كواليس الإخفاق الأمني تتكشف.. هل بدأ حساب الحرب بإسرائيل مبكرا؟
كالطوفان تتدفق التساؤلات والاتهامات في إسرائيل، حول الإخفاق الأمني في المعرفة المسبقة بهجوم الـ7 من أكتوبر/تشرين الأول، المباغت.
فمن المؤكد بحسب المسؤولين الإسرائيليين أن تحقيقات واسعة ستجري على مستويات مختلفة في البلاد، بعد انتهاء الحرب المستمرة لليوم السابع على التوالي.
تحقيقات حول إخفاقات أمنية واكبت تسلل المئات من مسلحي حماس وفصائل فلسطينية أخرى، عبر حدود قطاع غزة، إلى 22 بلدة و11 قاعدة عسكرية إسرائيلية، صباح السبت الماضي.
وأدى الهجوم إلى مقتل ما لا يقل عن 1300 إسرائيلي وإصابة أكثر من 3391 آخرين، ما زال 28 منهم بحالة حرجة، و382 في حالة خطيرة، فضلا عن أسر العشرات، وفق معطيات رسمية إسرائيلية.
إخفاقات تسيل حبر تساؤلات
وتدور تساؤلات في إسرائيل حول أسباب عدم معرفة الأجهزة الأمنية والاستخبارية الإسرائيلية مسبقا بهذا الهجوم، وثانيا كيف استطاع المسلحون الفلسطينيون اختراق الجدار الخرساني المحكم؟ وثالثا عن سبب استمرار الاشتباكات المسلحة في غلاف قطاع غزة لمدة تزيد عن 3 أيام متتالية؟
رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو الذي سارع إلى تبرئة نفسه من تلك الإخفاقات، قال مكتبه في بيان اطلعت "العين الإخبارية" على نسخة منه، مساء الخميس: "تم تحديث رئيس الحكومة، في تمام الساعة 06:29 (صباح) يوم السبت الماضي (7 أكتوبر 2023)، وليس قبل ذلك، عند اندلاع القتال".
وأضاف البيان أن نتنياهو: "ذهب على الفور إلى وزارة الدفاع، وأجرى تقييما للوضع وعقد اجتماعا لمجلس الوزراء الأمني".
ويريد نتنياهو بذلك أن يقول إنه لم يعرف مسبقا بنوايا هجوم "حماس"، وإنه تحرك على الفور مع وقوع الهجوم.
كما أبدى الجيش الإسرائيلي استعداده للحساب، ولكن دون التنصل من المسؤولية كما فعل نتنياهو.
فقد تطرق الناطق باسم الجيش الإسرائيلي دانييل هغاري، أمس الخميس، لأول مرة إلى التحذيرات الاستخباراتية التي سبقت هجوم عناصر حماس.
وأوضح في الإيجاز الصحفي اليومي "لم نكن نملك أية معلومة قبيل الهجوم حول مدى قوته وحجمه. هذا أمر سنجري تحقيقا حوله. علينا أن نقدم الإجابات الضرورية للجمهور بعد أن ننهي الحرب".
المتحدث العسكري اعترف أيضا "كانت هناك تقارير عن تحرك القوات، لكن لم نفهم أنه كان هجوماً كبيراً، فالتحذير من تحرك القوات ليس أمراً غير عادي".
تقييم أمني متأخر
لكن قناة "الأخبار 13" الإسرائيلية، ذكرت أن المعلومات التي وصلت قبل ساعات من الهجوم أدت إلى محادثات هاتفية بين كبار مسؤولي الجيش في منتصف الليل، وكانت النتيجة أنه سيتم إجراء تقييم آخر للوضع في الصباح.
ويقول رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو ووزير الدفاع يوآف غالانت إن الإنذار الليلي لم يصل إليهما.
