مدن جيني هول الدفينة.. حكايا بومبي وأوليمبيا ومايسني الحزينة

مدن جيني هول الدفينة تحكي قصصا حزينة لحيوات حضارات ومدن ولدت وازدهرت لكن كتب لها أن تدفن.
مدن جيني هول الدفينة تحكي قصصًا حزينة لحيوات حضارات ومدن ولدت وازدهرت لكن كتب لها أن تدفن، 3 مدن لكل منها حكاياها وآلامها، بومبي الإيطاليا وأوليمبيا ومايسني اليونانيتين العريقتين.
عن هذه المدن كتبت هول "مدن دفينة" - Buried Cities الصادر عام 2004 ووثقت بالصور حال المدن وتاريخها وآثارها وحاضرها.
الكتاب الصادر أخيرًا عن "سلسلة كتاب الهلال" الشهرية بترجمة للحسين الخضيري، يعود إلى عام 1979 عند اكتشاف مدينة بومباي أو بومبي التي بُنيت قبل أكثر من ألفي عام.
ويقول الخضيري في مقدمة الكتاب، إنه في عام 1879، كان فلاح إيطالي يحفر قناة للري في حقله، فاكتشف شارعًا في مدينة، هي مدينة بومباي أو بومبي Pompeii، التي بُنيت قبل أكثر من ألفي عام، وتبعد عن روما مسافة ساعتين بالقطار، وكانت المدينة على حالها مدفونة وقد تحجرت جثث سكانها، وبقيت على حالها وقت الكارثة، وظلت حبيسة النسيان والرماد والحمم البركانية المتجمدة طيلة قرون.
ويروي الكتاب أن البداية في ضحى يوم 24 أغسطس 79، وقد أعد أهل بومبي للاحتفاء بإله النار، حين تصاعدت السحب الدخانية كشجرة صنوبر وحجبت الشمس عن المدينة وأحالت نهارها إلى ليل دامس.
وأُمطرت المدينة مطرًا أسود فسمع السكان ضجة عظيمة وانفلقت الصخور، وانطلق اللهب والدخان نحو السماء، ثم انصب هذا كله على رؤوس السكان، قليلون من أدركوا النجاة إذ فروا إلى الميناء، وآخرون لاذوا بالبيوت، وآخرون سحقتهم الصخور، وإن هي إلا لحظات وانصبت عليهم الحمم البركانية صبًّا ووارت المدينة تحتها وغطتها مسافة 3 أمتار! تم اكتشاف المدينة بعد حوالي 1600 عام، فعثر على السكان وقد اختنقوا وما مستهم الحمم البركانية، حيث تحجرت جثثهم تحت الرماد، حتى إنه تم العثور على عائلة كاملة وهى تقوم بأمور حياتها العادية وقد ماتوا على حالهم متأثرين بالهواء الكبريتي السام، حتى أوانيهم وحيواناتهم ظلت كما هي!
صاحبة "4 رجال إغريق"، و"رجال من اليونان القديمة"، و"قصة شيكاجو"، و"مقدمة في التاريخ الأمريكي"، وغيرها، تقول في "مدن دفينة": لنا أن نتصور كيف سقطت الأقداح من يدي الرجال مُحدثة دويًّا حينما أرعد بركان فيزوفيوس .. وجد المكتشفون في متجر واحد قدحًا مكسورًا على نافذة الخزينة، وقد لطّخ رخامَ المتجر، ولكن تظل المخابز هي أكثر المُحال تشويقًا! فلقد وُجد عشرون منها في بومبي، ولسوف ترى الأفران في الفناء، إنها خلايا نحل كبيرة، بُنيت من الحجر أو الطوب.
أشعل الخباز النار في الداخل وترك الجدران تلتهب، ثم جرف الفحم إلى الخارج ونظّف الأرضية وأدخل خبزه، قامت الجدران بإنضاج أرغفة الخبز، وعثر المكتشفون في أحد الأفران على رغيف محترق منذ ما يقرب من ثمانمائة عام! فهل انتزع الخباز بقية حمولة الفرن من الأرغفة ليطعم أسرته الجائعة، بينما راحوا يلتمسون الأمان في الظلمة الدامسة، حين رجّ الزلزال بيته؟
لسوف ترى المطاحن في مخابز عدة أيضًا، يتحرك الحجر العلوي الثقيل مستديرًا فوق الحجر السفلي، وفي الأعلى رجل يصب القمح؛ فيسقط مطحونًا ما بين الحجرين، ثم يُطرح خارجًا للأسفل وقد تحول إلى دقيق، ورُبط حصان أو حمار إلى الطاحون ليجعلها تدور وتدور ويظل على حالته تلك طيلة النهار.
وقد عُصبت عيناه كي لا يصيبه الدوار، سوف ترى الممر الذي صنعته سنوات من وطء الخطى التي مرت على الأرضية الحجرية في أحد المخابز، لا بد وأن هذا الفناء الخالي قد شهد مكانًا شيقًا ذات يوم!
يذكر أن للمترجم الحسين خضيري عدة دواوين شعرية منها "أغنية لغدٍ بعيد"، و"تراتيل المريد"، و"مدن الغيم شعر"، وترجم أعمالًا إبداعية ونقدية وتاريخية منها "رحلة السندباد الثامنة"، و"فرسان الفن .. قصص حياة الرسامين الإيطاليين"، و"الزهرة الأخيرة .. قصص من الأدب العالمي"، و"فتيات صنعن تاريخًا"، و"دافنشي .. دراسة تحليلية لذكريات طفل" تأليف سيجموند لفرويد، و"مريم العذراء في الفن"، و"المسيح في الشعر العالمي"، و"قصة أيام أورشليم الأخيرة"، و"رسائل من الحرب العالمية الأولى" وصدر قبل عامين في سلسلة كتاب الهلال.