خريف الدولة العجوز.. اقتصاد اليابان خارج الثلاثة الكبار وألمانيا ترث مركزها
الهند «الشابة» تستعد لاقتناص المركز منهما معا
تفوقت ألمانيا على اليابان لتصبح ثالث أكبر اقتصاد في العالم، بينما تستعد الهند لاقتناص اللقب منهما معا خلال أعوام قليلة.
وكشفت البيانات الصادرة اليوم الخميس، انزلاق طوكيو بشكل غير متوقع إلى الركود في نهاية العام الماضي، حيث تعاني البلاد من ضعف الين وشيخوخة السكان وتقلصهم.
وأثارت ضربة الركود الشكوك حول متى سيبدأ البنك المركزي في التخلي عن السياسة النقدية فائقة التيسير المستمرة منذ عقد.
- بيتكوين تقفز 5% وتكسر حاجز 52 ألف دولار.. استعادة عرش «التريليون»
- آيفون 16 برو ماكس يحتضن أقوى بطارية في تاريخ هواتف أبل
ويحذر بعض المحللين من انكماش آخر في الربع الحالي مع ضعف الطلب في الصين وتباطؤ الاستهلاك وتوقف الإنتاج في وحدة تابعة لشركة تويوتا موتور. ويشير كل هذا إلى مسار مليء بالتحديات نحو التعافي الاقتصادي وصنع السياسات.
ألمانيا ثالث العالم
ونما الاقتصاد الياباني، الذي أصبح الآن رابع أكبر اقتصاد في العالم، بنسبة 1.9٪ في عام 2023 بالقيمة الاسمية - مما يعني أنه غير معدل للتضخم - ولكن من حيث القيمة الدولارية، بلغ الناتج المحلي الإجمالي 4.2 تريليون دولار مقارنة بـ 4.5 تريليون دولار لألمانيا، وفقة لصحيفة "الغارديان" البريطانية.
ويعزى هذا التحول، الذي جاء بعد أكثر من عقد من فقد اليابان للمركز الثاني عالميا لصالح الصين، إلى الانخفاضات الحادة التي سجلها الين مقابل الدولار على مدى العامين الماضيين.
ويؤدي ضعف الين إلى تآكل أرباح الصادرات عند إعادة الأرباح إلى الوطن. وانخفضت العملة اليابانية بنحو الخمس مقابل الدولار الأمريكي في عامي 2022 و2023، بما في ذلك انخفاض بنسبة 7% العام الماضي.
وجاءت ألمانيا في المركز الثالث، رغم أنها مثل اليابان، تعاني من فقرة الموارد، والشيخوخة السكانية، والاعتماد بشكل كبير على الصادرات.
وكانت ألمانيا - أكبر اقتصاد في أوروبا - قد تضررت من ارتفاع أسعار الطاقة بسبب الحرب الروسية في أوكرانيا، وارتفاع أسعار الفائدة في منطقة اليورو، والنقص المزمن في العمالة الماهرة.
نقص العمالة
وفي حين استفادت شركات صناعة السيارات اليابانية وغيرها من المصدرين من ضعف الين ــ وهو ما يجعل سلعها أرخص في السوق الدولية ــ فإن أزمة العمالة في البلاد أسوأ من نظيرتها في ألمانيا، وهي تناضل من أجل معالجة انخفاض معدل المواليد.
وقد يؤدي فشل المحاولات التي تقودها الحكومة اليابانية لزيادة معدل المواليد، إلى تفاقم النقص المزمن في العمالة، حتى مع ترحيب البلاد بعدد قياسي من العمال الأجانب.
اقتصاد يفتقر إلى الزخم
وقال يوشيكي شينكي كبير الاقتصاديين التنفيذيين في معهد داي-إيتشي للأبحاث "الأمر اللافت للنظر بشكل خاص هو التباطؤ في الاستهلاك والإنفاق الرأسمالي وهما من الركائز الأساسية للطلب المحلي".
وأضاف "سيظل الاقتصاد يفتقر إلى الزخم في الوقت الحالي مع عدم وجود محركات رئيسية للنمو".
