إسرائيل وغزة.. 4 خيارات

رغم العمليات العسكرية الإسرائيلية المتنامية في غزة فإن تل أبيب، لم تتمكن -حتى الآن- من إعادة جميع رهائنها في القطاع المحاصر.
ففي الوقت الذي تعاني فيه غزة من حالة دمار، وتنزلق نحو المجاعة، فيما انهارت محادثات وقف إطلاق النار، يتمسك رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو بتنفيذ العملية، مشيرًا إلى أن العملية ضرورية لإعادة الرهائن الإسرائيليين.
وبينما يرفض الجيش الإسرائيلي تلك العملية، تبنّت كلٌّ من تل أبيب وحماس رؤىً حول كيفية إنهاء الحرب، لكنّ وسطاء الإدارتين الأمريكيتين، ومصر وقطر، لم يُوفقوا بعد في تقريب وجهات النظر.
وبحسب وكالة أسوشيتد برس، فإن هناك سيناريوهين آخرين على الأقلّ لاستمرار الحرب إلى أجلٍ غير مسمّى، بتكلفةٍ باهظةٍ على مليوني فلسطينيّ في غزة، وعلى الرهائن الإسرائيليّين وعائلاتهم.
4 خيارات إسرائيلية:
إعادة احتلال غزة بالكامل
منذ أيام، أفادت وسائل إعلام إسرائيلية بأن رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو على وشك إصدار أمر بإعادة احتلال غزة بالكامل لأول مرة منذ انسحاب جنوده ومستوطنيه قبل عقدين من الزمن. ومن المتوقع أن يجتمع مع مجلسه الوزاري الأمني المصغر مساء الخميس، ربما لاتخاذ قرار.
هذا يعني إرسال قوات برية إلى المناطق القليلة في غزة التي لم تُدمر بالكامل، والتي تشكل نحو 25% من الأراضي التي لجأ إليها الجزء الأكبر من سكانها البالغ عددهم مليوني نسمة، بما في ذلك مخيمات النازحين الساحلية المترامية الأطراف في المواصي.
وسيؤدي ذلك إلى مقتل أعداد لا تُحصى من الفلسطينيين ونزوح جماعي أكبر، وقد يُعرّض نحو عشرين رهينة متبقين على قيد الحياة لخطر جسيم. كما سيترك لإسرائيل سيطرة كاملة على المنطقة، مُلزمةً بموجب القانون الدولي بتوفير الأمن وضمان تلبية الاحتياجات الأساسية للسكان.
وبحسب «أسوشيتد برس»، فإن إعادة احتلال القطاع من شأنه أن يثير غضباً دولياً ويزيد من عزلة إسرائيل والولايات المتحدة، فضلا عن أن هناك أيضاً معارضة داخل إسرائيل، من جانب أولئك الذين يخشون على الرهائن ومسؤولي الأمن السابقين الذين حذروا من الوقوع في مستنقع.
لكنها تحظى بدعم قوي بين شركاء نتنياهو في الحكم من اليمين المتطرف، الذين طالبوا منذ فترة طويلة باستعادة السيطرة على غزة، ونقل جزء كبير من سكانها إلى بلدان أخرى، وإعادة بناء المستوطنات اليهودية.
وقف النار تماشيا مع المطالب الدولية
وقالت «حماس» إنها ستفرج عن كل الرهائن المتبقين مقابل إطلاق سراح الفلسطينيين المسجونين لدى إسرائيل والانسحاب الإسرائيلي الكامل من غزة ووقف إطلاق النار الدائم.
هذه المطالب تبنتها إدارة جو بايدن ومجلس الأمن الدولي قبل أكثر من عام، ودُقّقت في اتفاق وقف إطلاق النار الذي أبرمته إدارة ترامب في يناير/كانون الثاني، مما أدى إلى وقف إطلاق نار لمدة ستة أسابيع، وإطلاق سراح 25 رهينة على قيد الحياة ورفات ثمانية آخرين، وتدفق مساعدات إنسانية غزيرة.
وكان من المفترض أن يستغل الجانبان هذه الهدنة للتفاوض على وقف إطلاق نار أكثر ديمومة. لكن إسرائيل أنهت الهدنة في مارس/آذار، مطالبةً بوقف إطلاق نار مؤقت آخر وإطلاق سراح بعض الرهائن المتبقين.
وتخشى إسرائيل أن يسمح الانسحاب من غزة لحماس في نهاية المطاف بإعادة بناء آلتها العسكرية والحفاظ على نفوذها في القطاع حتى لو لم تكن تمتلك السلطة الرسمية، مما يمهد الطريق لهجوم آخر على غرار هجوم السابع من أكتوبر/تشرين الأول 2023.
