بولتون لـ«العين الإخبارية»: التهديد الإيراني محور الصراع في المنطقة
في حوار مع "العين الإخبارية"، يتحدث جون بولتون، المستشار السابق للأمن القومي الأمريكي، عن التحديات بالمنطقة ومخاطر التصعيد فيها.
ويسلط بولتون الضوء على رؤية دولة الإمارات العربية المتحدة، الاستراتيجية في مواجهة الأزمات، مشيرًا إلى أن الإمارات تدرك تعقيدات التهديدات في المنطقة بشكل أفضل من البيت الأبيض.
ويكشف بولتون عن توقعاته لخطوات إسرائيل القادمة في مواجهة حزب الله، محذرًا من أن الصواريخ الموجهة بدقة التي يمتلكها الحزب، تمثل تهديدًا هائلًا لإسرائيل والمنطقة بأسرها.
كما يطرح رؤيته حول احتمالية اندلاع حرب إقليمية شاملة، موضحًا أن الدور الإيراني في تسليح ودعم الجماعات الإرهابية هو العامل الرئيسي وراء هذه التوترات.
وأعرب بولتون عن خشيته من أن تكون الدول الأخرى في المنطقة أهدافًا محتملة للمليشيات الإيرانية لإشاعة الفوضى، مثل ما حدث في وقت سابق.
وإلى نص الحوار
- كيف ترى الوضع المتفجر في الشرق الأوسط؟ وهل تتوقع حربا إقليمية؟
مع مقتل حسن نصر الله والعديد من القادة البارزين في حزب الله وتعطيل اتصالاتهم، وجهت إسرائيل ضربة تكتيكية مهمة للحزب.. أعتقد أن ما سيأتي بعد ذلك هو أكثر أهمية بكثير، سواء ما إذا كانت إسرائيل ستقوم بتوغل بري شامل في لبنان، وهو ما حاولوا القيام به من قبل دون النجاح الكامل، أو ما إذا كانوا سيحاولون شيئاً آخر.
أعتقد أن القضية الأكبر الآن هي قدرة حزب الله الصاروخية، والتي قدرتها وكالة المخابرات المركزية الأمريكية (CIA) خلال وقت سابق بأنها تصل إلى 250,000 صاروخ، وهو رقم مذهل.
وفي الحقيقة على الرغم من أنه من الصعب تخيل أن حزب الله يمكن أن يمتلك هذا العدد الكبير من الصواريخ، لكن وكالة المخابرات المركزية الأمريكية تعتقد بوضوح أن ذلك ممكن، وهو تهديد هائل لإسرائيل والعديد من الدول الأخرى في المنطقة، وبالطبع، تم تمويله وحشده على مر سنوات بشكل رئيسي من إيران.
السؤال الكبير هو ما إذا كانت إسرائيل ستستهدف هذه القدرة؟.. كما قلت، أعتقد أن هذا هو السؤال الرئيسي للمنطقة الآن.
- ماذا عن الحرب البرية.. هل تعتقد أن إسرائيل سوف تشن حربًا برية واسعة في لبنان؟
أعتقد أنه من الممكن تمامًا أن ترسل إسرائيل القوات البرية للقضاء على مواقع حزب الله جنوب نهر الليطاني.
لا أدعي أن لدي معلومات داخلية، لكن ما أراه الآن يذكرني كثيرًا بعام 2006، أرى أن الإسرائيليين بالفعل داخل لبنان إلى حد ما، مع وحدات من القوات الخاصة أو ما شابه، لن أكون مندهشًا إذا دخلت المدرعات والمشاة بطريقة كبيرة. وكما قلت، أعتقد أن هدفهم الجغرافي هو تأمين منطقة جنوب نهر الليطاني، وأرى أن هذا هو مدى العمل البري، إذا حدث، فلن يتوجهوا إلى بيروت، لا أعتقد أن ذلك وارد في هذه المرحلة.
لكن كما ذكرت هذا ليس التهديد الأكبر الذي يشكله حزب الله، التهديد الأكبر هو الصواريخ الموجهة بدقة التي يمكن أن تصيب مراكز سكانية رئيسية في إسرائيل، مثل حيفا وتل أبيب، لكنني لا أعتقد أن ذلك يعني بالضرورة أن إسرائيل ستتوجه إلى شمال نهر الليطاني برياً، وإذا كانت تلك الصواريخ مخزنة هناك وإسرائيل تريد تدميرها، فإن الضربات الجوية ستكون ضرورية هناك.
