تحقيق إسرائيلي «يقلب الموازين».. هل قُتل «رضع» بهجوم 7 أكتوبر؟
أماط تحقيق استقصائي إسرائيلي اللثام عما قالت تل أبيب إنها «فظائع» ارتكبها فلسطينيون خلال الهجوم على بلدات ومستوطنات في غلاف قطاع غزة يوم 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي.
التحقيق، الذي أجرته صحيفة «هآرتس» الإسرائيلية فجر مفاجأة، بعد أن خلص إلى أن «كل ما قيل عن قتل الإسرائيليين الرضع ووضعهم على الحبال وحتى إحراقهم إنما هو فظائع لم تحدث».
- تهديد إسرائيل لقادة حماس بالخارج.. تركيا تحذر من «عواقب وخيمة»
- تهجير سكان غزة.. إسرائيل تتراجع خطوة للخلف؟
وليس من الواضح إلى أي مدى ستؤثر النتائج التي خلصت إليها الصحيفة الإسرائيلية على الدعم الدولي للحرب الإسرائيلية، سيما وأن الحرب استندت بالفعل إلى «هذه الفظائع التي لم تحدث»، بحسب الصحيفة.
وقال الصحفيان نير حسون وليزا روزوبسكي إن "سياسيين وضباطا في الجيش الإسرائيلي ومتطوعين من جمعية تشخيص ضحايا الكوارث (زاكا) ونشطاء كثيرين في الشبكات الاجتماعية، جميعهم يتحدثون منذ 7 أكتوبر/تشرين الأول الماضي عن قصص فظيعة ارتكبها عناصر حماس".
وأضافا: "على الأغلب الحديث يدور عن شهادات حقيقية ترتكز على أدلة كثيرة، لكن في أوساط الجمهور في إسرائيل وفي العالم تنتشر أيضاً قصص وروايات غير صحيحة، من بينها ما يوفر ذخيرة لمن ينكرون المذبحة".
وقال التقرير الاستقصائي إن "عناصر حماس والجهاد وسكان غزة الذين دخلوا إلى إسرائيل ارتكبوا جرائم حرب وجرائم ضد الإنسانية. فقد قتلوا بوحشية حوالي 1200 شخص، معظمهم من المدنيين غير المسلحين، واختطفوا حوالي 240 مدنياً وجندياً، بينهم شيوخ وأطفال وفتيان ونساء".
ولكن التقرير استدرك: "كل هذه أمور لا خلاف عليها.. لكن إضافة إلى هذا الوصف الصحيح لهذه الجرائم فقد نشرت جهات عدة معلومات لا أساس لها عن أحداث وقعت في ذاك اليوم".
وقال: "إحدى الشهادات الفظيعة التي انتشرت بعد المذبحة شملت وصفاً لعشرات جثث الأطفال الذين تم قطع رؤوسهم، هذا الوصف ظهر في تقرير لشبكة "آي 24 نيوز" مثلاً، نقل عن أحد الضباط في الميدان قوله إنه يوجد أكثر من 40 طفلاً تم قتلهم وإن العناصر الفلسطينية قامت بقطع رؤوس بعضهم".
ونقل عن هذه الشبكة ردها إن "التقارير عن الفظائع وعن العدد استندت إلى شهادات ضباط قاموا بإخلاء الجثث في بلدات غلاف غزة، وقد تم تجميعها في جولة للمراسلين الأجانب التي قام بها المتحدث باسم الجيش الإسرائيلي بعد 4 أيام على اندلاع الحرب".
وأضافت الشبكة: "مراسلونا جلبوا الأصوات من الميدان، وأجروا مقابلات مع الضباط وأرسلوا التقارير من الميدان في الوقت الذي كانوا فيه محاصرين بفظائع الهجوم الوحشي، نحن نعمل طوال الوقت من أجل ضمان الدقة في التفاصيل، ونضيف التوضيحات والتعديلات إلى هذا التقرير".
ولكن التقرير الاستقصائي أشار إلى أن ما نشرته هذه الشبكة: "تم اقتباسه بعد ذلك في الشبكات الاجتماعية، على الأغلب مثل (عشرات الأطفال تم قطع رؤوسهم) وأحياناً تم تغيير الرواية حيث أصبحت (جثث أطفال تم إحراقها أو جثث أطفال تم تعليقها على حبل)".
وقال: "مثلاً، القناة الرسمية لوزارة الخارجية الإسرائيلية نشرت شهادات للعقيد غولان باخ من قيادة الجبهة الداخلية التي زعم فيها العثور في أحد البيوت على جثث محروقة لثمانية أطفال".
وأضاف: "حساب «إكس» (تويتر سابقاً) لمكتب رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو تطرق إلى قتل الأطفال عندما نشر صوراً تشبه أكثر الرسومات، وكتب: "هذه صور فظيعة لأطفال قتلوا وأحرقوا على يد وحوش حماس"، وفي التغريدة كتب أن رئيس الحكومة، بنيامين نتنياهو، عرض هذه الصور على وزير الخارجية الأمريكي، أنتوني بلينكن".
