ربيع 1979.. عندما نجا كارتر من كارثة نووية و«أرنب بري»

شهد ربيع عام 1979 سلسلة من الأحداث ما زالت حيةً في ذاكرة الأمريكيين، حيث ارتبط حادث نووي بواقعة طريفة لأرنب بري مع الرئيس الأسبق جيمي كارتر.
الحادث النووي في محطة ثري مايلز آيلاند
في تمام الساعة الرابعة صباحًا يوم 28 مارس/آذار 1979، بدأت المأساة في وحدة الطاقة الثانية بمحطة ثري مايلز آيلاند النووية التي تقع بالقرب من هاريسبورغ، بولاية بنسلفانيا.
كانت المحطة تستخدم مفاعلاً مضغوطاً يعتمد على نظام تبريد بالماء لتوليد الكهرباء، وفي تلك الليلة حدث تسرب لماء التبريد مما أدى إلى فقدان الوقود النووي لمصدر تبريده الحيوي.
أدى هذا التسرب إلى توقف مضخة تغذية الدائرة الثانية، والتي تعد جزءاً أساسياً من نظام التبريد، مما استدعى تشغيل أنظمة الطوارئ تلقائيًا.
وفي محاولة للتحكم في الضغط المتصاعد داخل الدائرة الأولية، تم فتح صمام تخفيف الضغط، إلا أن هذا الصمام لم يغلق كما ينبغي بسبب خلل ميكانيكي، ما تسبب في تسرب المزيد من الماء.
تلا ذلك سلسلة من المشكلات الفنية؛ إذ ظهرت قراءات خاطئة على العدادات وفشلت العديد من المضخات، وكل ذلك نتيجة أضرار جسيمة في إجراءات الإصلاح والتشغيل بالإضافة إلى تأثير العوامل البشرية التي لم تكن مستعدة للتعامل مع مثل هذا الوضع الطارئ.
أسفر فقدان وسيلة التبريد عن انكشاف قلب المفاعل وحدوث انصهار جزئي، ما أدى إلى تكوّن فقاعة من غاز الهيدروجين نتيجة تفاعل مادة الزركونيوم المحيطة بالوقود مع البخار، وهو ما أثار مخاوف جدية من احتمالية حدوث انفجار كارثي. ولحسن الحظ، وبفضل نقص الأكسجين في البيئة المحيطة، لم يتحقق الخطر الأكبر.
كما تسربت غازات مشعة مثل الزينون والكريبتون إلى داخل مبنى احتوائي خاص بالمحطة، بينما صعدت كميات ضئيلة من اليود-131 إلى خارج النظام، مما اضطر المسؤولين إلى إصدار تعليمات لإخلاء المناطق الحيوية، لا سيما الحوامل والأطفال، لدرء خطر الإشعاع.
أدت هذه الأحداث إلى حالة من الذعر الجماعي بين السكان المحليين، حيث اضطر أكثر من 140 ألف شخص إلى مغادرة منازلهم في ظل ظروف غير مسبوقة.
وعلى الرغم من 14 عاما من عملية تنظيف المنطقة المحيطة بالمحطة وأكثر من مليار دولار، وعدم سقوط وفيات، لا يزال الحادث علامة فارقة في تاريخ الطاقة النووية الأمريكية.
تم تصنيف هذا الحادث بمستوى 5 درجات على مقياس "INES" الدولي، وهو تصنيف يُقارن لاحقًا بكارثتي تشيرنوبيل وفوكوشيما اللتين سجّلتا مستوى 7.
وقد قام الرئيس الأمريكي جيمي كارتر بزيارة تفقدية للمحطة في 1 أبريل/نيسان 1979 ليطمئن المواطنين على سلامة الوضع ويؤكد لهم أن الخطر قد تم احتواؤه.
حادثة الأرنب البري والرئيس كارتر
بعد مرور حوالي 18 يومًا على انتهاء أزمة المحطة النووية، خرج كارتر في رحلة صيد منفردة على قاربه في بلدة بلينز الريفية بولاية جورجيا، وهي منطقة يعرفها جيدًا لما تتمتع به من مناظر طبيعية خلابة وهدوء ريفي بعيد عن صخب المدن الكبرى. وفي خضم استمتاعه بالطبيعة والصيد، وقع حادث غير متوقع حينما بدأ أرنب بري بالسباحة نحو قاربه.
وفقًا للرواية التي رواها الرئيس كارتر لاحقًا لمساعديه، كان الأرنب يتحرك بجرأة غير معتادة، حيث حاول الصعود إلى القارب وهو يصدر أصواتًا مهددة، مما استدعى تدخل الرئيس سريعًا بمجذافه لطرده بعيدا عن قاربه، وهو ما نجح فيه.
عند عودة كارتر إلى مكتبه، شارك القصة مع مساعديه، الذين في البداية لم يصدقوا الرواية لكونها تبدو غير منطقية، خاصةً مع الاعتقاد الشائع بأن الأرانب لا تجيد السباحة ولا تتصرف بعدوانية تجاه البشر.
إلا أن زخم الحكاية تغير حينما تمكن مصور من البيت الأبيض من التقاط صورة تُظهر الأرنب أثناء سباحته بعيدًا عن القارب، مما منح الحكاية مصداقية إضافية وأثبت أن الطبيعة قد تحمل مفاجآت غير متوقعة حتى في أحلك الظروف.
aXA6IDMuMTQ0LjI1NS4xMDUg جزيرة ام اند امز