"جاسندريلا" و"تاتشر".. صراع ناعم على زعامة نيوزيلندا
الناخبون سيختارون خلال الاقتراع المقرر في 17 أكتوبر الجاري من منهما ستفوز بالثقة لتشكيل الحكومة الجديدة
في الوقت الذي تتجه فيه أنظار العالم إلى الولايات المتحدة الأمريكية لمتابعة المنافسة المحتدمة بين رجلين يتسابقان من أجل اقتطاع تذكرة نحو البيت الأبيض، يدور صراع ناعم بين امرأتين في جنوب غرب المحيط الهادي.
جولة مناظرات مختلفة تماما تجري في نيوزيلندا، تقف على نقيض الصخب والدراما المتفجرين بالولايات المتحدة، وتقدم للعالم نسخة نادرة من سباقات الزعامة.
ففي تلك الدولة الجزرية الصغيرة، تتنافس رئيسة حزب العمال، رئيسة الحكومة الحالية جاسيندا أرديرن (40 عاما)، مع زعيمة الحزب الوطني المعارض، والمحامية والوزيرة السابقة جوديث كولنز (61 عاما)، على رئاسة الوزراء.
وسيختار الناخبون خلال الاقتراع المقرر في 17 أكتوبر/تشرين الأول الجاري من منهما ستفوز بالثقة لتشكيل الحكومة الجديدة.
جاسيندا "المنقذة"
يعتبرها كثيرون في نيوزيلندا مخلصة الأمة من وباء فيروس كورونا، وذلك بعد اتخاذها العديد من الإجراءات الصارمة لإغلاق البلاد، بل تحولت هذه السياسية إلى ظاهرة أطلق عليها اسم جاسيندامانيا، أي ظاهرة الهوس بجاسيندا.
في رصيدها العديد من الانتصارات والإنجازات، أبرزها انتصارها في الحرب على الوباء المروع، رغم الأزمة الاقتصادية الناجمة عن الإجراءات الاحترازية المتخذة لاحتواء الفيروس، والتي تسببت بأسوأ ركود اقتصادي بالبلاد منذ 1987.
تركة ثقيلة للحكومة الحالية، يرى خبراء أنه سيضع رئيسة الوزراء المقبلة أمام تحد جسيم يتمثل في تحقيق التعافي الاقتصادي.
وصفها مقال نشرته مجلة "إيكونومست" بـ"جاسندريلا"، وذلك بسبب القرارات المهمة التي اتخذتها طوال حكمها، وجعلتها تنتقل من مسار إلى آخر بشكل مفاجئ، لكنه مثمر عموما.
تحظى جاسيندا بحظوظ وافرة للفوز، رغم أنها خسرت، حتى وقت قريب، الكثير من شعبيتها حيث يعتبر البعض أنها أخلفت وعودها الانتخابية، خصوصا تلك المتعلقة بالإسكان.
لكن انتصارها على كورونا أعاد إليها بريقها المألوف، وسط توقعات بأن تشكل حكومة ائتلاف مع حزب الخضر.
وبوصولها إلى السلطة قبل 3 سنوات، قطعت جاسيندا وعودا بتأمين مساكن بأثمان مقبولة، وتقديم مساعدات مادية لأسر الأطفال الفقيرة ليتمكنوا من دفع الإيجار ورعاية الصغار، وغيرها من الإجراءات الاجتماعية الأخرى التي لم تتجسد.
لكن استجابتها الحاسمة لأزمتين كبريين لعبت دورا هاما في قلب أولويات عملها، وجعلتها واحدة من أكثر زعماء نيوزيلندا شعبية على مدار عقود.
وسطع نجمها إبان الهجوم الذي استهدف مسجدين في مدينة كرايست تشيرتش، في مارس/آذار 2019، ثم خلال أزمة وباء كورونا هذا العام، ما وضعها على لائحة أكثر زعماء العالم قبولا من طرف شعوبهم.
الدبلوماسي النيوزيلندي وارن سيريل، يعتبر أن جاسيندا نجحت بإثبات مهاراتها القيادية حتى قبل هذين الحدثين الكبيرين.
وأوضح، في تصريحات إعلامية، أن "تشكيل حكومة ائتلافية كان أمرا غير معتاد، حيث ضم الائتلاف أحزابا بسياسيات وأيديولوجيات مختلفة، ومع ذلك، أثبتت حكمتها ونجحت باكتساب الثقة عندما جعلت الحكومة تعمل بطريقة متماسكة رغم الاختلافات".
"تاتشر نيوزيلندا"
أما منافستها جوديث كولنز، فتقول إنها معجبة بأسلوب رئيسة وزراء بريطانيا الشهيرة مارجريت تاتشر، وتسير على خطاها.
وكتبت كولنز في سيرتها الذاتية تقول: "بالنسبة للمنتمين لحزب المحافظين، مثلي، فإننا نرى أن تاتشر كانت المسؤولة أكثر من أي شخص آخر عن إعادة بريطانيا لتقف على قدميها بعد عقود من التراجع الاقتصادي".
سياسية معروفة في بلادها، تترأس الحزب الوطني المعارض، يلقبها البعض بـ"الساحقة" بعد دعمها لتشريع سحق سيارات يقودها مراهقون بشكل طائش، ثم بقي هذا اللقب الساخر ملاصقا لها.
شخصيّة لامعة ومفعمة بالحياة كما يراها بعض الإعلاميين، وتتمتع بمصداقية ومقدرة وذكاء، وهي أيضا متحدثة جيدة، وصريحة في التعبير عن آرائها، ولديها رصيد خبرات هام في العمل الحكومي باعتبار المناصب الوزارية التي تقلدتها.
مسيرة حافلة ومهارات قيادية تميز شخصية كولنز، ومع ذلك لا يعتقد أنه ستكون لديها فرصة للتغلب على جاسيندا، وفق متابعين.
aXA6IDMuMTUuMjM5LjE0NSA=
جزيرة ام اند امز