الرعاية الصحية باليابان في قبضة "الروبوتات"
اليابان عثرت على حل نقص العمالة من خلال الإنسان الآلي "الروبوت".
في أمريكا ومجتمعات أخرى حول العالم، أصبح من الشائع أن يتولى رعاية كبار السن أبناؤهم الذين تقدموا فى العمر أو عاملون أكبر سنا، ويرجع ذلك بصورة كبيرة إلى أن القوة العاملة الشابة آخذة في الانكماش، وقليلون فقط هم من يريدون القيام بمثل هذا العمل ذي الأجر المنخفض والذي يسبب آلاما في الظهر.
ولكن اليابان عثرت على الحل من خلال الإنسان الآلي (الروبوت).
في دار مينامي تسوكوبا للرعاية بالقرب من طوكيو، ترتدي اسامي كونيشي جهاز روبوت على منطقة الفخذين يخفف من الضغط على ظهرها عندما تنحني وترفع شخصا ما.
وقالت كونيشي 34 عاما "إنه يساعد حقا عندما أقوم برفع مريض ذكر أكبر وزنا".
الجهاز القطني والملابس الأخرى الآلية التي تصنعها شركة سايبر داين ، تساعد مرتديها في بناء القوة واستعادة القابلية على الحركة، مثل الوقوف والسير، وتعمل أجهزة الشركة من خلال قراءة الإشارات الكهروبيولوجية من المخ إلى العضلات، ثم تقليد ودعم الحركة المراد القيام بها .
وتقوم شركات يابانية أخرى أكبر وأكثر شهرة بتطوير روبوتات من أجل كبار السن والضعفاء، وتقوم شركة باناسونيك بتصنيع سرير آلي يتحول لكرسي متحرك، ويعتبر الإنسان الآلي الذي تصنعه شركة سوني والحيوانات الآلية الأخرى بمثابة علاج للوحدة والخرف.
ويقول كينشين نوجوشي، مدير التسويق بدار مينامي للرعاية في إشارة إلى روبوت باري، وهو اسم لروبوت حيوان صغير عليه فرو صممته شركة "انتليجنت سيسمتز ريسيرش" اليابانية: "مجرد النظر إليه يجعل المواطنين يبتسمون، يقومون بتمرين عضلات وجوههم".
وتبلغ تكلفة بارو نحو 3700 دولار، ويتفاعل مع اللمس والصوت و الضوء، وتتحرك رأس وساق بارو لدى لمس شعره.
وتتضمن عملية التسجيل في دار شينتومي في طوكيو الغناء بجانب الروبوت بيبر، وهو روبوت مشابه للبشر لديه عينان واسعتان ويبلغ طوله أربعة أقدام، وقد باعت شركة سوفت بانك للاتصالات والتمويل نحو 16 ألف روبوت منها، معظمها لتجارة تجزئة وبنوك في اليابان.
ويتفاعل روبوت بيبر مع العملاء ويجيب على الأسئلة الشائعة مثل " أين دورة المياه؟"، ويشار إلى أن هناك بضعة مئات من الروبوت بيبر تعمل في الولايات المتحدة الأمريكية.
ويرجع تقدم اليابان في الاستعانة بالروبوتات في قطاع الرعاية الصحية إلى مشكلتها الديموغرافية، إذ إن أكثر من معظم تعداد سكان البلاد يتناقص ويزداد تقدما في العمر بسرعة.
ويبلغ بالفعل أكثر من ربع تعداد سكان اليابان 65 عاما أو أكثر، مقارنة بـ 16% في الولايات المتحدة الأمريكية، وبحلول عام 2050، من المتوقع ارتفاع هذه النسبة لنحو 40% في اليابان، الآن، كبار السن هم الذين يرعون كبار السن.
وتلعب الثقافة دورا في تقبل اليابان للروبوتات، فقد نشأ الكثير من اليابانيين في ظل وجود الانسان الآلي استرو بوي، الطفل الآلي الذي لديه رؤية بأشعة أكس ويتمتع بالقدرة على الطيران، الذي تم ابتكاره في الخمسينيات و ظهر في عدد من الروايات الكوميدية وعلى شاشة التلفزيون.
ويقول كولين سيباستيان، مدير قسم الهندسة بشركة سوفت بنك للروبوتات: "الإنسان الآلي جزء من حياتهم. فهم يقدرون هذا النوع من التكنولوجيا والابتكار".
