«الرجل ذو الألف طفل».. أغرب قصة لمتبرع بالحيوانات المنوية
في صباح أحد أيام شهر يناير/كانون الثاني من عام 2007، دخل شاب يدعى جوناثان ميجر أبواب عيادة خاصة في هولندا للتسجيل كمتبرع بالحيوانات المنوية.
كان تصرفًا يصر على أنه كان من منطلق الإيثار بعد أن رأى صديقًا يواجه وجعًا ناتجًا عن العقم، فأراد أن يقوم بواجبه لمساعدة الآخرين على إكمال حلمهم في تكوين أسرة.
وبعد مرور 17 عامًا، لا يستطيع سوى القليل أن ينكروا أن ميجر (43 عامًا) قد حقق أكثر من هدفه، إذ أنجب نحو 550 طفلًا في جميع أنحاء العالم، باعترافه الشخصي.
لكن هناك آخرين، من بينهم مبدعو فيلم وثائقي جديد ناجح على Netflix ، يعتقدون أن العدد يمكن أن يكون على الأقل ضعف ذلك، ومن هنا جاء العنوان اللافت للنظر لفيلمهم "الرجل ذو الألف طفل"، وهو سلسلة من 3 أجزاء.
ويعرض الفيلم الوثائقي وجهة نظر عدد من النساء والأزواج الذين أنجبوا أطفالًا من ميجر، الذين يقدمون عددًا من الادعاءات غير العادية عنه، مثلا اتهموه بالنرجسية المتطرفة والكذب عمدًا على أولئك الذين ساعدهم بشأن مدى أنشطته، إذ زعمت إحدى النساء أن ميجر قام سراً بخلط حيواناته المنوية مع متبرع آخر.
وفي رده على تلك الاتهامات، نقلت صحيفة "ديلي ميل" البريطانية عن ميجر إصراره أنه لم يرتكب أي خطأ، بل أسيء فهمه بشكل مؤسف.
ويزعم الهولندي أنه إذا كان مذنبًا بأي شيء، فهو "الانجراف في متعة مساعدة الآخرين في تكوين الأسرة التي يتوقون إليها"، وفقا لتعبيره.
وقال ميجر عن تبرعاته الغزيرة: "لا يعني ذلك أنني نادم على مساعدة أي شخص، إنها نعمة (مساعدة الآخرين) إذا كان بإمكانك تجربتها مرة واحدة فقط في الحياة، لكنني كنت أختبرها في عدة أيام، وما زلت أفعل ذلك، لكنني الآن سأتوقف". وكان آخر تبرع لماير في عام 2019.
وفي عام 2017، منعت الجمعية الهولندية لأمراض النساء والتوليد ميجر من التبرع مرة أخرى بعد أن تبين أن لديه 102 طفل في هولندا وحدها.
وبعد ست سنوات، منعته محكمة في هولندا من تقديم أي تبرعات أخرى على مستوى العالم، بعد دعوى مدنية رفعتها مؤسسة دونوركيند، وهي مؤسسة خيرية هولندية تساعد الأطفال من التبرع بالحيوانات المنوية على تتبع جذورهم، زعمت أنه كان يزيد من خطر سفاح القربى.
وخلال فترة نشاطه، أنجب ميجر، وفقا لحساباته الخاصة، المئات من الأبناء غير الأشقاء (أكبرهم يبلغ من العمر 16 عامًا وأصغرهم 5 سنوت)، وهم منتشرون في جميع أنحاء العالم.
ووصف ميجر نفسه، خلال حديثه مع الصحيفة البريطانية، بأنه محافظ، ومرتاد للكنيسة المسيحية، ولكنه أيضًا "روح متحررة"؛ قريب من والديه وإخوته، وعلى الرغم من مساهمته الوفيرة في الجينات العالمية ليس لديه عائلة خاصة به بعد.
من المؤكد أن خلفية ميجر كانت تقليدية. كان واحدًا من ثمانية أشقاء، وقد نشأ في لاهاي على يد أب فنان، جمع بين إنتاجه الإبداعي ووظائف أخرى للمساعدة في تغطية نفقاته، وأم ربة منزل.
