أمهات اليابان يعلن "حرب الوجود" لحماية أبنائهن
الأمهات العاملات في اليابان يواجهن العديد من التحديات، أبرزها نقص مراكز رعاية الأطفال النهارية وعدم المرونة في ساعات العمل
في الوقت الذي تم فيه الاحتفاء عالميا بسياسيات اصطحبن أبناءهن لصالات ممارسة السلطة، إلا أن تجربة السياسية اليابانية يوكا أوجاتا، في عام 2017، سلطت الضوء على معاناة الأمهات العاملات في اليابان.
عندما قررت أوجاتا الذهاب إلى مجلس مدينة كوماموتو، جنوب اليابان، ومعها طفلها البالغ من العمر 7 أشهر، كانت تأمل في أن تكون نموذجا مشجعا وغير مسبوق للأمهات العاملات، لكنها تسببت في اندلاع "مواجهة" بدلا من ذلك.
وفي تقرير مطول نشرته شبكة "سي إن إن" الأمريكية، استرجعت أوجاتا ما حدث "قالوا لي: لا يمكنك البقاء هنا، غادري هذه الغرفة فورا ومعكِ طفلكِ".
وأضافت "في الواقع.. صدمتني هذه الكلمات"، وغادرت أوجاتا الغرفة بعدما اشتد الصراخ داخلها، ولم يسمح لها بالدخول مجددا إلا عندما تركت ابنها مع صديقة لها.
شعرت أوجاتا آنذاك بأن الواقعة انتهاك لمنصبها، باعتبارها مسؤولة منتخبة تم اختيارها بطريقة ديمقراطية، لتمثيل عدد من الأشخاص من بينهم الأمهات العاملات.
ومنذ تلك اللحظة قررت الدفاع عن حقوق الأمهات العاملات في اليابان قدر استطاعتها، ومن ذلك إقناعها عمدة المدينة بعقد جلسات الأسئلة والأجوبة في العطلات الأسبوعية بدلاً من الأمسيات خلال أيام الأسبوع، حتى تتمكن الأمهات من الحضور، كما نجحت في إقناع إدارات المدينة بوضع لافتات "مرحبا بالأطفال" في معظم المناسبات والأحداث.
ولا تزال تصارع حاليا لتوفير خدمات مجالسة الأطفال في مجلس المدينة، حتى تتمكن الأمهات العاملات بالسياسة من ملء الاستثمارات دون تشتت انتباه.
على مدار الـ6 سنوات الماضية تشجع حكومة شينزو آبي، المحافظة، السيدات على الانضمام إلى القوى العاملة في البلاد، وروجت إلى الفكرة كطريقة للدفع بالنمو الاقتصادي في الدولة ذات نسبة السكان المسنين المرتفعة، وتعاني من تقلص عدد العمال.
ووفقا لمنظمه التعاون الاقتصادي والتنمية OECD تعمل نحو 71.3% من اليابانيات، لكنهن يواجهن العديد من التحديات، لا سيما أن يكن أمهات عاملات.
ومن أبرز هذه العواقب نقص مؤسسات رعاية الأطفال اليومية، وعدم المرونة في ساعات العمل، والتقليد الثقافي الذي يلقي بمعظم مسؤوليات المنزل والأبناء على عاتق الأم.
وتسببت هذه الفجوة، ما بين ما تريده اليابان من الأمهات العاملات وبين مقدار الدعم الفعلي الذي تقدمه إليهن، في ظهور جيل جديد من الناشطات مثل أوجاتا، اللاتي يعتقدن أنه على الدولة القيام بأكثر من ذلك لتحقيق التوازن بين العمل والأسرة.
ويعاني الآباء في اليابان من نظام مراكز رعاية نهارية معقد جدا تديره الحكومات المحلية، يتم من خلاله تصنيف الآباء، ثم يتم منحهم نقاطا، بناء على أمور مثل الوظيفة والدخل، وما إذا كان لديهم جليسة أطفال أو يعيش معهم أحد الأقرباء.
الآباء الذين يحصلون على أعلى النقاط يتمكنون من الاستفادة من الخدمات التي تقدمها مراكز الرعاية النهارية العامة أو الخاصة المدعومة من قبل الحكومة.
"الضيق" من هذا النظام دفع مجموعة من الآباء إلى تشكيل جمعية أطلقوا عليها "ميراكو"، بهدف تسهيل حياة الآباء والأمهات العاملين، وتمارس "ميراكو" الضغط على الحكومة لاستثمار الوقت والطاقة والأموال لإنهاء هذه الأزمة.
وقامت الجمعية بتدشين هاشتاج #IWantDayCare، الذي لاقى رواجا كبيرا، وطلب من الآباء نشر خطابات رفض حصولهم على الرعاية النهارية من قبل المسؤولين المحليين عبرها، كما تنظم ميراكو تجمعا سنويا للنشطاء والسياسيين يحملون فيه لافتات كتب عليها هذا الهاشتاج.
وجعلت جهود هذه الجمعية من أزمة نقص مراكز الرعاية النهارية للأطفال مشكلة لا يمكن للسياسيين تجنبها، لكن رغم زيادة الضغط الشعبي إلا أن إنهاء هذه الأزمة لا يبدو مهمة سهلة، ويقدر معهد نومورا للبحوث في اليابان أنه بحلول عام 2023 ستحتاج البلد إلى إضافة 279 ألف مركز رعاية نهاية، إذ انضم عدد أكبر من السيدات إلى العمل.
وأظهرت بيانات OECD أن اليابان تنفق نسبة منخفضة من الناتج المحلي الإجمالي على رعاية الأطفال مقارنة بمعظم الدول المتقدمة الأخرى.
ومن الطرق التي يعتقد النشطاء أن الحكومة يمكنها المساعدة به لوضع حد لهذه الأزمة استثمار الأموال في النظام الخاص، وتسهيل التقييدات المفروضة على المباني من أجل إنشاء مراكز رعاية نهارية أو زيادة الدعم.
ومن جانبها، تحاول الحكومة اليابانية تشجيع الشركات على تقليل ساعات العمل وتوفير خيارات عمل مرنة للأمهات مثل العمل من المنزل.
aXA6IDMuMTQ1LjE3Ni4yMjgg
جزيرة ام اند امز