الأردن وأحكام «فوضى الإخوان».. الردع يُعزز خناق الحظر

أحكام قضائية بحق مدانين في "خلية الفوضى" الإخوانية بالأردن تعزز خناق المملكة على الجماعة المحظورة قبل أشهر.
والأربعاء، أصدرت محكمة أمن الدولة في الأردن أحكاما بالسجن لفترات تراوحت بين 3 سنوات و15 سنة، بحق تسعة أردنيين دينوا بتهم "الإرهاب" في قضية مرتبطة بالجماعة.
والقضية تشمل محاولات استهداف الأمن الأردني وإثارة الفوضى داخل المملكة، وسبق أن كشف عنها منتصف أبريل/نيسان الماضي.
وحينها، أعلنت السلطات القبض على 16 شخصا بينهم ثلاثة من الإخوان، ووُجّهت لهم تهم تتعلق بالإرهاب على خلفية مخططات لاستهداف أمن المملكة تشمل تصنيع صواريخ وحيازة مواد متفجرة ومشروعا لصنع طائرة مسيرة وتدريب وتجنيد.
وبعد أيام من القبض على الموقوفين حينها، أعلنت السلطات الأردنية حظر جميع نشاطات الإخوان وإغلاق مقار الجماعة ومصادرة ممتلكاتها، متهمة إياها باقتناء أسلحة والتخطيط لزعزعة أمن الدولة.
رسالة ردع
في قراءة سريعة لواقع الأحكام، يرى المحلل السياسي والخبير الإستراتيجي الأردني الدكتور منذر الحوارات، أن العقوبات المشددة مثل الحكم بالسجن 15 عاما في قضايا تصنيع الصواريخ، "تمثل أداة ردع فعالة تعكس جدية الدولة الأردنية في التعامل مع التهديدات الأمنية".
ويقول الحوارات، في حديثه لـ"العين الإخبارية"، إن هذه الأحكام "تحمل بعدا نفسيا رادعا للمتورطين، وتبرز اعتماد الدولة على العقوبات القانونية بعيدا عن الحسابات السياسية، بما يعزز من استقلالية القضاء ومصداقيته".
ويضيف أن الأحكام الصادرة عن محكمة أمن الدولة تجسد رسالة واضحة بأن القضاء هو المرجعية العليا وصاحب القرار النهائي، وأن كل من يتجاوز القانون سيحال إليه، في خطوة تشدد على أن الدولة الأردنية لا تتهاون مع القضايا التي تمس أمن المجتمع واستقراره.
ورغم أن العقوبات تشكل وسيلة ردع قانونية، إلا أنها لا تكفي وحدها لمنع تكرار الجرائم، إذ إن أشد العقوبات بما فيها الإعدام لم توقف جرائم القتل، بحسب الحوارات.
الاستبقاق ضروري
الحوارات يرى أيضا أنه "من هنا تبرز أهمية الإجراءات الاستباقية مثل تعزيز المراقبة وتكثيف العمل الاستخباراتي وتطوير آليات للكشف المبكر عن التهديدات، بما يسهم في حماية الأرواح ومنع وقوع الجرائم قبل حدوثها".
وأشار المحلل السياسي إلى أن التطور التقني يتيح أدوات جديدة للرقابة على المشتبه بهم، شريطة أن تستخدم هذه الوسائل بحذر ودون المساس بالحريات العامة بما يحقق التوازن بين حماية الأمن الوطني وصون الحقوق الأساسية للمواطنين.
وشدد على أن دور القضاء كأداة ردع في القضايا الأمنية يظل محوريا، شريطة أن يتمتع القضاء بالحرية والنزاهة والشفافية وأن تتخذ الإجراءات بسرعة وفاعلية بعيدا عن الضغوط السياسية أو تأثير الرأي العام.
وأكد أن هذا النهج يعزز ثقة المجتمع بالقضاء كمرجعية أساسية، ويسهم في تهدئة الأوضاع وترسيخ الشعور بالأمان، خصوصا في القضايا ذات البعد الأمني الخطير.