وقال الهولندي عن والديه: "لقد قاموا بعمل ممتاز. يشير الأشخاص في الفيلم الوثائقي إلى أنني لم أحظ بالاهتمام، أو أنني كنت غير سعيد، لكن لدي أفضل الذكريات".
كان ماير يأمل في البداية في متابعة حبه للموسيقى بشكل احترافي، لكنه استقر على مهنة المعلم، وعمل لما يقرب من عقد من الزمان في تدريس الدراسات الاجتماعية، قبل أن يترك المهنة ليعيش حياة أكثر استرخاءً، ويتنقل بين الوظائف الغريبة والسفر الدولي والعمل العرضي كموظف أو موسيقي أو عازف.
ويحكي عن فكرة التبرع بالحيوانات المنوية، قائلا إنه كان في الجامعة عندما خطرت له فكرة التبرع بالحيوانات المنوية لأول مرة، بفضل صديق وثق به وحكى له عن عقمه، وأنه أصبح مكتئبا، وشعرت وقتها بالفضول وقرر البحث في الأمر.
وقال ميجر إنه خلال بحثه صادف قصص المانحين والمتلقين، مضيفا: "أردت أن أفعل شيئًا ذا معنى في حياتي، وكانت هذه طريقة لمنح شخص ما شيئًا ذا قيمة كبيرة".
وعندما بات يبلغ من العمر 26 عامًا، سجل في أول عيادته في صباح ذلك اليوم من شهر يناير/كانون الثاني من عام 2007، بعد 3 سنوات من تغيير البلاد للقانون الذي يمنح الأطفال الذين يولدون من حيوانات منوية متبرع بها الحق في معرفة هوية المتبرع.
وعلق: "في Netflix، يصورونني على أنني شخص مجنون، لكنني كنت مدركًا تمامًا للعواقب المترتبة على كوني متبرعًا بـ(هوية مفتوحة)، إذ سوف تتأثر عائلته أيضاً بشكل غير مباشر".
في حين أنه بموجب المبادئ التوجيهية الهولندية، لا يُسمح للمتبرعين بإنجاب أكثر من 25 طفلاً، ذهب ميجر بعد ذلك إلى عشر عيادات أخرى في جميع أنحاء هولندا، وانضم أيضًا إلى عيادة Cryos الدولية التي يوجد مقرها في الدنمارك، على الرغم من أنه اشترط أن حيواناته المنوية لا يمكن إرسالها إلى هولندا.
وردا على اتهامه بالنرجسية وعدم الاكتفاء بعيادة واحدة للتبرع، قال: "أعتقد أنك إذا نظرت إلى حياتي اليومية، وتحدثت إلى أصدقائي، فلن يدركوا ذلك. أحاول أن أكون شخصًا لطيفًا، وبالنسبة لي كنت أساعد في أجزاء مختلفة من البلاد".
وتابع: "لم تسألني أي من العيادات الفردية، باستثناء واحدة، عما إذا كنت قد تبرعت في أي مكان آخر، والعيادة التي فعلت ذلك، عندما أجبت بنعم، أخبرتني أنها لا تستطيع قبولي".
وأكمل: "بالتأكيد لا مشكلة. لكن الآخرين لم يسألوا. لو كانوا قلقين إلى هذا الحد، لكانت العيادات قد اتصلت ببعضها البعض".
وبحلول عام 2017، وبعد تحقيق تم إجراؤه بعد أن تلقت إحدى العيادات رسالة بريد إلكتروني من مبلغ مجهول، تبين أن ميجر أنجب 102 طفل في هولندا وحدها.
وعن ادعاء امرأة تدعى باتريشيا، بأنه قام بخلط حيواناته المنوية مع متبرع آخر قبل تسليمها من أجل معرفة أي الجينات أثبتت أنها الأقوى. يقول: "إنه أمر مثير للاشمئزاز، وسأقاضي Netflix بسبب شيء غير صحيح وأعلم أنه ليس لديهم أي دليل عليه على الإطلاق".
aXA6IDE4LjExNy4xOTIuNjQg جزيرة ام اند امز