منهم جورجينيو وانتقدهم مانشيني.. قصة "الأوريوندي" مع منتخب إيطاليا
"الأوريوندي" اسم غريب ارتبط بمعسكر منتخب إيطاليا، خلال مشاركته في بطولة كأس الأمم الأوروبية "يورو 2020"، بسبب لاعبه جورجينيو.
جورجينيو الذي وُلد في البرازيل لأسرة من أصول إيطالية يعتبر من أبرز اللاعبين الذين يتعلقون بتلك الكلمة في المنتخب الإيطالي خلال منافسات يورو 2020.
ووُلد جورجينيو بولاية سانتا كاتارينا البرازيلية لعائلة تعود جذورها لمهاجر إيطالي، وانتقل إلى إيطاليا في عمر 15 عاما، وسرعان ما حصل على الجنسية الإيطالية، وهو ما يعرف بـ"الأوريوندي".
هجرة معاكسة
تشير كلمة أوريوندي إلى الأشخاص ذوي الأصول الإيطالية الذين وُلدوا أو نشأوا في الخارج، وهي وثيقة الصلة بتاريخ كرة القدم في البلد الأوروبي، حيث شارك أكثر من 40 "أوريوندي" في أكثر من 350 مباراة دولية مع "الآزوري".
يُعتقد أن أول لاعب من تلك الفئة مع منتخب إيطاليا هو إرمانو أيبي، الذي ولد في ميلانو قبيل نهاية القرن الماضي ونشأ في سويسرا على يد أم سويسرية وأب إيطالي، قبل أن يعود إلى أرض أجداده ليلعب مع إنتر ميلان ومنتخب "الآزوري".
هاجر الإيطاليون بشكل جماعي في أواخر القرن التاسع عشر وأوائل القرن العشرين، وذهبوا بالملايين إلى الأمريكتين الشمالية والجنوبية، وهناك أصبحت كرة القدم وسيلتهم للتعبير عن هويتهم خاصة في المدن الصناعية الكبيرة.
وفي عشرينيات القرن العشرين ظهرت موجة الهجرة المعاكسة من أمريكا الجنوبية إلى أوروبا، وأصبحت دول أمريكا اللاتينية، وخاصة الأرجنتين وأوروجواي والبرازيل، هي الموطن الأشهر لأبناء إيطاليا من "الأوريوندي" الذين شاركوا مع "الأزوري"، وكان أولهم الإيطالي-الأرجنتيني جوليو ليبوناتي، الذي انتقل من نيولز أولد بويز ليلعب مع تورينو في عام 1926.
الحركة القومية في إيطاليا الفاشية تحت حكم بينيتو موسوليني في عشرينيات القرن الماضي عززت حركة عودة أبناء المهاجرين، الذين أصبحوا تلقائيا مواطنين مزدوجي الجنسية، وهو ما عاد بالفائدة على أندية كرة القدم ومن ثم المنتخب الوطني.
في ذلك الوقت تم حظر التوقيع مع اللاعبين الأجانب من خارج إيطاليا، لكن هؤلاء العائدين كانوا يتم اعتبارهم إيطاليين، وتم استخدامهم كوسيلة لإظهار قوة الأمة الإيطالية.
عندما استضافت إيطاليا كأس العالم عام 1934 كان 5 من لاعبي "الآزوري" من بين هؤلاء "الأوريوندي"، وهم لويس مونتي ورايموندو أورسي وإنريكي جوايتا وأتيليو ديماريا وأنفيلوجينو جواريسي، وجميعهم شاركوا سابقا بقميص الأرجنتين أو البرازيل.
قوبل استدعاء هؤلاء اللاعبين بموجة نقد، لكن فيتوريو بوزو، مدرب إيطاليا وقتها، رد على تلك الانتقادات بقوله: "إذا كان بإمكانهم الموت من أجل إيطاليا، فيمكنهم اللعب لإيطاليا"، في إشارة إلى حقيقة أن هؤلاء العائدين كانوا أيضا ينخرطون في صفوف الجيش.
فازت إيطاليا بلقب مونديال 1934، وكان أورسي أحد أبرز اللاعبين المساهمين في هذا الإنجاز، كما أصبح مونتي اللاعب الأول والوحيد الذي يمثل دولتين في المباراة النهائية، بعد خسارته عام 1930 مع الأرجنتين.
لكن في نهاية المطاف عاد هذا الخماسي إلى أمريكا اللاتينية في وقت لاحق من حياتهم، هربا من تجنيدهم في حملة موسوليني العسكرية في إثيوبيا.
موجة جديدة
في مطلع الستينيات من القرن الماضي، ظهرت موجة إيطالية جديدة من الاعتماد على أبناء المهجر، وفي مونديال 1962 تم استدعاء الثنائي الأرجنتيني أومبرتو ماشيو والأسطورة عمر سيفوري، ونجمين مولودين في البرازيل هما أنجيلو سورماني وخوسيه ألتافيني، لكن إيطاليا خرجت من الدور الأول بتلك البطولة.
وفي تلك الفترة ظهرت قواعد جديدة تمنع المولودين خارج إيطاليا من اللعب في الدوري المحلي أو تمثيل المنتخب، لتتوقف مؤقتا موجة الاعتماد على أبناء الأوريوندي، واستمر هذا التوقف قرابة 4 عقود.
ومع بداية الألفية الحالية كان هناك تدفق مستمر للإيطاليين القادمين من البرازيل والأرجنتين، وأبرزهم الأرجنتيني الأصل ماورو كامورانيزي، وتياجو موتا، الذي سبق له اللعب مع منتخب الناشئين البرازيلي.
انتقادات قوية
موجات الاعتماد على أبناء إيطاليا المهاجرين قوبلت بانتقادات قوية، وفي عام 2010 اعترض المشجعون على تلك الممارسة، ورفعوا لافتة تقول إنه لا ينبغي السماح للأجانب باللعب للمنتخب، وذلك في مباراة شارك فيها كريستيان ليديسما المولود في الأرجنتين للمرة الأولى والوحيدة.
وفي عام 2015 قال المدرب المخضرم أريجو ساكي: "كرة القدم الإيطالية الآن بلا كرامة أو كبرياء، لأن الكثير من الأجانب يلعبون في فرق الشباب"، وذلك بالتزامن مع استدعاء عدد من اللاعبين أصحاب النشأة اللاتينية، وأبرزهم إيدر مارتينيز وداني أوسفالدو وفرانكو فاسكيز.
الجدير بالذكر أن روبرتو مانشيني، المدرب الحالي لمنتخب إيطاليا، كان أحد أبرز منتقدي الاعتماد على أبناء "الأوريوندي".
وعلى هامش مباراة ضد بلغاريا في تصفيات يورو 2016، قال مانشيني، مدرب إنتر ميلان وقتها: "يجب أن يكون لاعب المنتخب الإيطالي إيطاليا تماما، يستحق اللاعب الإيطالي اللعب مع المنتخب بينما الشخص الذي لم يولد هنا، أنا لا أعتقد أنه يستحق".
ورد المدرب الأسبق أنطونيو كونتي على انتقادات مانشيني بقوله: "إذا سُمح لماورو كامورانيزي (المولود في الأرجنتين) بمساعدة إيطاليا للفوز بكأس العالم 2006، فلماذا لا يستطيع إدير وفرانكو فاسكيز قيادة الأزوري إلى المجد؟".
aXA6IDE4LjIyNi4yMTQuOTEg جزيرة ام اند امز