وأظهرت بيانات حكومية اليوم الخميس انخفاض الناتج المحلي الإجمالي لليابان 0.4 بالمئة على أساس سنوي في الربع من أكتوبر/ تشرين الأول إلى ديسمبر كانون الأول بعد انخفاض 3.3 بالمئة في الربع السابق، مما خالف توقعات السوق بزيادة 1.4 بالمئة.
- القمة العالمية للحكومات.. رئيس وزراء الهند يلهم الحضور بقصة 50 مليون فقير
- مصر وتركيا على طريق إنعاش المصالح الاقتصادية مجددا
وعادة ما يعد الانكماش لربعين متتاليين بمثابة تعريف للركود الفني.
وشدد وزير الاقتصاد يوشيتاكا شيندو على ضرورة تحقيق نمو قوي في الأجور لدعم الاستهلاك الذي وصفه بأنه "يفتقر إلى الزخم" بسبب ارتفاع الأسعار.
ارتفاع تكاليف المعيشة
وانخفض الاستهلاك الخاص، الذي يشكل أكثر من نصف النشاط الاقتصادي، 0.2 بالمئة مقابل توقعات السوق بزيادة 0.1 بالمئة إذ أدى ارتفاع تكاليف المعيشة والطقس الدافئ إلى عزوف الأسر عن تناول الطعام بالخارج وشراء الملابس الشتوية.
وانخفض الإنفاق الرأسمالي، وهو محرك رئيسي آخر لنمو القطاع الخاص، بنسبة 0.1 بالمئة مقارنة مع توقعات بزيادة 0.3 بالمئة.
وانكمش الاستهلاك والإنفاق الرأسمالي للربع الثالث على التوالي.
طوكيو تودع حلم الاقتصاد الأقوى
وخلال سنوات الازدهار في السبعينيات والثمانينيات، توقع البعض أن صادرات اليابان الرخيصة وعالية الجودة من السيارات والإلكترونيات الاستهلاكية ستجعلها تتفوق على الولايات المتحدة لتصبح أكبر اقتصاد في العالم.
وبدلاً من ذلك، جاء انفجار "الفقاعة المتضخمة بالأصول" في اليابان في أوائل تسعينيات القرن العشرين بمثابة الإعلان عن عدة "عقود ضائعة" من الركود الاقتصادي والانكماش.
وقال تيتسوغي أوكازاكي، أستاذ الاقتصاد في جامعة طوكيو، إن أحدث البيانات تعكس حقائق اليابان الأضعف، والتي يمكن أن تتوقع أن يكون لها حضور أقل في الاقتصاد العالمي.
وتابع: "قبل عدة سنوات، كانت اليابان تتباهى بوجود قطاع سيارات قوي، على سبيل المثال. ولكن مع ظهور السيارات الكهربائية، حتى هذه الميزة اهتزت”.
وفي عام 2010، كانت المكانة التي اكتسبتها الصين حديثاً باعتبارها ثاني أكبر اقتصاد في العالم سبباً في دفع اليابان إلى جولة من البحث عن الذات بشأن قدرتها على مواكبة الاقتصادات الناشئة.
ورغم أن تراجع اليابان إلى المركز الرابع كان راجعاً إلى التحركات الدراماتيكية للعملة، فإن خسارة المركز الثالث لصالح الاقتصاد الألماني المضطرب من شأنه أن يوجه ضربة قوية لثقتها بنفسها ولرئيس الوزراء فوميو كيشيدا الذي لا يحظى بشعبية كبيرة بالفعل.
الهند تستعد لقنص اللقب
ومن غير المرجح أن تنتهي تراجعات اليابان عند هذا الحد، إذ من المتوقع أن يتفوق اقتصاد الهند، المدعوم بعدد كبير ومتزايد من السكان الشباب، على اليابان في عام 2026 وألمانيا في العام التالي، وفقا لصندوق النقد الدولي.
وقالت صحيفة نيكي التجارية في افتتاحية حديثة إن اليابان "فشلت في زيادة إمكاناتها للنمو ــ وهو المأزق الذي أرجعه خبراء الاقتصاد إلى أزمتها الديموغرافية".
وقالت نيكي: "يجب أن يُنظر إلى هذا الوضع باعتباره دعوة للاستيقاظ لتسريع الإصلاحات الاقتصادية المهملة".