"حرب النجوم" يُفتتح اليوم.. الأرقام تتجاور والعمق الثقافي في قراءة "صراع حضارات"

يُفتتح الجزء السابع من "حرب النجوم" بعرض دولي في "لوس أنجلوس" اليوم، وينطلق 16 ديسمبر في أبوظبي ودول غربية.
أيًّا كان مضمون الحبكة الدرامية الخاصّة بالحلقة الجديدة من السلسلة السينمائية "حرب النجوم"، فإن الأرقام المتعلّقة بالإيرادات المتوقّعة تثير الدهشة أمام قدرة عمل سينمائي واحد على تحقيق أرباحٍ ضخمة كهذه.
دهشة تُشبه إيرادات أخرى تُحقّقها أفلام تُشبه "نهوض القوّة" (2015) لجي. جي. أبرامز، بمستويات مختلفة: الخيال العلمي؛ المتخيّل السينمائيّ القادر على تحويل الغرائبية في الرسوم والأشكال والتفاصيل إلى عوالم تجذب وتؤثّر وتحرّض على تواصل دائم معها؛ التقنيات الأحدث؛ الرسائل الإنسانية والأيديولوجية والفكرية والثقافية والسياسية المنضوية كلّها في إطار حكاية عادية، والمروية على ألسنة شخصيات مختلفة في أزمنة مستقبلية؛ إلخ.
الجزء السابع من السلسلة السينمائية الأشهر في التاريخ المعاصر للسينما الذي ينطلق تحت عنوان "حرب النجوم، الحلقة السابعة: نهوض القوّة"، يُفتتح اليوم بعرض دولي افتتاحي أول في لوس أنجلوس، وبدءًا من الخميس 16 ديسمبر 2015، تشهد إمارة أبوظبي في الإمارات العربية ومدنٌ أوروبية وغربية بداية الرحلة الجديدة لفرسان "جداي" وأصحاب "القوّة" وأمراء الحرب والفضاء المفتوح على ألف حكاية وحكاية، تنضوي كلّها في إطار واحد، واضح ومحدَّد بالتعريف التالي: بعد ثلاثين عامًا على معركة "إندور" (بين أرضيين وفضائيين، تجري وقائعها في "حرب النجوم، الحلقة 6: عودة جداي"، الذي يُنجزه ريتشارد ماركاند في العام 1983)، لن تبقى المجرّة محمّية كثيرًا من أعمال الاستبداد والاضطهاد. هذا يؤدّي إلى نشوب معارك جديدة بين من يُصبح "مُقاومًا" ومن يحمل راية "الجماعة الأولى". تظهر شخصية مقاتل غامض يُدعى "كيلو رن"، يُطارد أنصار "الجماعة الأولى" حاملًا في ذاته ملامح من شخصية "دارك فيدور".
لن يكون سهلًا على كلّ كتابة نقدية (لاحقة) أن تتغاضى عن لعبة الأرقام. فإذا كانت السينما، في جزءٍ منها على الأقل، مبنية على فعل درامي ـ جمالي ـ فني ـ ثقافي، إلاّ أن الشقّ الصناعي ـ التجاري ـ الاقتصادي يحافظ على هيبته وحضوره، خصوصًا بالنسبة إلى أفلام ذات إنتاجات ضخمة، أو تلك التي لها مكانة أساسية في المشهد العام. وإذا كانت الأرقام مهمّة، فإن ما نُشر عنها في مواقع إلكترونية متخصّصة بالفن السابع أو بشؤون المال والاقتصاد يؤكّد أن لـ"نهوض القوّة" أرباحًا تسبق بدء عروضه، وتبلغ مرتبة رفيعة.
يذكر الموقع المتخصّص بالسينما "ديدلاين. كوم" أن الانطلاق الدولي (أي عروض اليوم الأول فقط) حقّقت 615 مليون دولار أمريكي (بطاقات مبيعة قبل أسابيع عديدة في مدن كثيرة في العالم)، في مقابل ميزانية مُقدَّرة بـ200 مليون دولار أمريكي. يذكر الموقع أنه لا أحد في شركة "ديزني"، صاحبة الملكية الفكرية والعوالم كلّها الخاصّة بـ"حرب النجوم"، يؤكّد الرقمين هذين.
الموقع الإلكتروني الآخر "فاندانغو" يذكر أن الفيلم يُدخل في خزينة المنتجين 5.6 مليون دولار أمريكي (إلى الآن) بفضل مبيعات متعلّقة بعروضٍ خاصّة بتقنية IMAX فقط. في حين أن "ستريت إنسايدر" (موقع إلكتروني متخصّص في شؤون المال والبورصة والاستثمارات) يقول إن هناك "إمكانية كبيرة" و"شبه محسومة" بأن تتعدّى الإيرادات الدولية عتبة ملياري دولار أمريكي كإيرادات دولية، تتوزّع على 700 مليون دولار داخل الولايات المتحدّة الأمريكية، و450 مليون دولار في الصين، البلد الذي ارتفع فيه عدد صالات السينما بنسبة 400% في الأعوام الخمسة الفائتة. أما الباقي، فيتأتي من عروضه خارج هاتين الدولتين.