وبصراحة لا أدري حقا كيف يمكن للضربات الجوية تحييد الترسانات الهائلة من صواريخ حزب الله، لكن هذا هو السؤال المجهول الكبير في هذه المرحلة.
- كانت هناك مساع دبلوماسية للحيلولة دون تفجر الوضع بين حزب الله وإسرائيل، في تقديرك لماذا فشلت هذه المساعي واندلعت الحرب؟
إذا التزم جميع الأطراف بقرار مجلس الأمن الدولي 1701 الذي أنهى حرب 2006 بين حزب الله ولبنان، لما حدثت هذه الحرب في الأساس.
كان من المفترض أن يمنح القرار الدولي الحكومة اللبنانية في ذلك الوقت السيطرة الوحيدة على الأسلحة داخل الأراضي اللبنانية، ويمنع إعادة تسليح حزب الله، وهو ما فشل بشكل كبير.
ثم إن الكثير من الصواريخ التي أطلقها حزب الله على إسرائيل بعد السابع من أكتوبر، تم اطلاقها من جنوب نهر الليطاني.
صحيح أنها صواريخ من طراز كاتيوشا، وليست صواريخ موجهة بدقة، وهو ما يجعلها صواريخ إرهابية فحسب، دون قدرة تدميرية كبيرة لكنها أجبرت أكثر من 60,000 إسرائيلي على إخلاء منازلهم في شمال إسرائيل.
ولذلك فإن هدف العمليات العسكرية الإسرائيلية يرتكز في الأساس على ضرورة تطهير جنوب نهر الليطاني، من عناصر حزب الله، ومن ثم القضاء على التهديد قصير المدى لحزب الله، والذي يسمح بعودة الإسرائيليين إلى ممتلكاتهم كذلك.
- هناك مخاوف عديدة من أن يؤدي التصعيد الإسرائيلي لحرب إقليمية، ومن ثم تتورط الولايات المتحدة، كيف تقيم الأمور؟
أعتقد أن الولايات المتحدة وجهت تحذيرات عديدة إلى إيران بأنه يجب ألا تهاجم إسرائيل مباشرةً، كما فعلت في أبريل/نيسان الماضي.
لقد قال الرئيس بايدن للإسرائيليين: "تقبلوا الانتصار ولا تردوا"، وتقبلوا الانتصار هنا لأن القليل من الإسرائيليين قُتلوا في تلك الضربة.
لكن لا أعتقد أن البيت الأبيض سيضغط على إسرائيل مرة أخرى بهذا الشكل، وإذا هاجمت إيران مرة أخرى، أعتقد أن إسرائيل سوف ترد وتستهدف أهدافاً رئيسية في إيران، مثل البرنامج النووي، ومرافق النفط، وقواعد الحرس الثوري.
أما بالنسبة للحرب الإقليمية، فإيران تواجه خيارات صعبة للغاية، فالحرب الحالية هي في الأساس صناعة إيرانية، فقد سلحت، ودرَّبت، ومولت هذه الجماعات الإرهابية على مدى عقود، بما في ذلك حماس وحزب الله، والحوثيين في اليمن، والمليشيات الشيعية في سوريا والعراق التي هاجمت المواقع الأمريكية منذ السابع من أكتوبر.
هذه ليست حربًا اقليمية بالمعنى التقليدي، لأننا نرى بالفعل حدود هذه الاستراتيجية من خلال "حزام النار" حول إسرائيل، لكنها يمكن أن تؤدي إلى مواجهة أكبر بين إيران وإسرائيل مباشرةً، فالتهديد المركزي للسلام والأمن في الشرق الأوسط هو النظام في طهران.
- وكيف ترى سياسة الرئيس جو بايدن في الشرق الأوسط، خاصة خلال هذه الأزمة؟
في الوقت الحالي، كما يمكننا أن نرى، ما زالت إدارة بايدن غارقة تحاول الوصول إلى وقف لإطلاق النار في غزة. وما يتعلق بأنشطة إسرائيل ضد حزب الله، لكن لا أرى أن هذا سيحدث.
التعامل مع الأزمة في غزة بمعزل عن الحرب في لبنان خطأ كبير، كان يجب التعامل مع كافة الملفات في نفس الوقت قبل انفجارها بهذا الشكل.