطينية للرد على ممارسات المستوطنين، أرجع فريق آخر ذلك للفشل في مواجهة الفلسطينيين على الأرض.
ووسط هذه الأجواء المشحونة، خرجت أصوات من داخل الحكومة الإسرائيلية تنادي بعملية عسكرية واسعة في الضفة الغربية.
دعوات تأتي بالتزامن مع إعلان رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو عن نيته الموافقة على بناء آلاف الوحدات الاستيطانية في الضفة، وهو ما تفاعلت معه أيضا واشنطن ودعت تل أبيب إلى العودة إلى الحوار الرامي إلى خفض التصعيد، وأعربت الولايات المتحدة عن قلقها البالغ من الإعلان الإسرائيلي في هذا الصدد.
وقال المتحدث باسم وزارة الخارجية الأمريكية ماتيو ميللر، في بيان، إن "الولايات المتحدة تعارض مثل هذه الأفعال الأحادية التي تجعل حل الدولتين أكثر صعوبة في تحقيقه والتي تمثل عقبة أمام السلام".
سجال سابق
تعيد الانتقادات الأمريكية لإسرائيل إلى الأذهان السجال الذي دار بين الجانبين منذ عدة أسابيع عندما عبر الرئيس جو بايدن عن موقفه من الاحتجاجات المستمرة في إسرائيل منذ أشهر، بسبب تعديلات قضائية يسعى نتنياهو لتمريرها.
وحينها، دعا بايدن رئيس الوزراء الإسرائيلي إلى التخلي عن تلك التعديلات، ليرد الأخير بأن "إسرائيل دولة ذات سيادة تتخذ قراراتها دون ضغوط من الخارج".
ويخشى الكثير من المراقبين من تفجر موجة كبيرة من العنف في الشرق الأوسط، في وقت لا تنصت فيه حكومة نتنياهو لأقرب الوسطاء الدوليين، بل تنتقد مواقفهم، وهم الذين لطالما تدخلوا في جولات عدة سابقة وأوقفوا دائرة العنف ونزيف الدماء.
وهنا ربما يتساءل البعض عن فاعلية الدور الأمريكي حاليا وقدرته على التأثير على إسرائيل، في وقت عرضت فيه الصين الوساطة "لإيجاد تسوية شاملة وعادلة للقضية الفلسطينية"، وذلك خلال زيارة الرئيس الفلسطيني محمود عباس لبكين الأسبوع الماضي ولقائه الرئيس الصيني شي جين بينغ.
aXA6IDEzLjU4LjE2MS4xMTUg
جزيرة ام اند امز