القضاء فيصل
من جانبه، يرى رئيس الجمعية الأردنية للعلوم السياسية الدكتور خالد شنيكات أن الأحكام الصادرة عن محكمة أمن الدولة في قضايا تصنيع الصواريخ ليست نهائية، حيث ما زالت قابلة للطعن أمام محكمة التمييز التي قد تقرر تثبيتها أو نقضها استنادا إلى الدفوع القانونية الجديدة التي قد يقدمها الدفاع.
وأوضح في حوار لـ"العين الإخبارية" أن العقوبات المشددة مثل الحكم بالسجن 15 عاما تعد أداة ردع مهمة، خصوصا أن القضية لم تسفر عن وقوع ضحايا أو أحداث دامية داخل الأردن "الأمر الذي لا يستدعي اللجوء إلى عقوبة الإعدام".
لكن شنيكات شدد في الوقت ذاته على أن مجرد التفكير في تصنيع الأسلحة أو تشكيل تنظيمات مسلحة يمثل خطرا جديا يستوجب الحزم القضائي.
وأشار إلى أن الدور الأمني يتمثل في ضبط المتهمين وجمع الأدلة فيما يتولى القضاء استكمال هذا الدور عبر التحقق من الوقائع والبيانات وإصدار الأحكام وفق القانون.
وأضاف أن هذه القضايا تمر أولا عبر محكمة أمن الدولة ثم تُعرض على محكمة التمييز باعتبارها المرجعية النهائية.
وفي السياق ذاته، لفت شنيكات إلى أن المجتمع الأردني بطبيعته يرفض أي محاولات تهدد أمنه واستقراره، مؤكدا أن مثل هذه الشبكات لا تحظى بأي قبول شعبي وأن الأردنيين جميعا يتطلعون إلى الحفاظ على الأمن والاستقرار باعتبارهما أولوية وطنية.
تفاصيل الأحكام
في قضية تصنيع الصواريخ، قررت المحكمة إنزال العقوبة الأشد (15 عاما) بحق المتهمين عبد الله هشام ومعاذ غانم، وحكمت عليهما بالأشغال الشاقة، فيما قضت بسجن الثالث محسن غانم 7 سنوات ونصف.
وأدانت المحكمة المتهمين عبد الله ومعاذ بتهمة تصنيع أسلحة بقصد استخدامها بصورة غير مشروعة بالاشتراك، بينما وجهت لمحسن تهمة التدخل في عملية التصنيع لذات الغاية.
كما أدانت المحكمة المتهمين الـ3 بتهم تتعلق بالإخلال بالنظام العام وتعريض سلامة المجتمع للخطر.
أما في قضية التجنيد، فقد حكمت محكمة أمن الدولة بسجن المتهمين مروان الحوامدة وأنس أبو عواد لـ3 سنوات و4 أشهر مع الأشغال الشاقة بعد إدانتهم بأعمال من شأنها تهديد النظام العام وأمن المجتمع.
وفي ملف التدريب على أعمال غير مشروعة، أصدرت المحكمة حكمابالسجن لـ3 سنوات و4 أشهر بحق كل من خضر عبد العزيز وأيمن عجاوي ومحمد صالح وفاروق السلمان، مع الأشغال الشاقة، بعد ثبوت قيامهم بتدريب شبان على أنشطة غير قانونية من شأنها الإخلال بالأمن.
وفي قضية الطائرات المسيرة (الدرونز)، فقد قررت المحكمة إعلان عدم مسؤولية 4 متهمين وهم: علي أحمد قاسم، عبد العزيز هارون، عبد الله الهدار وأحمد خليفة، وذلك لعدم توافر القصد الخاص الذي يشترطه القانون لقيام الجريمة، وأمرت بالإفراج عنهم.
وتخضع جميع هذه الأحكام للطعن أمام محكمة التمييز.