واستنتج التقرير الاستقصائي أن "هذه الأوصاف غير صحيحة في الحقيقة. فخلال الهجوم قام عناصر حماس حقاً بالتنكيل بالجثث، لا سيما جثث الجنود"، وبينما تم الحديث عن قتل عشرات الأطفال الرضع، فإنه تم تأكيد مقتل طفلة واحدة بعمر سنة.
وقال: "لكن بيانات مؤسسة التأمين الوطني عن القتلى والمعلومات التي تم جمعها من ساحة المذبحة، من القيادات في المستوطنات ومن رجال الشرطة، أظهرت أنه في 7 أكتوبر/تشرين الأول تم قتل طفلة واحدة هي ميلا كوهين، ذات السنة الواحدة من كيبوتس بئيري".
وأضاف: "كوهين قتلت هي ووالدها إيهود. حسب مؤسسة التأمين الوطني فقد توفي أيضاً في نفس اليوم 5 أطفال آخرين وهم: عومر سيمان طوف كيدم (4 سنوات) بالإضافة إلى شقيقتيه التوأم أربيل وشاحر (6 سنوات)، اللتين قتلتا في نير عوز، ويزن بن جماع من عرعرة في النقب، الذي قتل بسبب إطلاق صاروخ، وإيتان كافشتر (5 سنوات)، الذي قتل هو ووالداه وشقيقه قرب كلية سفير".
وتابع: "إضافة إليهم قتل أيضاً 14 فتى في أعمار 12 – 15 عاما. منهم 3 بسبب صواريخ وليس في ساحة المذبحة في غلاف غزة".
وقال التقرير إن "بعض الأولاد الآخرين قتلوا في بيوتهم أو قربها، على الأغلب مع أبناء آخرين من العائلة. حتى الآن نحن لا نعرف عن ساحة تم فيها اكتشاف أطفال من عدة عائلات قتلوا معاً".
التقرير الاستقصائي أضاف: "من هنا يتبين أنه حتى أوصاف نتنياهو التي وردت في محادثة له مع الرئيس الأمريكي، جو بايدن، التي قال فيها إن عناصر حماس كبلوا عشرات الأطفال وأحرقوهم وأعدموهم، ليست أوصافاً تتفق بشكل دقيق مع صورة الواقع".
وفيما أشار التحقيق إلى أنه "كان هناك الكثير من الجثث التي تم تكبيلها"، فإنه قال: "على أي حال الحديث لم يكن يدور عن عشرات الأطفال".
ولفت إلى أن "بعض الأوصاف غير الصحيحة تم نشرها من قبل أعضاء (زاكا)"، وقال: "أحدهم تحدث في شهادات موثقة، مسجلة ومكتوبة، عن سلسلة من الفظائع التي شاهدها في مستوطنات الغلاف. مثلاً هو قدم شهادته في عدة مناسبات عن 20 جثة مكبلة ومحروقة لأطفال تم العثور عليها في مستوطنة".
ولكن في محادثة مع "هآرتس" قال إن "الحديث يدور عن فتيان في أعمار 10 – 15 سنة، ذكوراً وإناثاً، عثر عليهم وراء غرفة المطعم في مستوطنة كفار عزة".
وفي شهادة أخرى قال إنه "شاهد 20 طفلاً من كيبوتس بئيري تم وضعهم فوق بعض وتم إحراقهم حتى الموت وقد تم تكبيل أيديهم".
غير أن التقرير الاستقصائي قال: "هذه الشهادات لا تتفق مع قائمة القتلى.. فالقصر الذين قتلوا في كفار عزة هم يفتاح كوتس (14 سنة) وشقيقه يونتان (16 سنة) وشقيقته روتم وهي مجندة عمرها 18 سنة، وفي بئيري قتل 9 من القصر، على الأقل البعض منهم كانوا مع والديهم، وقتلوا في بيوتهم".
وأضاف: "وهكذا، من غير المعقول أن الحديث يدور عن 20 جثة وجدت مكدسة في مكان واحد. فمعظمهم كانوا على الأقل مع أحد الوالدين في البيت أو قربه".
قصة قتل المرأة الحامل وجنينها
وأشار التقرير إلى أن "نفس العضو من (زاكا) قدم شهادة عن مشهد فظيع آخر. فقد تحدث في عدة مناسبات عن جثة امرأة وجدها في كيبوتس بئيري، وقد كان بطنها مفتوحاً والجنين الذي كان مربوطاً بالحبل السري وجد مطعوناً أيضاً".
وقال التقرير إن هذا الشخص " كرر شهادته هذه في محادثة مع "هآرتس" ووصف المشهد بقوله: "كان هناك الكثير من الدماء"، وأضاف: "عندما قمنا بإدارتها رأينا أن بطنها مفتوح والسكين كانت قربها. رأينا الجنين مربوطاً بالحبل السري. وقد تم إطلاق النار عليها من الخلف".