وقد يخشى نتنياهو أيضًا من أن يُنفذ حلفاؤه من اليمين المتطرف تهديداتهم بإسقاط الحكومة إذا وافق على هذه الشروط. قد يُنهي ذلك سنواته الست عشرة المتواصلة تقريبًا في السلطة، مما يجعله أكثر عرضة لاتهامات فساد طويلة الأمد وتحقيقات في الإخفاقات الأمنية والاستخباراتية المتعلقة بهجوم 2023.
وقف النار بشروط إسرائيل
وقال نتنياهو إنه سينهي الحرب بمجرد عودة جميع الرهائن وهزيمة حماس أو موافقتها على نزع سلاحها والذهاب إلى المنفى.
لكن حتى في هذه الحالة، يقول إن إسرائيل ستواصل خططها لنقل جزء كبير من سكان غزة إلى دول أخرى من خلال ما يُطلق عليه «الهجرة الطوعية». ويرى الفلسطينيون ومعظم المجتمع الدولي أن هذه الخطة تُمثل طردًا قسريًا، في انتهاك للقانون الدولي.
يقول نتنياهو إن إسرائيل مستعدة للموافقة على وقف إطلاق نار مؤقت، تفرج فيه حماس عن عدد من الأسرى الأحياء وجثث آخرين، مقابل إطلاق سراح الأسرى الفلسطينيين المسجونين لدى إسرائيل، وتدفق المساعدات الإنسانية، وانسحاب إسرائيلي جزئي. بعد ذلك، سيتفاوض الطرفان على إنهاء الحرب، لكن إسرائيل ستشترط نزع سلاح حماس.
وأعلنت حماس استعدادها لتسليم السلطة لفلسطينيين آخرين، لكنها لن تُلقي سلاحها ما دامت إسرائيل تحتل أراضي يريدها الفلسطينيون لدولتهم المستقبلية. كما تطالب بضماناتٍ بأن إسرائيل لن تستأنف الحرب، كما فعلت في مارس/آذار.
وقد يُسفر المزيد من التصعيد العسكري عن مزيد من التنازلات. لكن حماس فقدت بالفعل آلافًا من مقاتليها وجميع قادتها تقريبًا في غزة، حيث لم تعد تسيطر على مناطق كثيرة. كما ضعفت حلفاؤها الأقوى، إيران وحزب الله، بشدة.
ويشكل الرهائن آخر ورقة مساومة في يد حماس، التي تتمتع أيضاً بثقافة استشهادية قوية.
حرب أبدية
تقول «أسوشيتد برس»، إنه من الممكن جدًا أن تستمر الحرب على حالتها الحالية، مشيرة إلى أن إسرائيل قد تواصل شنّ غارات يومية على القطاع، والتي تقول إنها استهدفت المسلحين فقط، لكنها أودت بحياة مدنيين بالغين وأطفال بشكل متكرر.
وقد تُبقي حماس على وتيرة هجمات خاطفة منخفضة، تُسفر أحيانًا عن مقتل جنود إسرائيليين. وقد تُسهم التدابير الإضافية لإدخال المزيد من الغذاء إلى غزة في تفادي المجاعة، وتُتيح توزيع المساعدات بشكل أكثر أمانًا، بحسب الوكالة.
وأشارت إلى أن الرهائن قد يتمكنون من البقاء على قيد الحياة في الأسر لعدة أشهر أو حتى سنوات.
ومن المقرر أن تجري إسرائيل انتخابات في أكتوبر/تشرين الأول 2026 -وربما قبل ذلك- التي قد تسفر عن قيادة جديدة حتى لو أبقى نتنياهو ائتلافه سليما.
وسوف يعتمد السيناريو الذي سيتكشف إلى حد كبير على الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، الذي قدم الدعم العسكري والدبلوماسي الحاسم لإسرائيل، والذي أثبت أنه يتمتع بنفوذ على نتنياهو عندما توسط في وقف إطلاق النار بين إسرائيل وإيران بعد 12 يوما من الحرب في يونيو/حزيران.
وقال ترامب إنه يريد إنهاء الحرب في غزة وإعادة الرهائن المتبقين إلى ديارهم، لكنه لم يمارس أي ضغط علني على إسرائيل ويبدو أنه قبل بشكل كامل شروطها لوقف إطلاق النار.
وعندما سُئل يوم الثلاثاء عما إذا كان سيدعم إعادة احتلال إسرائيل لغزة، قال ترامب: «الأمر يعتمد إلى حد كبير على إسرائيل».