وعلى مستوى آخر، يخشى المواطنون من أن الروبوتات ستكون قاتلة للوظائف، وعندما التقى سباستيان بزميل له بالشركة، تركزت عدة أسئلة حول مدى تأثير تقدم الروبوتات على الوظائف الأمريكية الحالية.
يشار إلى أنه يتم استخدام الروبوتات الصناعية في المصانع الأمريكية، مثل الأذرع الاصطناعية التي تستخدم من أجل لحام أجزاء السيارات في مصانع التجميع.
ومن المؤكد أن الاستعانة بالروبوتات أدت للقضاء على الكثير من الأعمال الروتينية، ولكن روبرت اتكينسون، رئيس مؤسسة تكنولوجيا المعلومات والابتكار، وهى هيئة بحثية مقرها واشنطن، قال إن الإحصاءات الإنتاجية على مدار العقد الماضي أشارت إلى أن الاستعانة بالروبوت لم تكن بالأمر السيئ في قطاع الصناعة.
وأضاف أن الاستعانة بالروبوت بدلا من العنصر البشري ربما لم تكن بالأمر السيئ عندما يكون عدد العاملين غير كاف للقيام بمهام معينة، مثل قطف الفراولة أو الاعتناء بكبار السن.
وعلى الرغم من أن الولايات المتحدة الأمريكية لا تتقدم في السن بنفس سرعة اليابان، يزيد عدد الأمريكيين الذين يبلغون من العمر 65 عاما أو أكثر عن 52 مليون شخص، ومن المتوقع أن يتضاعف هذا العدد بحلول عام 2060، عندما يمثل كبار السن نحو واحد من بين كل أربعة أمريكيين.
وفي نفس الوقت، سوف تواجه الولايات المتحدة مثل ألمانيا وكوريا الجنوبية والدول المتقدمة الأخرى، مشكلة تناقص عدد العاملين في منتصف العمر على مدار العقد المقبل، ومن بينهم الشباب الذين يمكنهم القيام بالمطالب البدنية المتعلقة برعاية كبار السن.
ومن المتوقع أن تزداد الوظائف في منشآت الرعاية في أمريكا بنحو 40% على مدار العقد المقبل، بوتيرة أسرع من المتوسط، ولكن من المرجح أن يتفاقم نقص العمالة، ويرجع ذلك إلى انخفاض الأجور .
وتعد الأجور وحجم العمل من المشاكل في قطاع رعاية كبار السن في اليابان أيضا.
ويرصد المدير التنفيذي لشركة سيبرديني سانكاي تزايد الطلبات على منتجاته، على سبيل المثال، يمكن أن يساعد جهاز الشركة الذي يتم تركيبه في أسفل الظهر في تخفيف خطورة الإصابة في الظهر بالنسبة للعمال الذين يقومون بحمل الحقائب في المطارات، والذين يعملون في الحقول، حسبما قال سانكاي، ويشار إلى أن متوسط عمر المزارع الياباني 69 عاما.
ويحمل ساناكي 61 عاما شهادة دكتوراه في الهندسة من جامعة تسوكوبا، وقد أدى الطرح الأولي للشركة عام 2014 لجعله ينضم لقائمة مجلة فوربس للأثرياء في اليابان.
ولم تحقق الشركة أرباحا بعد، ولكن بعض منتجاتها حصلت على موافقة تنظيمية في اليابان والاتحاد الأوروبي والولايات المتحدة من أجل استخدامها في علاج بعض الحالات الطبية، مثل السكتات الدماغية وإصابات الحبل الشوكي.
وينسب يوشياكي كاواساكي 70 عاما فضل عودة زوجته 68 عاما للسير مجددا بعد إصابتها بنزيف في المخ جعلها قعيدة إلى جهاز الطرف الصناعي الذى تنتجه الشركة، ويقول إنها خضعت لعلاجات لمدة 90 دقيقة مرة أو مرتين أسبوعيا، وبعد شهرين، تمكنت من السير بصورة طبيعية.
وأضاف أثناء تواجده في استوديو اختبارات تابع للشركة بمركز تجاري في تسوكوبا، حيث تطوع كوسيلة للإعراب عن امتنانه للشركة أن زوجته "يمكنها أن تجري أيضا" .
ويشار إلى أن المستشفيات ومراكز التأهيل في إيطاليا وماليزيا والفلبين ودول أخرى تستخدم منتجات شركة سايبر داين، وتقوم دول أخرى مثل المملكة العربية السعودية بتجارب سريرية باستخدام الروبوتات.