وتابع ذات الشخص أنه وجد المرأة قرب البيت وفي الغرفة الآمنة وجد طفلاً عمره 6 أو 7 سنوات وقد أطلق عليه النار.
لكن التقرير الاستقصائي لم يجد ما يثبت أقوال هذا الشخص، مؤكدا أنه " بين قتلى بئيري لم يكن أي أطفال في أعمار 6 أو 7 سنوات".
وفيما أشار الشخص في "زاكا" إلى أن المرأة الحامل كانت في البيت رقم 426، فإن التقرير الاستقصائي قال أظهر أن "البيت 426 يوجد في حي أشاليم، الذي يعيش فيه بالأساس القدامى من سكان الكيبوتس وهم من الشيوخ".
وأضاف: "أيضا في البيت 426، الذي هو بيت يتكون من طابقين، تعيش عائلة من كبار السن، رافي موردو قتل في الهجوم، في حين أن جارته سمحه شيني أصيبت.. شيني وزوجها لم يتحدثا عن امرأة حامل أو عن عائلة مع أطفال صغار قاموا باستضافتهم في بيتهم".
وتابع التقرير الاستقصائي "في الشبكات الاجتماعية نشر فيلم يبدو أنه يوثق قتل المرأة الحامل. لكن جمعية «فيك ريبورتر» ومصادر أخرى أكدت أن هذا الفيلم لم يتم تصويره أبداً في إسرائيل.
وأيضاً في الكيبوتس نفسه تنصلوا من الوصف وقالوا إن قصة المرأة الحامل التي نشرتها «زاكا» لا صلة لها بكيبوتس بئيري، وأيضاً في الشرطة هذه الحادثة غير معروفة لها، كما أن مصدرا مطلعا على فحص الجثث في قاعدة شورا قال للصحيفة إن «هذه الحادثة غير معروفة له».
وفي «زاكا» قالوا رداً على ذلك: "المتطوعون ليسوا خبراء في علم الأمراض، وليست لديهم أدوات مهنية من أجل التعرف على القتيل وعمره، أو الإعلان عن طريقة قتله، عدا شهادة شهود العيان".
وأوضحت الجمعية أيضاً أنه "بسبب الحالة الصعبة للجثث فان المتطوعين ربما أساؤوا تفسير ما شاهدوه".
حرق طفل حتى الموت
وتناول التقرير الاستقصائي قصة أخرى نشرت قبل بضعة أسابيع وقد كانت قاسية بشكل خاص.
وقال: "رئيس جمعية اتحاد الإغاثة، إيلي بير، تحدث عن طفل تم إدخاله في الفرن وأحرق حتى الموت، وقد قال هذه الأمور في مؤتمر للمانحين في الولايات المتحدة.. ومن هناك تدحرجت هذه القصة وحتى أنها نشرت في بداية الشهر الحالي في صحيفة "ديلي ميل" البريطانية، حيث أصبح الطفل هناك عدة أطفال".
واستنتج التقرير الاستقصائي أن " أيضاً هذه القصة هي غير صحيحة. فميلا كوهين كانت الطفلة الوحيدة التي قتلت في المذبحة. ولا توجد لدى الشرطة أي شهادة عن أي جثة تشبه هذه العلامات".
وقال التقرير إن "مصدرا في اتحاد الإغاثة قال إن مصدر الخطأ هو المتطوع الذي اعتقد أنه شاهد هذه الحالة في قاعدة شورا وأنه أبلغ بير بذلك".
ولادة المرأة الحامل الرهينة
وذكر التقرير الاستقصائي أن "ادعاء آخر مشكوك في صحته جداً تم طرحه من قبل زوجة رئيس الحكومة، سارة نتنياهو، في الرسالة التي أرسلتها لزوجة الرئيس الأمريكي جيل بايدن".
وقال: "في هذه الرسالة كتبت سارة نتنياهو أن إحدى النساء اللواتي تم اختطافهن واقتيادهن إلى قطاع غزة كانت حاملاً في الشهر التاسع وأنها ولدت وهي رهينة لدى حماس".
ولكن التقرير الاستقصائي أشار إلى أنه "في الشبكات الاجتماعية تم نشر صورة للمخطوفة نتفاري مولكان، وهي مواطنة من تايلاند. وفي تقرير «مغازين» نفى زملاؤها ومشغلها وأبناء عائلتها أنها كانت حاملاً".
وقال: "مولكان تم إطلاق سراحها، الأسبوع الماضي، وتبين أنها لم تكن حاملاً وأنها لم تلد. أيضاً الجيش لا توجد لديه حتى الآن أي معلومات عن امرأة حامل مخطوفة. وفي جهاز الأمن يتعاملون مع هذه القصة على أنها شائعة لا أساس لها. ومن مكتب رئيس الحكومة لم يرد أي جواب".
aXA6IDE4LjIyMi40NC4xNTYg
جزيرة ام اند امز