الأهمّ من هذا كلّه كامنٌ في أن "لغة الأرقام ولعبتها" تبدآن معًا منذ أسابيع عديدة، ما يدفع البعض إلى التساؤل عمّا إذا كانت إيرادات "نهوض القوّة" قادرة على تجاوز إيرادات أخرى سابقة، خصوصًا أن هناك من يؤكّد إمكانية تجاوزها إيرادات "تايتانيك" (1997) لجيمس كاميرون (1.2 مليار دولار أمريكي)، مع أنه يُشير في الوقت نفسه إلى ما يُشبه "استحالة" تجاوزها إيرادات "آفاتار" (2009) لكاميرون أيضًا (7.2 مليار دولار أمريكي). فهل يبدِّل "نهوض القوّة" التوقّعات هذه، أم أنه سيلتزم بها؟
هذه أرقام مفيدة في عالمي المال والأعمال. السلسلة برمّتها تدرّ أرباحًا هائلة (نحو 5 مليارات ونصف المليار دولار أمريكي، إيرادات دولية للأفلام الستة السابقة)، علمًا بأن مبتكرها جورج لوكاس يبيعها من "ديزني" بـ4 مليارات و50 مليون دولار أمريكي (يُعلَن عن صفقة المبيع في 30 أكتوبر 2012). في المقابل، تحتمل السلسلة إسقاطات وتحليلات متنوّعة، تبدأ بالإنسانيّ، وتنشغل بأسئلة الميثولوجيا والفلسفة وعلوم النفس والاجتماع والأديان والحضارات القديمة والماورائيات. الملفات الخاصّة بمجلات أوروبية تُعيد قراءة السلسلة برمّتها، بناءً على المعطيات العلمية والفكرية والاقتصادية. دراسات تتوغّل في الصُور المرسومة للشخصيات، وفي البنى الحكائية والدرامية والقصصية للأحداث، وفي الرموز والإشارات والأنساب.
هذا الهوس الثقافي ـ الفكري بالسلسلة، المتِّخذ من الصحافة منبرًا للتعبير والتحليل والنقاش، يُذكّر بالتأثيرات الكبيرة لأفلام سابقة، كـ "تايتانيك" و"آفاتار" تحديدًا، و"ماتريكس" (خصوصًا الجزء الأول من الثلاثية، 1999) لآندي ولانا وأنشوفسكي مثلًا، التي غذّت العالم بقراءات تبتعد عن السينما كي تكشف أعماقًا محصّنة بصُوَر مؤثّرة لتمرير رسائل في السياسة والفكر والأديان.
هذا كلّه يتطلّب وقتًا لقراءته. لكن أكثر الأمور وضوحًا عشية إطلاق العروض التجارية للفيلم، كامنٌ في أن الغالبية الساحقة من محبّي السلسلة والمهووسين بها لا يأبهون إلاّ بأمر واحد فقط: مُشاهدة جديد "حرب النجوم".
"حرب النجوم 7" في أبوظبي أولًا..
لأن إمارة أبوظبي مستمرة في دعم مشاريع سينمائية دولية مختلفة، آخرها تصوير مشاهد من "حرب النجوم، الحلقة السابعة: نهوض القوّة" لجي. جي. أبرامز، فإن العرض التجاري الأول للفيلم خارج الولايات المتحدّة الأمريكية سيكون في صالاتها في 16 ديسمبر 2015، حسب إعلان رسمي لـ"twofour54".
فقد أكّدت الرئيسة التنفيذية لـ"twofour54" نورة الكعبي الأمر، قائلةً إن العرض المذكور، الذي يُقام قبيل بدء العروض التجارية الجماهيرية "يُعدّ برهانًا على نجاح عمليات التصوير والإنتاج التي تمّ تنفيذها في العاصمة الإماراتية". وأضافت الكعبي: "تضمّنت الإعلانات الترويجية كلّها المتعلّقة بالجزء السابع، حتى الآن مشاهد عدّة تمّ تصويرها في إمارة أبوظبي"، مشيرةً إلى أن الإعلانات هذه "حقّقت نسبة مشاهدة مرتفعة جدًّا"، معبّرة عن رغبتها في أن يشاهد العالم أبوظبي "من خلال أحد أهمّ وأضخم الإنتاجات العالمية على الشاشة الكبيرة".
يُذكر أن "twofour54" و"لجنة أبوظبي للأفلام" قدّمتا تسهيلات لفريق العمل الذي صوّر مشاهد مختلفة في موقعين اثنين في أبوظبي في مايو 2014، بمشاركة 650 شخصًا.
aXA6IDMuMTQzLjIzOS4yMTUg جزيرة ام اند امز