استقالة كوبيتش.. هل تؤثر على انتخابات ليبيا وما السيناريوهات المتوقعة؟
استقالة مفاجئة لمبعوث الأمم المتحدة في ليبيا، وضعت خارطة الطريق الأممية في موقف حرج، وكشفت عن سيناريوهات قد يكون بعضها "كارثيًا".
فاستقالة المبعوث الأممي المخضرم يان كوبيتش، التي تأتي بعد ساعات من إغلاق باب الترشح لأول انتخابات رئاسية في تاريخ ليبيا، وقبل شهر من الاستحقاق الدستوري المقبل، ستترك -بحسب مراقبين- فراغًا في السلطة يقوض مكانة المجتمع الدولي في ليبيا، وتنذر بأن الانسحاب قد يكون مؤشرًا على أن الأمور تنهار خلف الكواليس.
ورغم الاستقالة المفاجئة التي قبلها الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، فإن المتحدث باسم الأمم المتحدة ستيفان دوجاريك، قال إن كوبيتش سيبقى في منصبه في الوقت الحالي، وإنه يعتزم إطلاع مجلس الأمن اليوم الأربعاء على التطورات في ليبيا.
وقال الناطق الأممي، في تصريحات صحفية، إن كوبيتش لن يغادر ويترك المهمة معلقة، مؤكدًا أن الأمم المتحدة على دراية كاملة بالجدول الانتخابي وتعمل بأسرع ما يمكن لضمان استمرارية دورها.
سيناريوهات خفية
إلا أن خطوة كوبيتش وتصريحات المسؤول الأممي، أرجعها محللون ليبيون إلى سيناريوهات يديرها تنظيم الإخوان وتيار الإسلام السياسي قوضت دور المبعوث المستقيل، ودفعته إلى تلك الخطوة خوفًا من المصير الذي قد ينتظر العملية السياسية في ليبيا.
وحذر المحللون، من أن عدم الالتزام بالمسارات المحددة للعملية السياسية ومخالفتها بشكل صريح من قبل تيار الإسلام السياسي، قد تعيد البلاد إلى مربع الحرب مرة أخرى.
وإلى ذلك يقول المحلل السياسي الليبي أحمد المهدوي، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن الاستقالة تعبر عن فشل المبعوث الأممي كوبيتش في إدارة البعثة، خصوصا، وأنه لم يكن له إضافة في الملف الليبي، وإنما كان استمرارًا لما وضعه المبعوث الأسبق غسان سلامة والسابقة ستيفاني وليامز.
انفجار الوضع
وأوضح المهدوي، أن كوبيتش يخشي انفجار الوضع في ليبيا، بعد معركة الطعون الأيام القادمة، والتخوفات مما وصفه بـ"تلاعب" المجلس الأعلى للقضاء وانحيازه لبعض المرشحين، وخاصة بعد التعديل الأخير فيما يخص باب الطعون، مؤكدًا أن "كوبيتش" تخوف تحمل المسؤولية، حال سوء الأوضاع، فآثر الانسحاب.
وحول تأثير الإقالة على خارطة الطريق الأممية، قال المحلل الليبي، إنه ليس هناك تأثير ملموس؛ لأن الخارطة تنتهي باستحقاق ٢٤ ديسمبر/كانون الأول المقبل، بإجراء الانتخابات الرئاسية.
المحلل الليبي أيوب الأوجلي، توقع تأثيرًا لاستقالة كوبيتش على سير العملية السياسية في البلاد، والتي تشرف عليها وترعاها البعثة الأممية، إلا أنه قال إن الفيصل في هذا الملف سيكون الطريقة التي سيتعامل بها الأمين العام للأمم المتحدة ومدى سرعة تعيين مبعوث جديد للمحافظة على المكاسب التي تم تحقيقها حتى الآن.
وأوضح الأوجلي، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، أن الآثار السلبية لهذه الاستقالة ستتوقف تتوقف على كيفية تعامل الأمم المتحدة معها، ومحاولتها إبقاء الوضع في ليبيا تحت السيطرة، لا سيما وأن العد التنازلي للانتخابات أوشك على الانتهاء، فيما ستشهد الأيام المقبلة آخر محاولات للمعرقلين.
تشابك الملفات
وأشار المحلل الليبي إلى أنه رغم الغموض الذي انتاب هذه الاستقالة، إلا أنها جاءت بسبب تشابك ملفات الأزمة الليبية والتي تسبب ضغطا كبيرا على كل من يتولى هذا الملف، خاصة مع ما وصفه بـ"الارتباك الأخير" في المشهد و"التوتر" الذي ستشهده الأيام المقبلة.
وحول السيناريوهات المقبلة، قال الأوجلي، إن ما سيحدث في الأيام المقبلة سيتوقف على موقف الدول الداعمة للانتخابات وعلى رأسهم الولايات المتحدة مؤكدًا أن موقف هذه الدول سيكون أهم من أي موقف لأي مبعوث أممي.
السيسي: هدف مصر الأساسي تحقيق السلام والأمن في ليبيا
وحول كواليس الاستقالة، قال المحلل الليبي حسين المسلاتي، في تصريحات لـ"العين الإخبارية"، إن البعثة الأممية أصبحت في موقف حرج، عندما تقدم رئيس حكومة تصريف الأعمال عبدالحميد الدبيبة للترشح لرئاسة ليبيا، بالمخالفة للتعهد الذي وقعه برعاية الأمم المتحدة، في جنيف، في فبراير/شباط الماضي، بعدم الترشح لأي مناصب في المرحلة المقبلة.
موقف حرج
وأوضح المحلل الليبي، أن خطوة الدبيبة ومساعي تنظيم الإخوان المسلمين، وضعت المبعوث الأممي في موقف محرج، مشيرًا إلى أن بعض الأطراف بدأت تتلاعب بالقانون لإقصاء أطراف أخرى، ما قد يعرقل عمل المبعوث الأممي، والذي آثر المغادرة.
وأكد المسلاتي، أن الاستقالة عكست بشكل مباشر تخوفات البعثة الأممية والمبعوث الأممي من تيار الإسلام السياسي وتنظيم الإخوان، متوقعًا أن تكون الأمور خرجت عن السيطرة.
وحذر المحلل الليبي من أن عدم التزام تيار الإسلام السياسي وتنظيم الإخوان بالمسارات المحددة للعملية السياسية ومخالفتها بشكل صريح، بالإضافة إلى تداخل المال الفاسد، قد يعيد ليبيا إلى المربع الأول وهو مربع الحرب.
انهيار الأمور
من جانبه، قال توماس هيل الخبير في قضايا شمال إفريقيا في المعهد الأمريكي للسلام، إن "المجتمع الدولي يضع كل بيضة في هذه الانتخابات، لذلك يجب أن تسير على ما يرام"، مشيرًا إلى أن انسحاب كوبيتش الآن قد يكون مؤشرًا على أن الأمور تنهار خلف الكواليس.
وقال هيل في تصريحات لـ"فورين بوليسي"، ترجمتها "العين الإخبارية"، إن الاستقالة المفاجئة لمبعوث الأمم المتحدة المخضرم تترك فراغًا في السلطة يقوض مكانة المجتمع الدولي في ليبيا، ما يعني أن مقعد الأمم المتحدة على الطاولة أصبح شاغرًا.
aXA6IDMuMTMzLjEzOC4xMjkg
جزيرة ام اند امز