ونقلت قناة "الأخبار 13" عن مصادر في الجيش الإسرائيلي "كانت هناك إشارات ضعيفة أجرى جهاز الأمن العام "الشاباك" على أثرها مشاورات أمنية مع الجيش، ولكن من المهم التأكيد على أن هذا أبعد ما يكون عن التحذير من الحرب".
وأضافت: "قبل ساعات من العملية أجرى رؤساء أركان الجيش الإسرائيلي ورئيس المخابرات العسكرية ورئيس القيادة الجنوبية تقييمات هاتفية، ولكن لم يتم اتخاذ قرار على الأرض، وتم الاتفاق على مواصلة المراقبة".
وأشارت القناة الإسرائيلية إلى أن "أول مكالمة هاتفية مع مكتب رئيس الوزراء حول هذه المسألة وصلت إلى سكرتير نتنياهو العسكري، آفي غيل، في حوالي الساعة 6:12 صباح السبت، قبل دقائق من الهجوم".
ونوهت بأن "رئيس المنطقة الجنوبية من جهاز الأمن العام "الشاباك" قدّر ليلا أن هذه كانت تدريبات".
في هذه الأثناء، أعلن مكتب غالانت أنه "لم يتم إبلاغ الوزير مسبقا بالمشاورات".
من جهتهما، قال مسؤولان إسرائيليان لموقع "واللا" الإخباري العبري إنه "في الليلة التي سبقت هجوم حماس عُقدت مشاورة بمشاركة رئيس الأركان ورئيس قوات الأمن ورئيس الشاباك في أعقاب معلومات استخباراتية وردت في إسرائيل تشهد على نشاط غير عادي بين عناصر حماس الفلسطينية في غزة".
المسؤولان الإسرائيليان اللذان علقا على تفاصيل المشاورة التي جرت أوضحا أن "أحد الخيارات التي تم النظر فيها هو وضع قوات الجيش في حالة تأهب على الحدود، لكن في نهاية المشاورة تقرر عدم القيام بذلك في هذه المرحلة".
وذكر أحد كبار المسؤولين الإسرائيليين "اُتخذ قرارٌ بالتحقيق في المعلومات الاستخبارية التي تم تلقيها وكان خطأ في الحكم".
وأكد مصدر أمني إسرائيلي للموقع أن المعلومات الواردة لم تتحول إلى تحذير من الحرب، غير أنه نفى الادعاء بأن المعلومات الواردة زائفة".
وعلى ذمة المصدر الأمني تم اتخاذ عدد من الإجراءات بعد المشاورات الليلية، بما في ذلك إرسال فريق من جهاز الأمن العام والجيش الإسرائيلي إلى المنطقة على أساس أنه قد يكون هناك بعض التسلل عبر الحدود لصالح عملية اختطاف.
ولفت إلى أن تلك الفرق "شاركت في القتال في ساعات الصباح".
أندرو إنجلاند، محرر شؤون الشرق الأوسط بصحيفة "فايننشال تايمز" اللندنية، أعرب عن استغرابه من قدرة مقاتلي حماس المدعومة من إيران على شن هجمات منسقة من غزة.
وكتب: لقد أطلقت عملية حماس القاتلة والمخططة بعناية والمتعددة الأوجه العنان لأكثر كابوس إسرائيل رعبا، حيث وجد المدنيون أنفسهم على الخطوط الأمامية للصراع الذي طال أمده، وأصبحت منازلهم مناطق حرب".
واعتبر إنجلاند أن ذلك "يشير إلى فشل استخباراتي هائل من شأنه أن يرسل موجات من الصدمة والخوف عبر المجتمع الإسرائيلي".
أما ناتان ساكس الذي يدير مركز سياسة الشرق الأوسط في معهد بروكينجز في واشنطن، فرأى أن "هناك أزمة ثقة عميقة بالدولة الإسرائيلية والجيش الإسرائيلي" موجودة الآن بين سكان إسرائيل المصابين بصدمات نفسية جراء الهجوم.