جوخة الحارثي: الأدب العربي يفتقد آليات الوصول إلى القارئ الغربي
معرض الشارقة الدولي للكتاب يستضيف الروائية العمانية جوخة الحارثي الفائزة بجائزة "مان بوكر" العالمية.
"دراما محلية تدور في عالم ساحر"، هكذا وصفت الصحافة العالمية رواية "سيدات القمر"، التي نجحت هذا العام في اقتناص جائزة "مان بوكر" العالمية، لتكون كاتبتها العمانية جوخة الحارثي أول عربية تحقق هذا الإنجاز.
جوخة الحارثي تربت في بيت أدبي، يعشق القراءة والشعر، فجدها وخالها كانا شاعرين معروفين على الساحة العمانية، ووالدتها كانت أفضل من يحفظ الشعر ويردده في أروقة البيت الذي كان يتميز بضخامة مكتبته التي خلت من كتب الأطفال.
كل هذا أجبر خوجة على استباق سنوات عمرها بقراءة كتب قد تكون أحياناً عصية على الصغار، وهو ما دربها على ترويض اللغة التي عشقتها بكل جمالها ورشاقتها، واختارتها لأن تكون طريقاً أوصلها إلى الجوائز مرات عديدة.
في "سيدات القمر" التي صدرت لأول مرة عام 2017، تحكي "خوجة" قصة 3 شقيقات يواجهن التغييرات التي تحدث في المجتمع العماني، ويرصدن كيف تتعامل عائلاتهن مع هذه التغييرات، لتقدم الكاتبة من خلال عملها الأدبي نظرة ثاقبة خيالية وغنية وشاعرية، تكشف خبايا المجتمع في سلطنة عمان، عبر حقبة زمنية طويلة نوعاً ما، تبدأ من فترة ما قبل الأربعينيات وحتى اليوم.
وعن ذلك قالت جوخة الحارثي، خلال حديثها بمعرض الشارقة الدولي للكتاب، في دورته الـ38، بمركز إكسبو الشارقة: "في هذا العمل كنت أفكر طوال الوقت في الكيفية التي يؤثر فيها التغيير الذي نشهده حالياً في عمان والخليج والعالم أيضاً علينا كبشر".
وأضافت: "كيف يمكن لنا أن نتكيف مع هذا التغيير، ونحن الذين لا نكاد نتمكن من التنفس تحت ظله، لكثرة الابتكارات والاختراعات والقفزات التكنولوجية التي أثرت في المجتمع كثيراً".
وواصلت الحارثي: "أحاول من خلال ذلك أن أعقد مقارنة مع الأجيال السابقة التي عاشت بنفس الطريقة لقرون طوال، وكانت استجابتها للتغيرات بسيطة، بالإضافة إلى ذلك حاولت أن أبين كيف للقيم التي نعتبرها ثابتة وعصية أن تستجيب لهذه التغيرات، بعد أن أصابت التقاليد التي تؤثر بدورها على القيم".
وأوضحت الكاتبة العمانية: "أنا معنية ككاتبه بملاحقة حركة الإنسان، سواء داخل إطاره الذاتي أو حركته داخل المجتمع، وأن أتعرف على طبيعة التعقيدات التي تعيش فيها العلاقات البشرية، وهو أمر أعتقد أنه يدعونا للتأمل".
مؤشر
لم تكن "سيدات القمر" الرواية العربية الأولى التي تترجم إلى الإنجليزية، فقد سبقتها إلى ذلك روايات وأعمال كثيرة، ولكنها كانت الرواية العربية الأولى التي تفوز بجائزة "مان بوكر" العالمية، ليتحول ذلك إلى مؤشر حول تقبل القارئ الأجنبي للرواية العربية ومدى إمكانية اندماجه معها.
وفي هذا الإطار أكدت "خوجة" أن هذه "هي وظيفة الأدب"، وقالت لـ"العين الإخبارية": "نحن نكتب عما نعرفه، والقارئ في أي مكان في العالم يتعامل مع النص وفق حصيلته المعرفية، ومهما كانت خصوصية العالم الذي يعبر عنه ماركيز أو نجيب محفوظ وغيرهما".
وأضافت: "ففي النهاية يظل القارئ أينما وجد في العالم، يلمس نفسه في النص الذي يقرأه، مهما اختلفت المجتمعات والعادات وحتى العمارة المحيطة به"، مشيرة إلى أن تلقي العالم الغربي لروايتها "سيدات القمر" كان إيجابياً، قائلة: "صدرت مراجعات كثيرة في الصحف العالمية، وجميعها كانت إيجابية جداً".
وكشفت عن أن روايتها التي صدرت منها طبعات خاصة لأمريكا والهند وأستراليا وكندا دخلت قائمة الأكثر مبيعاً في هذه البلدان.
أبواب جديدة
وأكدت "خوجة" أن ترجمة روايتها "سيدات القمر" فتح أمامها أبواباً جديدة، مضيفة: "أعتقد أن ترجمة الرواية إلى الإنجليزية قد فتح آفاقاً جديدة أمام الرواية، ولكن لا يمكن القول إنه السبب الوحيد الذي قادها إلى الفوز، لأن لجنة التحكيم في النهاية لديها معايير خاصة تلجأ إليها للحكم على العمل الأدبي، ومدى قوته وتأثيره، إلى جانب الفكرة التي يناقشها".
وتطرقت في حديثها إلى سبب عدم انتشار الأدب العماني على الساحة، قائلة: "إن الكاتب ليس السبب في هذه الإشكالية".
وقالت "خوجة": "أعتقد أن الإشكالية لا تكمن في الأدب نفسه، ولدينا في سلطنة عمان أسماء بارزة عديدة لها وزنها على الساحة، ولكن الإشكالية تكمن في عملية التسويق والنشر واتباع الطريق الصحيح لإيصال مثل هذه الأعمال إلى القارئ الغربي".
وأكدت: "يجب أن يكون هناك تسويق للمنتج الأدبي العربي في السوق الغربية، حيث يمكننا ذلك من الوصول إلى المجتمعات الغربية الأخرى، لتتعرف على عاداتنا وثقاقتنا وتقاليدنا".
تعريف للصداقة والحياة
تملك جوخة الحارثي مجموعتين من الروايات القصيرة، و3 قصص للأطفال، و3 روايات بالعربية، من بينها "نارنجة"، التي تتوغل فيها داخل التاريخ والمجتمع العماني والعلاقات الإنسانية أيضاً.
وتحدثت عنها "جوخة" قائلة: "صدرت رواية (نارنجة) قبل 3 سنوات، وركزت فيها على امرأة من الجيل القديم، تعودت على زراعة شجر الناريج، وأيضاً على طالبة صغيرة السن، يتم ابتعاثها للدراسة في لندن".
وتابعت: "حاولت أن أرصد من خلالهما طبيعة العلاقات الإنسانية، وأن أقدم تعريفاً للصداقة والحياة، ونظرة كل واحدة منهما إليها، وأن أوضح عدم صحة الصورة النمطية الموجودة في رؤوسنا عن نساء الجيل القديم، بأنهن كن مستضعفات، ومحكومات للسلطة الذكورية، في حين أن الواقع كان مختلفاً، حيث قدمن صوراً جميلة للمرأة القوية والمعتزة بنفسها".
aXA6IDE4LjIyNC41Ni4xMjcg جزيرة ام اند امز